من جديد، تتناثر الدماء علي طريق أسيوط – القاهرة، لتعلن أن أهالي صعيد مصر لا يعانون فقط من الفقر والمرض والجهل ، إلا أنهم تزهق أرواحهم وبالعشرات علي طرق، وجب أن يرفعوا عليها لافتات هنا "مقبرة أهل الصعيد". ففي الساعات الأخيرة من يوم الثلاثاء ،اهتزت محافظة أسيوط لحظة اصطدام 3 سيارات وجميعها تحمل عشرات الركاب من محافظة سوهاج ومركز البداري بأسيوط، ولم تكد الساعة تجاوز الثانية عشرة ليبدأ يوم جديد ، إلا وقد صعدت أرواح 9 أشخاص إلي بارئهم، وأصيب 36 آخرون ، مما يعكس أن كارثة إنسانية حلت علي عشرات الأسر،التي فقدت أبناءها، وبمجرد الغوص في تفاصيل تلك الحادثة نكتشف مآسي تقشعر لها الأبدان، فأسر بأكملها لقيت مصرعها وأسر أخري أصيبت بالكامل، ولولا سرعة انتقال المسئولين وعلي رأسهم اللواء إبراهيم حماد ، محافظ أسيوط، واللواء طارق نصر، مدير الأمن، لحدثت أزمة ضخمة فكافة الأجهزة والمسئولين بالصحة والدفاع المدني والشرطة هرعت إلي مكان الحادث يسابقون المحافظ ورفاقه. ففي قسم الإصابات يرقد علي سرير المرض يعاني من كسر في العنق،منذ وقوع الحادث الأليم وحتي الآن، حسن السيد أحمد والبالغ من العمر 37 عاما وهو موظف بمحافظة سوهاج، ولكن المفاجأة كانت أنه ليس وحده في تلك الحالة، فالزوجة أصيبت بكسر في الفقرات القطنية وابنه صاحب السنوات الأربع وابنته ذات الثلاثة سنوات أصيبا بالجروح ، فما بين حالة الأب الذي لا يقوي علي التحرك للبحث والاطمئنان علي أسرته ودموعه فقط هي التي بقيت له للتعبير عما هو فيه، وبين الزوجة التي كانت نظراتها وهي تبحث عن فلذتي كبدها بين المصابين وهى لا تقوي أيضا علي الحراك ، نسج الألم والحزن خيوطه علي تلك الأسرة التي، تحول حالها إلي ألم ومرارة دون ذنب اقترفوه، وعلمت "الأهرام" من أحد أقاربه المرافق له أنه كان مسافرا هو وأسرته للاستقرار بالقاهرة بجوار عمله. أما صلاح سالم المجند، بمعسكر أحمد جلال ، والذي بادرتني والدته بالحديث معربة عن خوفها من المساءلة القانونية ،وأنها تخشي أن يعاقب ابنها علي تأخره علي معسكره ، خاصة وأنه أصيب وعلاجه يحتاج ما يقرب من 7 أيام. فالأم المكلومة في ابنها والقلقة عليه من المحاكمة قالت "صلاح كان نازل إجازة من معسكرة في الهايكستب، له إجازة 8 أيام ولو مراحش الوحدة بتاعته، هيتجازي، وهيروح كيف وهو مصاب" وأوضح والده أن ابنه أصيب بكسور وكدمات بالظهر والجمجمة وأن حالته أفضل من غيره بكثير ، وقال "المحافظ والجهات التنفيذية أدت دورها ولكن كل ما نتمناه أن تعرف الكتيبة المقيد بها أن ابننا مصاب حتي لا يحاكم عسكرياً والأطباء في مستشفي أسيوط الجامعي قاموا بواجبهم علي أكمل وجه". وما بين الحياة والموت ترقد "إيمان محمود نصر الدين" 7 سنوات، تتصارع براءة الأطفال في وجهها مع الدماء المتجمدة والجروح المنتشرة بكثافة ، بعدما اختطف الموت منها في ذلك الحادث أمها وجدتها ، وأصيبت هي بارتجاج في المخ، أفقدها الوعي والنطق، وهي الآن تنتظر قضاء ربها، إما أن تعود إلي الحياة مرة أخري، أو تلحق بوالدتها وجدتها اللتين سبقاها إلي الآخرة دون سابق إنذار. "هويدا" الأخت الأكبر لإيمان ، عاشت أصعب لحظات حياتها ، فما بين أخت بين الموت والحياة ، ووالدة وجدة قد انتقلتا إلي الرفيق الأعلي، تجسدت كل معناي الألم والحسرة والدهشة والهلع علي وجهها، وكأن لسان حالها يقول "هل أقف مع أختي ، أم أتلقي العزاء في أمي وجدتي" بقرية نجوع المعادي بمركز البداري ، وكانت "إيمان" قادمة من القاهرة بصحبة والدتها وجدتها ، تم نقل جثتي والدتها وجدتها إلي مستشفي الإيمان، والطفلة تم تحويلها إلي مستشفي أسيوط الجامعي . وأوضح المهندس حسين سعد مدير هيئة الطرق والكباري للمنطقة السابعة أسيوطالمنيا أن طريق البحر الأحمر لا توجد به أخطاء فنية أو هندسية وأن أقاويل تشبيهه بطريق الموت أقاويل عاطفية نتيجة عدد من الحوادث التي شهدها الطريق في الفترة الأخيرة. ومن جانبه قرر اللواء إبراهيم حماد، محافظ أسيوط، صرف تعويضات عاجلة لأهالي ضحايا حادث تصادم 3سيارات ميكروباص والذي وقع في الساعات الأولي من صباح يوم الثلاثاء، علي طريق أسيوطالقاهرة ، والذي نتج عنه مصرع 9 وإصابة 32 شخصا. وتم صرف 10 آلاف جنيه من المحافظة لكل متوفي و2000جنيه لكل مصاب و 5 آلاف جنيه لكل متوفي و1000جنيه لكل مصاب من وزارة الشئون الاجتماعية. وأمر المحافظ بصرف الاعانات العاجلة للمتوفين والمصابين وتوفير كامل الرعاية الصحية لهم وتخصيص سيارة إسعاف لنقل جثمان المتوفين إلي محل إقامة أسرهم . اصل الحكاية بلاغ تلقاه اللواء طارق نصر، مدير أمن أسيوط، من اللواء حسن سيف، مدير المباحث الجنائية، بوقوع حادث تصادم بين ثلاثة سيارات ميكروباص بالطريق الصحراوي الشرقي أسيوط - البحر الأحمر، وتبين ان الحادث وقع أثناء قدوم السيارة الأولي من القاهرة تجاه أسيوط، واختلال عجلة القيادة بيد قائدها نتيجة السرعة الزائدة، مما أدي إلي انقلابها بنهر الطريق، حال قدوم السيارة الثانية والثالثة ، في الاتجاه المقابل واصطدامها بها، مما أدي إلي انقلابهما وخروجهما عن الطريق ووقوع الحادث ، وحدوث تلفيات بهم ، ووفاة 9 من ركاب السيارات من بينهم خمسة رجال وسيدتان وصبي،