من المؤكد أن لدي الدكتور عفت السادات رئيس نادي الاتحاد السكندري تعليقا مهما علي الأحداث, وعلي المشهد الرياضي في مصر, وقد رصد الكثير من الملاحظات قبل وبعد وقوع الكارثة في بورسعيد. وعندما التقيته سردت عليه كل ما لدي من استفسارات.. وبعدها صمت وسرح وتكلم دون أن أقاطعه.. وقال: نعم.. كنت أول من استشعر الخطر, وكنت أشعر أن مباراة الأهلي في بورسعيد لن تمر علي خير, وكان دليلي ما حدث مع لاعبي وجماهير نادي الاتحاد السكندري في المباراة السابقة مباشرة باستاد بورسعيد, فقد كان الاستقبال رهيبا علي مشارف المدينة للأتوبيسات التي تقل الجماهير القادمة من الإسكندرية, بينما استطاع أتوبيس واحد فقط المرور والوصول للاستاد ولقي عناءا شديدا في الدخول, وتعرض للرشق بالحجارة, وتعرض الأتوبيس الذي يقل اللاعبين إلي هز عنيف من الجماهير, فكان أن اتصلوا بي قبل وصول باقي جماهير الإسكندرية إلي الاستاد وعرضوا علي الأمر, فطلبت منهم الانتظار في مكان آمن لحين إجراء اتصالات, وفعلا اتصلت بمدير أمن الإسكندرية وعرضت عليه الموقف, وبدوره هو الآخر اتصل ببعض الجهات, وبعد مشاورات بيننا أخذت قراراي الذي استهجنه الكثيرين وهو العودة فورا إلي الإسكندرية, بمن فيهم راكبي الأتوبيس الذي كان قد وصل بالفعل إلي الاستاد, وهؤلاء كانوا الأكثر رغبة في حضور المباراة, لكنني عنفتهم بشدة وأبلغتهم أنني غير مسئول عما يمكن أن يحدث, وأنني سوف أرفض الرد علي أي منهم فيما لو تعرض لمكروه, وهكذا عاد جميع المشجعين إلي الإسكندرية, وثبت فيما بعد أن القرار كان صائبا تماما, وكنت قد أبلغت الجهاز الفني بعدم الخوف علي نقاط المباراة, وقلت: إن المهم عندي هو خروج الفريق سالما من بورسعيد, وكان واضحا أن الاحتقان وصل إلي أعلي مستوياته, وأننا خسرنا المباراة قبل أن تبدأ, والحقيقة أننا كنا في اجتماع لجنة البث قبل مباراة الأهلي والمصري بيوم واحد, في حضور رؤساء أندية الأهلي والزمالك والإسماعيلي مع المهندس إيهاب صالح, وكان بيننا ما يشبه الإجماع علي حالة الاحتقان الموجودة في الملاعب, وكان من رأي الكابتن سمير زاهر ضرورة إيقاف الدوري مادامت الحياة في مصر لم تستقر, وأن الأمن لم يتعاف بعد, وبطبيعة الحال كان الحديث عن مباراة الأهلي والمصري, وكان الإحساس الموجود لدينا جميعا أنها سوف تنتهي بمشكلة, لكن لا أحد يعلم حجمها أو طبيعتها, وإن كنت بإحساس داخلي غامض لم أصرح به لم أستبعد وقوع وفيات, لكن هذا كله كان متوقفا علي نتيجة المباراة, وعندما انتهت المباراة( التي شهدتها تليفزيونيا) بفوز المصري تصورت أن الأمر لم يخرج عن المناوشات العادية, لكن حدث ما حدث. واتخذت قراري في الليلة نفسها بتجميد النشاط في نادي الاتحاد احتجاجا علي المناخ السائد, واحتراما لأرواح الشهداء, ولو سألتني عن رؤيتي للقرارات التي يجب أن تصدر فورا من اتحاد الكرة لقلت لك إيقاف جميع المسابقات لكل الدرجات وهبوط النادي المصري لمدة سنة علي الأقل, مع الحرص علي عدم تعرض الأندية للإفلاس بإلزام الإدارات بعدم دفع أكثر من50% من عقد أي لاعب.