يطالعنا القرآن الكريم بقوله: (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون). ويطالعنا النبى الكريم صلى الله عليه وسلم: »اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد« وقوله صلى الله عليه وسلم: «إن العلماء ورثة الأنبياء وأن الأنبياء لم يُورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا علما». ويقول أفلاطون «لا حل سوى التعليم إذا أردتم أن تبنوا أمة قوية». ويطالعنا روسو (إنما فسدت الأمم والأخلاق بفساد التعليم). كل هذه الآراء وغيرها قالها من يدركون الوسيلة والغاية، الوسيلة: التعليم، والغاية: بناء الأمم، فلا توجد وسيلة للبناء غير التعليم، ولا توجد غاية لوجود الإنسان غير البناء، وإذا كان الأمر كذلك فما بالكم بمن يهدم بعنف كل ما شيدته يد الحضارة الانسانية، وهو يظن متوهما أنه يبنيها ويرفع مجدها ولواءها.. أقصد أولئك الذين يشتركون فى منظومة »الغش« فى مراحل التعليم المختلفة، والأغرب من الحدث ذاته، تلك النظرة من الجميع إلى الغش باعتباره حقا مكتسبا. فالطلاب فى ظل قيم منحدرة وثقافة متدنية ينظرون إلى الغش باعتباره من الحقوق الأساسية التى يتمتعون بها ويطالبون به بمنتهى الجرأة والوقاحة، وليت الأمر يقتصر على ذلك، بل إن أولياء الأمور يشجعون هذه النظرة وينمونها لدى أولادهم، فبدلا من أن يغرسوا فيهم قيم الاعتماد على النفس والأخلاق واحترام الآخر، فانهم يغرسون معاول الهدم كالغش واساءة الأدب مع الاساتذة وعدم احترام الآخر.. إنها ثقافة لا يعلم عقباها إلا الله، وإذا استمرت النظرة إلى الغش باعتباره حقا مكتسبا دون أدنى مشروعية لذلك، فإن المجتمع بأسره سوف يخسر الكثيرين وللأسف ستكون الخسارة كبيرة بحيث لا يمكن تعويضها، وهى نهاية الحضارة الانسانية، بل قد تكون نهاية الانسان ذاته، فهل يستفيق أولوا الأمر ويتدخلون بتشريعات صارمة لمنع هذه الجريمة، وهل نقوم بعملية توعية عبر الإعلام والمؤسسات الدينية، بل والمناهج التربوية بخطورة هذه القضية، وهل نفيق من غفلتنا لنحقق الانسانية بأوسع معانيها، وهل تدرك وزارة التربية والتعليم خطورة الموقف. د. محمد ممدوح عبدالمجيد دكتوراة فلسفة القانون جامعة القاهرة