رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة. ولكن على غير المتوقع لم تأت الرسالة بخبر! لقد كانت تهنئة بحلول شهر رمضان أعاده الله علينا وعليكم بالخير واليمن والبركات. والصيام من الممارسات القديمة قدم ظهور المخلوقات. وفى ذلك قال الله تعالى :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"(البقرة : 183). واليوم يعتبر العلماء الصوم ظاهرة حيوية فطرية لا تستمر الحياة السوية والصحة الكاملة بدونها. وأى إنسان أو حيوان إذا لم يصم فإنه معرض للإصابة بالأمراض المختلفة. فقد حذر العلماء من أن: من يأكل إرضاءً لشهوته للطعام يتراكم الفائض مما يأكله فى جسمه ويتسبب فى إضطرابات وتراكم سموم غذائية فى أنسجته فيحدث الخلل وتظهر الأمراض والعلل. وقال العلماء "إن الأكل وخصوصا المتعاقب (إدخال الطعام على الطعام) يشكل عبئا ثقيلا على التمثيل الغذائى على الجسم، وإن قطع هذه العادة سيقلل من إفراز هرمونات الجهاز الهضمى والأنسولين بكميات كبيرة، وهو ما يحفظ صحة الجسم ويعطى للإنسان حياة أفضل وأطول. وللتأكد من ذلك قاموا بعمل تجارب على الفئران فجعلوا مجموعة منها تتناول الطعام يوما وتصوم عنه يوما بينما تم السماح للمجموعة الأخرى بتناول الطعام كما تريد دون تدخل. وكانت النتيجة المذهلة أن إمتد عمر الفئران التى تم تطبيق نظام الصيام عليها 63 أسبوعا أطول من مثيلاتها التى لم تصم. كما لوحظ أن الفئران الصائمة كانت تظهر قدرا أكبر من النشاط حتى النهاية! وقال الله تعالى: "..وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون"(البقرة : 184). وبالفعل إكتشف العلماء فى وقتنا الحاضر أن الصيام وفق الشريعة الإسلامية له عدة فوائد: 1 تحسين عمل وتقوية جهاز المناعة. 2 الوقاية من أمراض السمنة وعلاجها. 3 تحسين وظائف الكلى والجهاز البولى. 4 يقى الجسم من السموم المتراكمة داخلة من جراء تناول الأطعمة المحفوظة والمصنعة وإستنشاق الهواء الملوث. 5 العطش أثناء الصوم يساعد على إمداد الجسم بالطاقة وتقوية الذاكرة وتحسين القدرة على التعلم. 6 تحسين خصوبة الرجل والمرأة وتخفيف وتهدئة الغرائز الجنسية مما يكون له عظيم الأثر فى القضاء على الإضطرابات النفسية والإنحرافات الأخلاقية. فقد إكتشف العلماء أن هبوط هرمون الذكورة نتيجة للصيام عدة أيام ثم إرتفاعه بشكل كبير عند الإفطار يساعد على تحسين الرغبة الجنسية بعد الإفطار. 7 تهدم الخلايا المريضة فى الجسم أثناء الصيام مما يساعد على تجدد خلايا الجسم عند الإفطار. 8 أظهرت الدراسات أن الأداء البدنى للصائم أثناء صيامه أفضل من أداء غير الصائم. فبالصوم تتحسن درجة تحمل البدن للمجهودات العضلية ويتحسن آداء القلب والجهاز الهضمى والجهاز التنفسى وغيرها من الأجهزة. وذلك بشرط أن تكون مدة الصيام من 11 إلى 14 ساعة (المعدل التقريبى لصيام المسلم) أما اذا زادت عن 14 ساعة، فإن الأداء البدنى يبدأ بالتأثر والشعور بالإعياء. وقد أثبت البحث العلمى أن الفترة المناسبة للصوم يجب أن تتراوح مابين 12-18 ساعة. 9 والشعور بالراحة النفسية وتنامى الحالة الإيمانية للصائم، يؤدى إلى زيادة واضحة فى إفراز عدد من الهرمونات النافعة داخل الجسم مثل مجموعة الأندروفين التى تحسن الأداء البدنى وقلة الشعور بالإجهاد. 10 معجزة الإفطار على التمر. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطب فإن لم يجد فتمرات فإن لم يجد رشف رشفات قليلة من ماء، ووجد العلماء أن ذلك هو أفضل أسلوب علمى للإفطار بعد الصيام. فالسكر الموجود فى التمر يشعر الإنسان بالشبع لأنه يُمتص بسرعة ويصل إلى الدم فى دقائق معدودة، ويعطى الجسم الطاقة اللازمة لمزاولة نشاطه المعتاد. أما لو أفطر الإنسان بأكل اللحوم والخضراوات والخبز فإن هذه المواد تأخذ وقتا طويلا لهضمها وتحويل جزء منها إلى سكر فلا يشعر الإنسان بالشبع، ويستمر جوعه. 11 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أعدل الصيام هو صيام داود عليه السلام حيث كان يصوم يوما ويفطر يوما. ومن المثير للتأمل أنه فى الإتحاد السوفيتى الذى لم يكن يؤمن بالأديان وقبل 15 سنة من إنهياره أكد البروفيسور نيكولايف بيلوى فى كتابه " الجوع من أجل الصحة " الصادر عام 1976 " أن على كل إنسان أن يمارس الصوم بالإمتناع عن الطعام لمدة أربعة أسابيع كل سنة كى يتمتع بالصحة الكاملة طيلة حياته". دارت تلك الأفكار فى ذهنى فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت.