في إشارتين متناقضتين من الجانب الأمريكي بشأن قضية مسئولي المنظمات الأمريكية غير الحكومية في القاهرة, علم الأهرام أن الوفد العسكري المصري في واشنطن أجري محادثات ودية وهادئة مع جيفري فيلتمان مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأدني. وقالت مصادر مقربة من المحادثات إنها خلت من أي إملاءات فيما يتعلق بمسألة المساعدات العسكرية والاقتصادية المقدمة إلي مصر. وقال مارك تونير المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن المحادثات كانت بشأن عملية الشهادة علي المساعدة, في إشارة إلي أن تبني الكونجرس لهذه المساعدات يحتاج إلي شهادة قوية من جانب وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون يفيد بأهمية تقديمها لمصر بوصفها حليفا استراتيجيا لواشنطن. وأكد تونير أن واشنطن تريد أن تري الغاء القيود المفروضة علي سفر هؤلاء المواطنين الأمريكيين, وبشكل أكثر وضوحا, فإن الحكومة المصرية بحاجة لمعالجة وضع هذه المنظمات غير الحكومية. وسوف يواصل الوفد العسكري المصري اجتماعاته في واشنطن خلال الأسبوع الحالي, حيث من المقرر أن يلتقي مسئولين في البيت الأبيض والكونجرس, وعلي رأسهم السيناتور الجمهوري البارز جون ماكين. وفي تقييمه لمرحلة نقل السلطة في مصر إلي المدنيين, أكد تونير ثقة واشنطن في المجلس العسكري فيما يتعلق بالحفاظ علي الأمن في مصر وفي الالتزام بالجدول الزمني الموضوع لنقل السلطة. السيناتور الامريكى - باتريك ليهى وفي تطور مهم متصل بأزمة المنظمات المدنية الأمريكية, علم الأهرام أن الاتصالات الأمريكية بالجانب المصري تتم اليوم عبر السفارة المصرية في واشنطن, وليس عن طريق السفارة الأمريكية في القاهرة, بعد أن أثارت السفيرة الأمريكية لغطا بقيامها بتوجيه رسالة بشأن التحقيق مع المنظمات الأمريكية إلي قاضي التحقيق, وهو ما أثار انتقادات في البرلمان المصري قبل أيام. وأكدت القنوات الدبلوماسية والسياسية المصرية للجانب الأمريكي أن القضية في حوزة قاضي التحقيق, وأنه هو صاحب الحق في التصرف في القضية دون ضغوط خارجية. ولكن الموقف في الكونجرس لم يكن وديا علي الإطلاق, فقد بعث14نائبا برسالة إلي المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة يطالبونه فيها بالسماح للأمريكيين الستة المحتجزين في قضية المنظمات المدنية بالعودة إلي بلدهم, معتبرين أن الحملة علي هذه المنظمات غير مقبولة, وتشكل هجوما علي المجتمع المدني المصري. ولوح الخطاب إلي أن المشرعين الأمريكيين لن يمكنهم الدفاع عن المستويات الحالية للمعونة الأمريكية لمصر في حالة عدم إقدام السلطات المصرية علي تلك الخطوة. وفي بيان أمام مجلس الشيوخ, قال السيناتور باتريك ليهي إن مصر والولاياتالمتحدة يتشاركان في تاريخ طويل من الصداقة والتعاون والمصالح العديدة, وأكد أن استمرار الصداقة والتحالف بين البلدين أمر شديد الأهمية, مشيرا إلي أن العملية الانتقالية في مصر تتقدم, وأن الجزء الإيجابي فيها إجراء انتخابات ديمقراطية وانعقاد البرلمان الجديد, بينما السلبي منها هو القبض علي متظاهرين سلميين وتقديمهم للمحاكمة العسكرية وقيام السلطات المصرية بشن حملة علي مكاتب سبع منظمات غير حكومية بما فيها أربع منظمات أمريكية تعمل في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وانتقد ليهي- الذي قاد عملية فرض مشروطية علي المساعدات المقدمة إلي مصر قبل شهرين- التحقيق مع المنظمات غير الحكومية, وقال إن الحكام العسكريين في مصر لا يرون مشكلة في تلقي الحكومة المصرية لميارات الدولارات في شكل مساعدات, إلا أنهم يرون أن حصول منظمات مصرية تعمل علي نشر الديمقراطية والمجتمع الحر نيابة عن المجتمع المصري ولا يمكنها البقاء دون دعم خارجي أمر ضد مصالحهم. وقال ليهي إن الحكومة المصرية تشير إلي احترام القانون رغم أن الشكوي ضد تلك المنظمات- علي حد قوله- تقدمت بها الوزيرة فايزة أبو النجا وزيرة التخطيط والتعاون الدولي التي وصفها بأنها لا تملك سلطة قانونية لإثارة الأمر وتعد من بقايا نظام حسني مبارك وتثير المشاعر المعادية للولايات المتحدة من أجل ضرب القوي الليبرالية في الداخل. وأوضح ليهي أنه بالنظر إلي التصريحات الأخيرة لفايزة أبو النجا فإن الولاياتالمتحدة لا يجب أن تقدم أموالا إلي أو من خلال وزارة التعاون الدولي مادامت في منصبها, وقال انه باعتباره رئيس اللجنة الفرعية حول مخصصات وزارة الخارجية والعمليات الخارجية فإنه واثق من الدعم القوي في الكونجرس لموقفه. وقال السيناتور البارز إنه من مصلحة مصر والولاياتالمتحدة حل تلك الأزمة علي نحو سريع ومرض, مشيرا إلي أن مشروطية المساعدات تبعث برسالة إلي الشعب المصري مفادها أن واشنطن تقف إلي جوار طموحاتهم لبناء الديمقراطية والحريات الأساسية, والثاني هو رسالة للقادة العسكريين أن أيام الشيكات علي بياض قد ولت. وتعليقا علي هذا الكلام الخطير قالت مصادر دبلوماسية في واشنطن لالأهرام إن تلك هي المرة الأولي في تاريخ العلاقات التي يطالب فيها مسئول أمريكي رفيع بإبعاد او اشتراط خروج مسئول من منصبه لضمان تقديم المساعدات المقررة.