الثورة كمصطلح سياسي هي الخروج عن الوضع الراهن وتغييره -سواء إلى وضع أفضل أو أسوأ -باندفاع يحركه عدم رضا الناس والتطلع إلى الأفضل أو حتى الغضب مثل الثورة الفرنسية عام 1789 والثورة الروسية عام 1917وثورات أوروبا الشرقية عام 1989 وثورة أوكرانيا البرتقالية في 2004 . وعلى مر التاريخ الانساني نجد شعوبا تجتمع بمحض ارادتها وتتعاقد على انشاء دولهم لغرض قيامها بالمحافظة على حقوقهم المكتسبة وعلى هذا الاساس يصبح لأفراد الشعب حقوق على الدولة والتزامات وعندما تنحرف الدولة وتخل بواجباتها والتزاماتها تجاههم يصبح من حق الافراد ان يثوروا عليها ويستبدلونها بأخرى تضمن لهم المحافظة على ارواحهم وحقوقهم وممتلكاتهم. وكل ثورة يجب ان تقاس بنتائجها وإذا اخضعنا ما حدث فى 25 يناير2011 وما حدث في 30 يونيو 2013 لهذا للمعيار السياسي للثورة فنجد انهما حتى الان لا ينطبق عليهما مفهوم الثورة فلم يطرأ اى تغيرات اجتماعية جذرية ولم يتعدى التغيير في الأولى سوى التخلص من مبارك والحزب الوطني واحباط مشروع التوريث اما الثانية فأنهت حكم مرسى وجماعة الاخوان المسلمين ومشروع النهضة والتمكين لكنهما لم يحققا اى تغيرات جذرية على الصعيد الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لصالح المصريين. واذا تناولنا الثورة الفرنسية التي بدأت عام 1789 بحشود من الناس أمام دار البلدية في باريس مطالبين بادئ الامر بالخبز واستمرت الثورة لسنوات وشهدت السنة الأولى منها الهجوم على سجن الباستيل، وصدور إعلان حقوق الإنسان والمواطنة ، والمسيرة الكبرى نحو البلاط الملكي في فرساي و إلغاء الملكية ثم إعلان الجمهورية الفرنسية الأولى في سبتمبر 1792، و أعدام الملك لويس السادس عشر في العام التالي، كما لعبت التهديدات الخارجية دورًا هاما في تطور الأحداث، إذ ساهمت انتصارات الجيوش الفرنسية في إيطاليا في رفع شعبية النظام الجمهوري كبديل عن النظام الملكي الذي فشل في السيطرة على هذه المناطق التي كانت تشكل تحديا امام الحكم الملكي لعدة قرون. ورغم كل هذه الإنجازات فإن نوعا من الديكتاتورية شاب الثورة في بدايتها، فقد تمت الإطاحة برؤوس 40 الف مواطن فرنسي تحت المقصلة في الفترة الممتدة بين 1793 و1794 و عندما وصل نابليون الاول إلى السلطة عام 1799 أعقب ذلك إعادة النظام الملكي وعودة الاستقرار إلى فرنسا واستمر عودة الحكم الملكي واستبداله بنظام جمهوري لفترات ممتدة خلال القرن التاسع عشر، وبعد خلع نابليون قامت الجمهورية الثانية عام 1848 حتى 1852 و تلتها عودة الملكية الى عام 1870 ليمتد تأثير الثورة الفرنسية الى أوروبا والعالم، بنمو الجمهوريات والديمقراطيات الليبرالية وانتشار العلمانية. من ناحية أخرى هناك خلاف حول ما حدث في مصر يوم 23 يوليو 1952 هل هى ثورة ام انقلاب عسكري او مغامرة قادها صغار الضباط والتي انتهت بإرغام الملك على التنازل عن العرش ومغادرة البلاد حتى جاء عام 1954 لتؤكد ان ما حدث يوم 23 يوليو ثورة وعمل ايجابي جذري غير الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مصر حيث صدرت قوانين الإصلاح الزراعي ومجانية التعليم وقرارات التأميم. في النهاية ليس امامنا الا انتظار نتائج ما حدث في يومي 25 يناير2011 و30 يونيو 2013 من خلال رصد ما تحقق من تغيير اجتماعي وسياسي واقتصادي جذري غير حياة المواطن وجنى ثمار هذا التغير لنحكم عليهما. لمزيد من مقالات نبيل السجينى