استقبلت بنات ونساء مصر قانون تغليظ عقوبة التحرش الجنسى –الذى أصدره المستشار عدلى منصور قبل أيام من تركه الحكم- بالفرحة العارمة آملين الالتزام بنصوصه المختلفة وتنفيذها دون هوادة، وزاد من فرحتهم توجه الرئيس السيسى لوزير الداخلية محمد إبراهيم، بضرورة إنفاذ القانون بكل حزم، واتخاذ ما يلزم من إجراءات، للتصدى لظاهرة التحرش الدخيلة على المجتمع المصرى، وخصوصا بعد الأحداث المؤسفة غير الإنسانية التى شهدها ميدان التحرير فى احتفالات التنصيب، وتوجه الرئيس الى المواطنين للقيام بدورهم المنوط بهم لإعادة إحياء الروح الحقيقية الأخلاقية في الشارع المصرى، منوهاً إلى قيام كل أسرة بتحمل مسئوليتها الواجبة، وبذل العناية اللازمة لبث القيم وتنمية الوازع الأخلاقى لدى أبنائها، وذلك إلى جانب جهود الدولة لتنفيذ القانون وينص القانون على أنه «يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأى وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية واللاسلكية. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه. وفي حالة تكرار الفعل تُضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الأدنى والأقصى.كما نص القانون على أنه «يعتبر تحرشاً جنسياً إذا اُرتكبت الجرائم المنصوص عليها فى مادة العقوبات السابقة، بقصد حصول الجانى من المجنى عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويُعاقب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.» كما تضمن القانون حكماً خاصاً إذا كان الجاني له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحاً فتكون العقوبة فى أى من هذه الحالات الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة التي لا تقل عن 20 ألف جنيه ولا تزيد على 50 ألف جنيه” د.عزة العشماوى الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة أكدت أن موافقة رئاسة الوزراء على مشروع قرار رئيس الجمهورية، بتعديل أحكام عقوبات التحرش، يصب فى مصلحة الأطفال، لافتة إلى أن هناك أطفالا فى المدارس قد يتعرضون للتحرش الجنسى، من خلال اللمس أو غيره ولا يتم إدراج ذلك تحت بند التحرش. وترى الأمين العام للمجلس القومى للطفولة والأمومة أهمية أن يكون هناك تعريف بالمصطلحات المتعلقة بالتحرش بمعنى ما هو التحرش الجنسى؟ وما هو الاستغلال الجنسى وما هو العنف ضد المرأة؟ وأشارت العشماوى إلى أنه كان هناك مرسوم 11 لعام 2011 والخاص بتجريم التحرش، ولكنه لم يلق أى اهتمام، لافتة إلى أنه تمت إضافة مادة لقانون العقوبات يوصى بالتوسع فى التعريفات، حيث إن التشريعات الحديثة تتضمن تعريفات واضحة لكل المصطلحات، التى تأتى بها وهو ما يعد إيجابيًا وليس العكس. وأضافت د.عزة أن الإعلام سليعب دورًا مهما فى التعريف بأنواع التحرش وعقوباته، مؤكدة أن هذه الخطوة الإيجابية من شأنها أن تحد من مظاهر العنف فى الشارع خاصة خلال الزحام، وأن يكون هناك توعية بالقانون، لأنه لو لم يعرف الناس هذا لن يتم تفعيل القوانين، مطالبة بتفعل باقى القوانين التى تحتاج إلى تعديل أو استحداث، لكى تتفق مع المواد الواردة بالدستور. ترى نهاد أبو القمصان الناشطة الحقوقية ورئيس المركز المصرى لحقوق المرأة أن أول مرة يذكر فيها فى القانون لفظ تحرش باعتباره جريمة وأهم ما يميز هذا القانون أنه ذكر التعرض للغير وليس للأنثى فقط لأنه كثيرا ما يتم التحرش بالأطفال. وترى أن هذا القانون سد فجوة لجريمة صغيرة كانت غير منصوص عليها فى القانون فالتحرش جريمة ليس لها عقوبة فى القانون المصرى وبالتالى لا يتم التحقيق فيها لعدم وجود نص صريح بشأنها. وتكمن الأزمة والتحدى الحقيقى فى هذا القانون فى عدم وجود آليات واجراءات التنفيذ. وتطالب بوجود وحدة متنقلة لديها صلاحية التحقيق والتوثيق بالصوت والصورة داخل المدارس والجامعات وأماكن العمل وفى الشارع وذلك للتسهيل على الشاهد ولا يتم تعطيله للذهاب لقسم الشرطة ثم النياية والمحكمة للإدلاء يشهادته. قالت الكاتبة والناشطة السياسية د.عزة كامل كنا نتمنى أن ينص القانون على تغليظ العقوبات أكثر من ذلك، وأن يقوم البرلمان القادم بتعديلات جوهرية على القانون وتغليظ العقوبات على الجناة، مشيراً إلى أن القانون كان يحتاج إلى تشريع خاص بحماية الشهود وكذلك التعويض المادى والمعنوى للمجنى عليها. وترى د.