لماذا اتخذت روسيا والصين هذا الموقف السلبي المتشدد بشأن سوريا في مجلس الأمن الدولي؟ سؤال يتردد في العالم العربي, والإجابة عليه يمكن إيجازها في: { زوال النظام السوري يعني أفول شمس روسيا في المنطقة, فدمشق هي آخر حصون موسكو في الشرق الأوسط, بعد أن فقدت مواقعها في العراق, واليمن, وليبيا, والجزائر, ومصر. { لروسيا مصالح مع النظام السوري تتمثل في القاعدة العسكرية بميناء طرطوس علي البحر المتوسط, ومطار تدمر, فضلا عن صفقات السلاح. { تريد روسيا من خلال الملف السوري العودة إلي الساحة الدولية كلاعب أساسي له كلمة مسموعة في القضايا الدولية, مستغلة في ذلك انشغال أمريكا ببدء الحملة الانتخابية الرئاسية الأمريكية, وحل المشكلة الاقتصادية العالمية. { يرغب الرئيس الروسي بوتين في أن تكون عودته إلي الرئاسة قوية من خلال الظهور بمظهر البطل القومي الذي أعاد لروسيا ثقلها الدولي كند للولايات المتحدة. { روسيا تقف مع نظام بشار لأنه يشبهها, فهي نظام سلطوي يخاف من انتشار الديمقراطية في الإقليم المجاور له, خصوصا أن الروس خرجوا أخيرا في مظاهرات طلبا للحرية. { وعلي الرغم من أن المصالح الاستراتيجية والاقتصادية للصين في سوريا ضئيلة للغاية, فإن الصين رأت علي ما يبدو أنه من الأفضل لها ألا تعرض علاقاتها مع سوريا للخطر, وتفقد الدعم الروسي عندما تكون بكين بحاجة إليه في المستقبل. { الصين تخشي ثورة مماثلة للثورة السورية في أراضيها, فمنذ بداية الربيع العربي الذي أطاح بالأنظمة الديكتاتورية لم تدخر الآلة الإعلامية للحزب الشيوعي الصيني أي جهد في تصوير الأحداث التي وقعت بالمنطقة بصورة سلبية للغاية. { تدرك الصين تماما أن استخدامها لحق النقض سوف يضر بعلاقاتها مع الغرب, لكنها مقتنعة بأنها لن تحصل علي أي مقابل أو ثناء إذا ما كانت قد تعاونت مع الغرب فيما يتعلق بالملف السوري. { تتطلع الصين إلي لعب دور سياسي يوازي حجمها الاقتصادي المتنامي, وتريد أن تنتقل من الملعب الآسيوي إلي الملعب الدولي, والضغط علي أمريكا من جهة أخري لتقليص دورها في شرق آسيا وتايوان. { روسيا والصين لا ترغبان في تغيير أحد الأنظمة عن طريق الأممالمتحدة, حتي لا يكون ذلك سابقة تتفتح بعدها الأبواب علي حلفاء الدولتين مثل كوريا الشمالية, وبورما, وأوكرانيا, وتركمانستان, وهي دول قمعية سجلها معروف في مجالات الحقوق السياسية. المزيد من أعمدة عبد المعطى أحمد