حذر علماء الدين من استمرار تجاهل ظاهرة أطفال الشوارع الذين ضاقت بهم دور الرعاية وجمعيات الإيواء وتحولوا إلى قنابل موقوتة تهدد امن واستقرار المجتمع. وطالبوا بضرورة تضافر جميع مؤسسات الدولة لاحتواء هذه الظاهرة والقضاء عليها من المجتمع بعد أن تم استغلال هؤلاء الذين لم يعودوا أطفالا, بل هم شباب وشابات لم تستوعبهم الحياة السوية, فوجدوا أنفسهم بلا مأوى أو معيل أو أسرة تحتضنهم، ويتم استغلالهم فى الأحداث الأخيرة لتحقيق مكاسب سياسية. يقول الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، أن أطفال الشوارع، يجب كفالتهم بصورة تحافظ على إنسانيتهم، وتهيئتهم ودعمهم ليكونوا أفرادًا نافعين للمجتمع وللوطن، بعد أن أصبحت تتنامى بشكل كبير وتزداد خطورتها، مما يضعنا أمام مسئولية كبري، وواجب يحتم علينا الإسراع برعايتهم وإعادة تأهيلهم لدمجهم فى المجتمع، كما أنهم يشكلون عبئًا ثقيلاً على الدول، وإذا لم تتدارك الدول والحكومات بالتعاون مع المجتمع المدنى هذه المشكلة وتعمل على حلها بسرعة، فإن الخطر سوف يزداد. وأوضح المفتى أن الإسلام حث كذلك على التكافل بين أفراد المجتمع، بل فى تاريخ الدول الإسلامية وجدت الأوقاف التى أوقفها الأغنياء وأصحاب الفضل لرعاية المشردين وذوى الحاجة، لأن الإسلام لا يعرف المسلم الذى يعيش وحده معزولاً عن مجتمعه ولا يسهم بإيجابية فى حل مشكلاته، فالمسلم حقًّا هو من يسعى جاهدًا فى رفع معاناة الناس وتخفيف آلامهم متمثلاً قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ فَضْلُ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ). ولفت مفتى الجمهورية إلى أن علاج هذه الظاهرة يحتاج إلى جملة من المراحل من بينها الوقاية لعدم زيادة أعداد أطفال الشوارع والمشردين، وتثقيف المجتمع وزيادة وعيه الدينى والمجتمعى فى كيفية التعامل مع هذه الظاهرة وعلاجها. من جانبه قال الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئه كبار العلماء، أن المسئولية فى ظاهرة أطفال الشوارع تقع فى الأساس على الأسرة التى غاب عنها الوازع الدينى والتفكك العائلى الذى هو أساس بناء الأسرة والوضع الاجتماعى المتردى الذى يعانيه هؤلاء الأطفال ومن ثم أجهزة الدولة التى لم تجد حلا للمشكلة. وطالب كل أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدنى بضرورة التضافر والقضاء على هذه الظاهرة التى انتشرت بصورة مفزعة فى مصر خلال السنوات الأخيرة ، وحصر هؤلاء الأطفال على مستوى الجمهورية وإعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا وسلوكيا وتأهيلهم لسوق العمل وخلق البيئة المناسبة لهم من خلال فريق متكامل من المدرسين المؤهلين . مسئولية الدولة والأسرة وفى سياق متصل يقول الدكتور عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن هؤلاء لم يعودوا أطفالا, بل هم شباب وشابات لم تستوعبهم الحياة السوية, فوجدوا أنفسهم بلا مأوى أو معيل أو أسرة تحتضنهم يدفئها, فاتخذوا أماكن يعلمها القاصى والدانى مأوى لهم, بعد أن ضاقت بهم دور الرعاية وجمعيات الإيواء, ونحوها, وهؤلاء ليسوا قنبلة موقوتة, بل إن هذه القنبلة انفجرت منذ زمن بعيد, وهذا بيِّن من كثرة الأطفال اللقطاء, والشباب الضال الذى اتخذ الجريمة متنفسا له للتعبير عن ظلم المجتمع له, وعدم اكتراثه بوجوده, أو اهتمامه به, ومما لم يعد خافيا على أحد أن حالات التحرش, والاغتصاب, والسرقة بالإكراه, والإتلاف, والقتل, وقطع الطريق, وإحراق المرافق ومؤسسات الدولة, وتقويض أمن المجتمع, وإفشال كل تقدم يسعى إليه أفراده, كان وراءه عدد ليس بالقليل من هؤلاء. وأضاف: إن هذه الظاهرة نتاج أسر تعانى الفاقة وضيق ذات اليد, لا يجد أفرادها مأوى يتسع لجميعهم, وبالأولى لا يوجد لهم قوت يقتاتونه, فضلا عن الكساء, والشعور بالأمن نحو المستقبل, ناهيك عن توفير العمل المناسب لرب الأسرة, والرعاية الصحية أو الاجتماعية, فتكون النتيجة الحتمية تفكك هذه الأسرة, وانفراط عقدها, ليذهب كل فرد فيها لحال سبيله يلتمس أسباب الحياة بطريقته الخاصة.