بعيدا عن المفاوضات الرسمية بشأن سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، فإننا نأمل العودة إلى توطيد العلاقات بين الشعوب التى هى الأصل، والتى فى يدها كل الحلول. لقد تأخرنا كثيرا فى تقريب العلاقات بين شعبنا فى مصر والشعب الاثيوبى الشقيق، ومن الطبيعى أن يكون الملام فى هذا الشأن هو نظم الحكم التى كانت حاكمة خلال الفترات السابقة. وإذا كنا قد تأخرنا كثيرا، فلا ينبغى أن نتأخر أكثر، ولنبدأ من الآن فى التقارب بين الشعب المصرى والشعب الاثيوبى، ويمكن أن نبدأ على الفور بتشكيل وفد شعبى كبير للقيام بزيارة أخوية للشعب الاثيوبى، ومن الضرورى أن يمثل هذا الوفد كل فئات الشعب المصرى من رجال الدين والسياسيين ورجال الأحزاب، ومن الصحفيين والإعلاميين والفنانين، وأساتذة الجامعات والمهندسين والمحامين والأطباء، ومن العمال والفلاحين والشباب، وممثلين للمرأة المصرية، على أن يرأس هذا الوفد الشعبى الكبير قداسة البابا تواضروس (بابا الكنيسة المرقسية) لما عرف عنه من وطنية صادقة، ولأن الكنيسة المصرية لها موضع التقديس لدى الكنيسة الاثيوبية نظرا للعلاقات التاريخية الوثيقة بين الكنيستين، مما سيضفى على الوفد الشعبى كل المهابة والتقدير والجدية. ومن الطبيعى أن يسبق ذهاب الوفد إلى أديس أبابا وضع برنامج تفصيلى للزيارة، بالتعاون بين السفارة المصرية فى أديس أبابا والسفارة الاثيوبية فى القاهرة، ومن الطبيعى أن يبدأ البرنامج بزيارة الكنيسة الاثيوبية فى أديس أبابا، ثم تبدأ بعد ذلك اجتماعات كل فصيل من الوفد بنظيره الاثيوبى حسب البرنامج التفصيلى المقرر وأن يكون الشعار العام لهذه الاجتماعات الشعبية أننا جميعا إخوة وأبناء قارة واحدة ونعيش جميعا على مياه نهر واحد هو «نهر النيل» وأن مصر تقف بكل قواها مع مشروعات التنمية من أجل الشعب الاثيوبى، وأنها لا تتوانى عن المساهمة فى هذه المشروعات التنموية ومن بينها «سد النهضة» وفى المقابل، على الاشقاء من أبناء أثيوبيا إن يكونوا على علم تام أن مياه النيل بالنسبة لمصر هى شريان الحياة، وأنه لا حياة للمصريين بدون مياه النيل، وأنه بالإرادة الشعبية للشعبين يمكن تذليل كل الصعاب وإيجاد حلول إيجابية لأى مشكلة مهما كانت صعوبتها. ومن الطبيعى أن يقوم نيافة البابا تواضروس خلال هذه الزيارة بتوجيه الدعوة عن طريق الكنيسة الاثيوبية لوفد شعبى كبير مماثل يمثل كل فئات الشعب الاثيوبى للقيام بزيارة شعبية إلى الشعب المصرى. والمؤكد أنه سيكون لهذه الزيارة الشعبية والرد عليها بزيارة مماثلة من الجانب الاثيوبى أثر كبير فى تذليل أى صعوبات بين مصر وإثيوبيا. أما عن تكاليف ونفقات هاتين الزيارتين الشعبيتين، فمن السهل أن يتحملها عن طيب خاطر صندوق «تحيا مصر»... لأنها بالتأكيد تمثل جهودا شعبية مخلصة وصادقة من أجل مصر... وفى حب مصر. لمزيد من مقالات فؤاد سعد