كيف لبشر ان « يجز « رقبة انسان ، وان ينحره ، وان يعرض اكوام الرءوس ، سائلة الدماء ، بوعى وقصد، وربما فخر ؟ ما نراه اليوم على الشاشات ، من « داعش» واخواتها ، فعلته من قبل جماعات النازى ، والخمير الحمر، جرائم المستعمر فى العديد من بقاع الارض بغية الاستحواز على موارد الشعوب .تاريخ البشرىة حافل، ومتناقض ايضا ، من نفس الفصيل الواحد ، ،او الجماعة الواحدة ، هناك من يتباكى على حقوق مهدرة ، ومن بوعى وقصدية « يذبح» كل الحقوق ، ربما بابتهاج وسرور. القسوة، او الوحشية الجماعية ، وان كانت تجسيدا» لشرور» الانسان ، فانها تختلف عن العنف ، وليست هى العدوان . القسوة من شرور الانسان والعقل البشرى ، التى دعت باحثة ككاتلين تايلور ، ان تسعى فى مقاربة علمية ، لفحص ظاهرة انسانية ، بمعنى ان ممارسهيا ممن يصنفون من داخل الجماعة البشرية ، ولكن افاعيلهم تخرجهم الى تخوم يبرا منها حتى بعض ممالك الحيوان .موضوع صعب ومركب ومربك و الباحثة بدات السعى نم اول السطر ، من التعريف. القسوة التى بعد تفكيك المعنى تشير الى فاعل ، وفعل وضحية ، هى انزال لاذى ، يحدث معاناة ، والم للضحية، بواسطة فاعل لديه قصدية ، ويشعر بابهاج ولامبالاة ، ازاء ما يفعل ، يعنى هى شيء ارادى ومتعمد، ونحن هنا لا نتكلم عمن نعتبرهم اصحاب مرض عقلى ، نحن ازاء حالة فاعل « يبتهج بالالم ولا يبالى بما فعل ، فى نفس الوقت . هناك تفسيرات اخلاقية ، وكذلك احكام اخلاقية ، لكن الباحثة تتغول اكثر واكثر فى سعيها ، عبر التاريخ وفلسفة الاخلاق ، فالقسوة سلوك طوعى ، ويصبح رغبة طاغية احيانا ، حيث يسمى نزعة قهرية . القسوة ، غير مقبولة تحت اى ظرف وقد اعلنت حركة حقوق الانسان ان عموم وجميع الجنس البشرى « مجتمعا واحدا « واصرت ، على الشيء نفسه جماعات حقوق الحيوان ، غير هناك دوما ومنذ البدا ، نوع من الفكر الانتقائى ، تبنته «اثينا» قديما، والولاياتالمتحدة حديثا، فكر اسس لمسار كانت فيه الديمقراطية ، دربا لاستبعاد واقصاء والاستثناء ، بل والقسوة . تقول الباحثة نتالى تايلو فى كتابها المعنون ( القسوة .. شرور الانسان والعقل البشرى ، ترجمة فردوس عبد الحميد البهنساوي) انه فى السياسة الدولية ، فان الولاياتالمتحدة تتبع الاسلوب الانتقائى ، فى مدى جواز رفض او قبول القسوة، ليس فقط مع اعدائها الخارجيين ، ولكن فى الداخل ، وضربت الباحثة مثلا محددا فى هذا السياق ، هو تعامل الولاياتالمتحدة مع قضايا الارهاب ، فهى انتقائية وبامتياز ، لما تحابى ما يتوافق مع مصالحها سوا ء اتسق مع منظومة الاحلاق الوضعية او تناقض . المستوى الذى تتعامل به الباحثة مع مفهوم «القسوة الشريرة» لو جاز التعبير ، مستوى لا يخلو من البعد الفلسفى ، وما توصلت اليه ادراكات علم النفس ، وان كان يسمح حتى لغير الاكاديميين بالتواصل مع البحث ، وتامل لماذا يصل فصيل من البشر الى هذا الدر ك ، بدا من فردية الممارسة ، وحتى المذابح الجماعية . ولاجل الاجابة توقفت عن « جمود القلب» ونظرت الى ما اسمته « اليات