فى الوقت الذى تمثل فيه السودان البعد الاستراتيجي لمصر، ولا بديل عن تفعيل جميع البروتوكولات الموقعة بين البلدين الشقيقين فى القطاع الزراعى، جاء المهندس الزراعى رضا إسماعيل وزير الزراعة وإستصلاح الأراضى ليسبح كعادته ضد التيار مصدرا قرارا وزاريا مفاجئا أراه غير مسئولا، بإنهاء عمل الفريق البحثى المشرف على العمل بالمزرعة المصرية بالسودان والبالغ مساحتها نحو 10 آلاف فدان، وهو ما يعنى إيقاف العمل بالمزرعة تماما والتى تمثل النواة الأولى لأعمال الإستصلاح التجريبى فى المساحات المخصصة لمصر من الحكومة السودانية والمقدرة بنحو 1.25 مليون فدان وتستوعب نحو 200 ألف عامل مصرى. وبطبيعة الحال فإن مثل هذه القرارات العشوائية التى تفاجئنا بها حكومة الدكتور الجنزورى التى تحتاج إلى من ينقذها قد تسبب أزمات بين الدول التى إحترمت تعاقداتها وإتفاقياتها مع مصر، وهو ما ينطبق مع هذا القرار الذى تسبب فى أزمة حادة مع الجانب السودانى الذى إلتزم بتوفير الأرض وتعهد بتحمل تمويل كافة التكاليف الإنتاجية لزراعة القمح لمصر فى هذه المساحات المخصصة لها كمرحلة أولى وتجهيز الأرض للزراعة، وإشترط فقط على مصر أن توفر الخدمة الفنية للزراعة، على أن تكون العمالة الزراعية من الجانبين المصرى والسودانى لضمان الأداء الأمثل للمشروع وفصل الإدارة عن العمل الفنى بتشكيل لجنة فنية بقرار من وزيرى الزراعة فى البلدين لمدة عام وإذا بالمهندس الزراعى محمد رضا إسماعيل وزير الزراعة يسحب خبرائنا من السودان دون سابق إنذار أو حتى إيضاح الأسباب التى لن تتجاوز حسبما علمت ترشيد النفقات!!. والحق يقال أن ذلك القرار الغير موفق لم ترض عنه أطراف عديدة بالحكومة وإلا ما إعترضت بشدة السيدة فايزه أبوالنجا وزيرة التعاون الدولى وما عبرت عن إستياءها من قرار وزير الزراعة وتم تبادل الخطابات السرية التى تهدف إلى إثناء وزير الزراعة عن قراره وترك الخبراء يعملون فى السودان، وخاصة أنه يهدد بوقف بروتوكولات التعاون الزراعى بين مصر والسودان، ويكفى إعتراض الجانب السودانى ورفضه عودة الخبراء المصريين دون مبرر واضح وقوى. بقى أن أذكر أن المزرعة المصرية فى السودان تعد أحد أبرز المزارع المصرية النموذجية المخصصة لزراعة القمح والذرة فى أفريقيا وتم العمل بها بقرار رئيس الوزراء السابق الدكتور عصام شرف، وتقع في ولاية سنار بالسودان، وتم البدء فعليا فى إستصلاح ألف فدان وإستزراعها خلال فترة لا تتجاوز 3 أشهر ورفع عليها علم مصر خفاقا ليضيف إلى رصيد مصر أفريقيا الكثير.. فهل يعود الوزير فى قراره. المزيد من مقالات محمد غانم