من الامور التى يحبها الله عز وجل الجمال والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: »ان الله جميل يحب الجمال« وقيل ان معنى ان الله جميل ان كل امره سبحانه وتعالى من جميل وله الاسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال وقيل: جميل بمعنى مجمل ككريم وسميع بمعنى مكرم ومسمع وقيل معناه جليل. وقيل أنه بمعنى ذى النور والبهجة أو مالكهما وقيل معناه جميل الافعال بكم باللصف والنظر اليكم يكلفكم اليسير من العمل ويعين عليه ويثيب عليه الجزيل ويشكر عليه. لو فرضت الخلق كلهم على أجملهم صورة وكلهم على تلك الصورة ونسبت جمالهم الظاهر والباطن الى جمال الرب سبحانه لكان اقل من نسبة سراج ضعيف الى قرص الشمس، ويكفى فى جماله أنه لو كشف الحجاب عن وجهة لاحرقت ما انتهى اليه بصره من خلقه ويكفى فى جماله ان كل جمال ظاهر وباطن فى الدنيا والآخرة فمن آثار صنعته، فما الظن بمن صدر عنه هذا الجمال؟ والجمال يدخل فيه الجمال من كل شئ، جمال الباطن الاخلاق الحسنة والصفات الحميدة، وجمال الظاهر الثياب والهيئة والوجه البشوش والكلام والصوت الحسن والافعال الطيبة. كما قال صلى الله عليه وسلم: »ان الله يحب ان يرى اثر نعمته على عبده« فهو سبحانه يحب ظهور أثر نعمته على عبده، فانه من الجمال الذى يحبه، وذلك من شكره على نعمه وهو جمال باطن، فيجب ان يرى على عبده الجمال الظاهر بالنعمة والجمال الباطن بالشكر عليه. والمقصود أن هذا الحديث الشريف مشتمل على اصلين عظيمين: فأوله معرفة، وآخره سلوك، فيعرف الله سبحانه بالجمال الذى لا يماثله فيه شئ، ويعبد بالجمال الذى يحبه عن الاقوال والاعمال والاخلاق فيحب من عبده ان يجمل لسانه بالصدق، وقلبه بالاخلاص والمحبة والانابة والتوكل، وجوارحه بالطاعة، وبدنه باظهار نعمه عليه فى لباسه وتطهيره لو من الانجاس والاوساخوالشعور المكروهة وتقليم الاظفار، فيعرفه بصفات الجمال ويتعرف اليه بالافعال والاقوال والاخلاق الجميلة، فيعرفه بالجمال الذى هو وصفه ويعبده بالجمال الذى هو شرعه ودينه.