كتب: أشرف العشري مع بزوغ وولادة نجم تنظيم القاعدة في بلاد المغرب العربي واشتداد عملياته الإرهابية في الجزائر عام2007, خرج وزير داخلية الجزائر آنذاك الذي مازال يتولي مهامه حتي الآن يزيد زرهوني. وطمأن الجزائريين ودول وشعوب المغرب العربي والساحل الإفريقي بأن هذا التنظيم ما هو إلا وهم كبير, وطالب بمهلة شهر واحد للقضاء عليهم ودحرهم في جبال الشرق الجزائري. ومع تزايد مطرقة عمليات القاعدة في بلاد المغرب بقوة وفعالية, وسندان الضغوط الأمريكية والفرنسية تجاه حكومات دول هذه المنطقة بالتهديد بالحضور وتولي مهام العمليات العسكرية ضد هذا التنظيم تارة, وإمكان توفير الدعم اللوجيستي والأمني والعسكري لدوله لتولي هذه المهمة بنفسها تارة أخري, كان قرار الجزائر المفاجيء في الأيام الماضية بأخذ زمام المبادرة من جديد والإعلان عن احتضان أول اجتماع لوزراء خارجية دول المنطقة, وفي مقدمتها ليبيا وموريتانيا وتشاد والنيجر ومالي وبوركينافاسو, لتشكيل أول منظومة أمنية وعسكرية جديدة من بين هذه الدول لإعلان الحرب الجماعية الشاملة علي القاعدة. واستطاعت الجزائر خلال هذا الاجتماع الرفيع أن تقدم مبادرة عسكرية وأمنية تتضمن عدة عناصر غاية في الأهمية والجدية هذه المرة لبدء المواجهة المرتقبة ضد القاعدة في تلك المنطقة عبر تشكيل فرق عسكرية ودوريات أمنية تتولي عمليات مشتركة كبري والسماح لهذه الفرق بالتوغل داخل دول الجوار التي تتكاثر فيها خلايا القاعدة. بالإضافة الي البدء الفوري في تشكيل غرف عمليات مشتركة لقوي الأمن والاستخبارات العسكرية وكذلك شبكة معلومات أمنية موحدة لخدمة المهام والمواجهات مع القاعدة من الآن, ووضع وتجهيز خرائط ومسرح عمليات شاملة تشارك فيه جميع دول المنطقة المعنية لاستمرارية تلك الحرب الشاملة التي ستوفر لها الأموال والمعدات والتجهيزات الفنية والخبرات العسكرية والاستخباراتية, فكان القرار الجماعي بالقبول والاقرار لهذه الخطة. واتفق وزراء خارجية الدول السبع علي إفساح مهام التنفيذ واختيار ساعة الصفر لوزراء الدفاع والداخلية لعقد اجتماعهم الأول لتجهيز مسرح العمليات في الجزائر أيضا خلال ابريل المقبل, علي أن يتلوه اجتماع رفيع ونهائي لرؤساء الأركان بجيوش هذه الدول في نفس البلد الجزائر بالطبع, وفي الشهر المقبل لبدء التنفيذ وتوجيه الضربات العملياتية باسم مطرقة الصحراء. وفي المقابل, أيضا جسر جوي من الإمدادات والمساعدات تعهدت واشنطن وباريس بإقامته وتوفير كل الامكانات اللوجيستية اذا طلبت لتحقيق الانتصار الأول والأخير علي تنظيم قاعدة بلاد المغرب الذي سرعان ما قابل قادته وعبر شرائط أبومصعب عبدالودود زعيمه تلك المواجهة العسكرية لدول هذا التجمع بشيء من الخفة ولوح لحكومات هذه الدول بأن ساحة المعركة مفتوحة ولتكن المنازلة والمواجهة المرتقبة مع تذكيرهم بأن تنظيمه الإرهابي هذا أصبح الأكبر قوة والأكثر انتشارا بطول حزام دول المغرب العربي والساحل والصحراء الإفريقي وأن مسرح عملياته القادم لا يقل ضراوة ومعارك عن مسرح أفغانستان وباكستان وبات يتفوق علي قاعدة الجزيرة العربية في اليمن والخليج. وفي مقابل نجاح الجزائر في إقامة وتحصين هذا التجمع الأمني العسكري الجديد, فإن شكوكا عديدة من قبل دوله وفريق من المراقبين العسكريين تقول باستحالة نجاحه بسبب تداعيات الأزمة التي خلقها اقامة وانشاء هذا التجمع الأمني والعسكري في غياب الجارة المغرب عنه والتشكيك في استمراره وفعاليته, في ضوء الأزمة الناشئة حاليا بين المغرب والجزائر بسببه إصرار الأخيرة علي إقصاء ورفض دعوة وانضمام الرباط الي دول هذا التجمع وتهميش أي دور لها في الحرب المقبلة. ولذا فإن الرفض ورد الفعل المغربي قد يكون مستحقا وأن تحركا من هذا النوع لن يكتب له النجاح والاستمرارية إلا اذا كان المغرب علي رأس دوله, حيث الخطر واحد والرسم البياني لقواعد وخلايا القاعدة يطول حدود ودول الجميع, وبالتالي علي الجزائر أن تنحي منافسات الدور الإقليمي في المغرب العربي وأزمة قضية الصحراء المستعرة بين البلدين جانبا, وأن تقبل بالتعاون الجماعي وإلا سيكون الفشل من نصيب الجميع. وفي المقابل الجزائر بدورها وعلي لسان وزير خارجيتها مراد مدلسي تري أن المغرب ليس معنيا بهذه المنظومة الأمنية الجديدة, وهو الأمر الذي بات معه الجميع في تلك المنطقة يخشي أن تلجأ المغرب الي رد الصاع صاعين للجزائر وتقبل بالتعاون مع جهود بديلة رهن إشاراتها ممثلة في أمريكا وفرنسا, وهو ما تنتظره تلك البلدان بفارغ الصبر. وبات نجاح المنظومة الأمنية والعسكرية التي أقرها تجمع دول اجتماع الجزائر رهنا باتفاق البلدين المغرب والجزائر أصلا.. فهل يفعلان أم سيظل العناد والخلاف والتشقق سيد الموقف ليرتفع ويصعد نجم القاعدة من جديد وتتحول ساحات المواجهات مع دول المنطقة الي تور بورا المغرب العربي؟