السلوك القاسي» ، وشبكة الاسباب التى تنسج فى عقول البشر ، وغاصت بتان فى بحر خلايا المخ البشري، تلك الكتلة الرخوة التى يتولد منها « القسوة» : كيف ياخذ مخ الانسان حزمة من المؤثرات ، تتحول الى فعل ذكى وحقيقى ، وهذا الجزء العلمى يحتاج الى جهد ليعيه القارئ ، ففيه خارطة مفصلة للكيفية التى بها تتشكل منها البواعث الاولى « للقسوة» ، او لنقل السياق المؤدى ، من العنف الرمزى وحتى النحر. يمكن القول اننا ازاء محاولة لتاسيس فهم جذرى لما تراه حولك من تجليات السياسة والاجتماع ، وكيفية ودور « المعتقد» و» النسق» ، وتاثير التفاعل بين البعدين . لكن بالامكان ايضا تامل الجنس البشرى الذى يطرح نفسه ، باعتباره ارقى المخلوقات ، وكيف يصبح اقسى كثيرا من المخلوقات الاخرى ، حتى على المستوى الفردى ، لماذا نكون غالبا قساة القلوب مع المقربين ومن نهتم بهم ، مع انه وفقا للنشوء والارتقاء ، لو نحينا المعتقد لبرهة ، وعدنا الى الجذور ، فانه كان وفقا للنشوء والارتقاءكان ينبغى « للقسوة» ان تكون باتجاه الغرباء . تقول الباحثة ان طاقة البشر فى الاستدلال على من يكون اولى بالقربى ، ليست الية ، ( بقدر اجتهادى فى الفهم ، ان القاعدة الدينية التى تنبهنا الى ان الاقربين « اولى بالمعروف « ، لا يمكن الاطمئنان الى وصول الانسان اليها تماما بصورة تلقائية ) فالاصطفاء الطبيعى لا يتكرملا يتكرم بالصدقات ولا يعطى لافته باسماء ، بحسب نص البحث ، ، والجنس البشرى وان كانت لديه نظم حساسةلكشف الغش ولتقييم الاخلاص ، ولكن كماادرك « عطيل « شكسبير ، فان معظم هذه انظم لا تصدق دائما . لا يفاجا المرء فى مثل هذه الكتابات ،بمدى تعقيد النفس البشرية وكيف للنفس الواحدة ان ترتكب من الفظائع اهوالا ، ثم تدلل اطفالها وتعانقهم فى الفترات الفاصلة بين جرائمها ، قد يستمر نفس الشخص ، مشايعا لعقيدة او لمنظومة اخلاقية ، وممارسا بغيا للقسوة التى تصل الى الوحشية ، الايديولوجيات وكيف تؤثر على فى مدى «انتشار القسوة المفرطة» .كما ان هذه الأيدولوجيا قد تجعل من القسوة شيئا معتادا وشائعالدرجة معها يصير مقبولا فى المجتمع ، وتلك من النذر الخطيرة «القسوة » .. صارت علما ، واتسعت تطبيقات العلم والبحث فى اطار رؤية صارت « تعولم الوحشية» بمبررات برجماتية مختبئة ومتخفية، ومتغلغلة فى ثنايا بروتوكولات تتالف والمعتقد ، لتحفز اصحابه نحو بنية عقلية مؤهلة للقسوة . المعتقدات ، يتم احتلالها بانماط ذهنية وعصبية موجهة . عندما يواجه بعض اصحاب العقائد بمدخلات قد تجعل غيره ممن هم اقل التزاما بعقائدهم يعدلون من افكارهم او يتركونها ، فانه يرى من الاسهل ان يعدل هو هذا العالم ، ليشكل العالم الواقعى وفق رؤيته . «القسوة « والوحشىة ، مثل اى سلوك انسانى يتدخل فيها العقل وتحدث بواسطته ، وهى وان كانت مفهوما اخلاقيا ، فهى فعل طوعى مقصود ، ومن هى على عكس الاعتقاد السائد ، الذى يرى بذرتها فى تشكل مشاعر الحقد والكراهية ، « القسوة » محصلة للفشل . لمزيد من مقالات ماجدة الجندى