عزة أنه لابد من طرح المشروع لحوار مجتمعى، وتشديد العقوبة بشكل كبير،وأشارت أن القانون العقوبات الذى صدق عليه غير كاف فالمتحرش الغنى سيدفع الغرامة 3000 والبلطجى سيسجن لمدة 6 أشهر، لافتة إلى أن تعديل القانون غير مناسب بالنسبة لجريمة التحرش الجنسى، وأضافت أن المتحرش لابد أن يحرم من الوظائف والتعليم، وأن يكون الفعل وصمة عار عليه، وأن يتم وضع علامة فى الرقم القومى للمتحرش لمدة 10 سنوات. كما وصف محمود البدوى رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث موافقة رئاسة الوزراء على مشروع القرار، بالتوجه المحمود من الحكومة وخطوة على الطريق لمواجهة عدد من الظواهر السيئة فى المجتمع والانفلات الاخلاقى الذى أصاب المجتمع، حيث سيضع رؤية جديدة لأشكال التحرش الجنسى، لأن هناك وقائع عديدة حدثت أخيرا، ولم يتم توقيع العقوبات المناسبة على مرتكبيها. وأضاف البدوى أن هناك مجموعة من الإشكاليات والتحرشات التى تحدث بالشارع، فالتحرش الجنسى كان قبل ذلك يعرف بأنه الملامسة، أما الآن فأصبح مجرد التعرض اللفظى من جانب المتحرش أو التعرض، من خلال وسائل التواصل والاتصال الحديثة، مؤكدًا أن توسيع أشكال العقوبة سيساعد على تجريم هذه الظاهرة. وأشار البدوى إلى أن مظاهر التحرش الجنسى أصبحت كثيرة، متمنيًا أن تزيد العقوبات بشكل أكبر وخاصة فى حالة التحرش بالأطفال، لأن الأطفال أكثر حساسية من البالغين وأكثر ضعفا وقلة حيلة وفى حالة تعرضهم للتحرش أو الاغتصاب تسوء حالتهم النفسية بصورة أقصى مقارنة بالبالغين. من ناحية أخرى طالبت جانيت عبد العليم، أحد مؤسسى حركة «شفت تحرش»، البرلمان المقبل بتشديد العقوبات على كل من يرتكب جريمة التحرش، وتعديل نص القانون ليصبح الحبس والغرامة بدلاً من الحبس أو الغرامة. وأضافت أن قانون التحرش الذى أصدره رئيس الجمهورية المستشار عدلى منصور أقر ولأول مرة مصطلح «التحرش الجنسى»، ووضع له عقوبات لم تكن موجودة قبل إقرار القانون، وهذا هو المكسب الحقيقى الذى حصلنا عليه. وأكدت جانيت، أن تحالف المنظمات النسوية عمل طوال الفترة الماضية على القانون، ولو تعاون البرلمان المقبل وأقر تلك التعديلات التى نطالب بها سيكون هناك قانون جيد وعقوبات رادعة، وآليات تنفيذ القانون تعتبر أهم من القانون نفسه، لأن الضحية تحتاج إلى أن يستقبلها فى الشرطة مختص أو أخصائية نفسية، لأن كثيراً من الضحايا تكون فى حالة نفسية سيئة للغاية يصعب معها استجوابها والإدلاء بأقوالها، وقالت، أتمنى أن تزيد جرأة الضحايا على تقديم البلاغات فى المتحرشين، وأطالب أيضاً بسن قانون لمواجهة التحرش الجماعى، الذى انتشر فى الفترة الأخيرة خلال الاحتفالات والمظاهرات. وترى جانيت أن هناك تحرشا الكترونيا أصبح منتشرا بشكل مخيف، لذلك طالبت بوضع آليات للحد منه، كما أوضحت أنهم فى مبادرة شفت تحرش يحرصون على رفع مستوى التوعية لدى السيدات والفتيات، ورصد حالات التحرش فى الأماكن المزدحمة والتدخل لإنقاذ الضحايا ومساعدتهم فى المسائل القانونية، وجميع العاملين بالمبادرة يعملون بشكل تطوعى تام. أما مارجريت عازر، عضو المجلس القومى للمرأة،فترى أن تغليظ العقوبة فى جريمة التحرش الجنسى، ستساعد المجتمع على تغيير الأخلاقيات التى انتشرت فى فترة الانفلات الأمنى، التى وقعت بعد ثورة 25 يناير. وأشارت عضو مجلس الشعب السابق، إلى ضرورة تطبيق القانون فى الوقت الحالى بشكل فورى وحازم وسريع، لافتة إلى أنه من المفترض أن يتم تغليظ العقوبة إلى الحبس أكثر من 6 أشهر، مشددة على أن تطبيقه بهذا الشكل فى الوقت الحالى مؤشر لخفض الجريمة. Top of Form وأكد المجلس القومى للمرأة أن مثل تلك الجرائم النكراء أبداً لن تخيف المرأة المصرية ولن تثنيها عن مشاركتها على قدم المساواة مع الرجل فى بناء مستقبل الوطن. وأعلن أنه بصدد تقديم المساندة القانونية لضحايا حوادث التحرش الأخيرة عبر رفع دعاوى قضائية على المتهمين وهو الحق الذى كفله الدستور الجديد للمجلس، بالإضافة إلى تشكيل لجنة منوط بها متابعة حوادث التحرش المختلفة التى تتعرض لها المرأة المصرية. واعتبرت مبادرة «شُفت تحرش» هذا القانون بمثابة خطوة جديدة على المسار الصحيح، لتضمين مطالب الحركة النسوية وإقرارها من قبل جميع مؤسسات الدولة، كما تؤكد المبادرة استمرارها بالتواصل مع كل الفاعلين في المشهد السياسي، والنافذين إلى اتخاذ القرار من خلال البرلمان القادم، من أجل تعديل هذا القانون بما يتناسب مع رؤية المبادرات ومنظمات المجتمع المدني والدفاع عن حقوق المرأة. كما طالب المركز المصري لحقوق المرأة:- المؤسسات الرسمية وأهمها وزارات الداخلية والعدل والتربية والتعليم والتعليم العالى والتنمية المحلية والقوى العاملة بضرورة العمل على تطبيق استراتيجية وطنية بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني لوضع آليات تنفيذية للقضاء علي التحرش الجنسى بالنساء.