وزير الرياضة يشهد فعاليات ختام القمة المصرية الأوروبية للقيادات الشبابية الإعلامية بالإسماعيلية (فيديو)    سعر جرام الفضة اليوم الجمعة بالصاغة، عيار 999 يسجل هذا الرقم    بوتين: العلاقات بين روسيا ومصر تتطور بصورة ناجحة    طارق مصطفى يعلن تشكيل البنك الأهلى لمواجهة بيراميدز في الدوري    محترف أهلي جدة يخضع لفحوصات طبية لتحديد موقفه من مواجهة الشباب    حريق يلتهم شقة سكنية في الزمالك    بعد غياب 6 سنوات، عمرو دياب يعود لألبومات الصيف من جديد    تاج الدين: مصر لها خبرات كبيرة في قدرة أطبائها وخبرائها المتميزين بالمجال الطبي    تراجع جديد في أعداد قاطني مخيم الهول السوري    ترامب يوجه رسالة إلى الصين: الأسواق المغلقة لم تعد مجدية    بالصور- أسلاك الضغط العالي تتسبب في حريق عدد من المنازل بكفر الشيخ    النيابة تصرح بدفن جثة شاب غرق بترعة أبيس في الإسكندرية    الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن تجاه الأراضي الإسرائيلية    حقيقة إغلاق بعض بيوت الثقافة التابعة للهيئة العامة    تداول 24 ألف طن و1173 شاحنة بضائع بموانئ البحر الأحمر    فريق طبي بمستشفى سوهاج الجامعي ينجح في استخراج دبوس من معدة طفل    مصرع عنصرين إجراميين في مداهمة بؤرًا خطرة بالإسماعيلية وجنوب سيناء    شهادات مزورة ومقر بدون ترخيص.. «الطبيبة المزيفة» في قبضة المباحث    أنشيلوتي يخطط لإسقاط برشلونة    الضرائب: 9 إعفاءات ضريبية لتخفيف الأعباء وتحفيز الاستثمار    أمين الفتوى: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانة والوفاء بالعهد    السديس في خطبة المسجد الحرام يحذر من جرائم العصر الرقمي والذكاء الاصطناعي    محافظ الشرقية يطمئن على نسب تنفيذ أعمال مشروعات الخطة الإستثمارية للعام المالي الحالي بديرب نجم    خبر في الجول - لجنة التظلمات تحدد موعد استدعاء طه عزت بشأن أزمة القمة.. ولا نية لتقديم القرار    تكنولوجيا التطبيب "عن بُعد".. إطلاق مشروع التكامل بين مراكز زراعة الكبد والجهاز الهضمي    جامعة القاهرة: أسئلة امتحانات الترم الثاني متنوعة لضمان العدالة    تنفيذ فعاليات حفل المعرض الختامي لأنشطة رياض الأطفال    رئيس الوزراء يؤكد حِرصه على المتابعة المستمرة لأداء منظومة الشكاوى الحكومية    عقب أدائه صلاة الجمعة... محافظ بني سويف يتابع إصلاح تسريب بشبكة المياه بميدان المديرية    المستشار الألمانى يطالب ترامب بإنهاء الحرب التجارية وإلغاء الرسوم الجمركية    "موسم لا ينسى".. صحف إنجلترا تتغنى ب محمد صلاح بعد جائزة رابطة الكتاب    جدل فى بريطانيا بسبب اتفاق ترامب وستارمر و"الدجاج المغسول بالكلور".. تفاصيل    مروان موسى: ألبومي الأخير نابع من فقدان والدتي    أحمد داش: جيلنا محظوظ ولازم يوجد صوت يمثلنا    المنظمات الأهلية الفلسطينية: غزة تواجه أوضاعا خطيرة بسبب القيود الإسرائيلية    البابا لاون الرابع عشر في قداس احتفالي: "رنموا للرب ترنيمة جديدة لأنه صنع العجائب"    وزير الأوقاف ومحافظ الشرقية يؤديان صلاة الجمعة بمسجد الدكتور عبد الحليم محمود    هل يجوز الحج عن الوالدين؟ الإفتاء تُجيب    التموين تعلن آخر موعد لصرف الدعم الإضافي على البطاقة    استلام 215 ألف طن قمح في موسم 2025 بالمنيا    الشباب والرياضة تنظم الإحتفال بيوم اليتيم بمركز شباب الحبيل بالأقصر    10 لاعبين يمثلون مصر في البطولة الأفريقية للشطرنج بالقاهرة    الزمالك في جولته الأخيرة أمام المقاولون في دوري الكرة النسائية    محمد عبد الرحمن يدخل في دائرة الشك من جديد في مسلسل برستيج    دمياط: قافلة طبية تحت مظلة حياة كريمة تقدم العلاج ل 1575 شخصا    وزير الري يؤكد سرعة اتخاذ قرارات طلبات تراخيص الشواطئ دعما للمستثمرين    أبو بكر الديب يكتب: مصر والمغرب.. تاريخ مشترك وعلاقات متطورة    المتحف المصري الكبير يستقبل 163 قطعة من كنوز الملك الذهبي توت عنخ آمون    سائح من ألمانيا يشهر إسلامه داخل ساحة الشيخ المصرى الحامدى بالأقصر..فيديو    كاف اعتمدها.. تعرف على المتطلبات الجديدة للمدربين داخل أفريقيا    ضبط دقيق مجهول المصدر وأسطوانات بوتاجاز مدعمة قبل بيعها بالسوق السوداء بالمنوفية    محافظ القليوبية يستقبل وفد لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب لتفقد مستشفى الناس    حفيدة الشيخ محمد رفعت: جدى كان شخص زاهد يميل للبسطاء ومحب للقرآن الكريم    تحقيقات موسعة في العثور على جثة متعفنة داخل منزل بالحوامدية    الموافقة على الإعلان عن التعاقد لشغل عدة وظائف بجامعة أسيوط الأهلية (تفاصيل)    إعلام إسرائيلي: تفاؤل أمريكى بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن قطاع غزة    بسبب الأقراص المنشطة.. أولى جلسات محاكمة عاطلين أمام محكمة القاهرة| غدا    التنمر والتحرش والازدراء لغة العصر الحديث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر للمصريين وللشباب
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 05 - 2014

أشرنا فى مقال سابق إلى أن أى فصيل سياسى أو عَقَدِى أو فئوي, يظنّ أن باستطاعته أن يحكم مصر, أو يغير هويتها الثقافية إلى سبيكة سياسية أو عَقَدِيّة واحدة لا تحافظ على هذا النسيج الواحد حكمًا, المتعدد تكوينًا, سيلفظه هذا الشعب, وفى هذا ما قد يجيب السؤال؛ لماذا ثار المصريون على حكم الأخوان؟
ولا يجب أن ننسى فى هذا الصدد استعانة حكومة د. مرسى بقيادات من الحزب الوطنى السابق, وبعدد من أعضاء لجنته السياسية, وكان هذا السلوك فى رأيى سببًا من الأسباب المباشرة التى أفقدت قوى الثورة الثقة به, وبحكومته, ومهّدت لإسقاطه, وذلك فى ظل نمو شعور عام بخطورة أن تهيمن جماعة على القرارات الاستراتيجية للسياسة المصرية, وذلك باعتراف قياداتها أكثر من مرة, فكما كان يستعين مبارك بزوجه ونجليه فى الحكم, استعان مرسى بأهله وعشيرته, بل إنه امتنع عن تقديم استقالته من حزبه, بعد نجاحه فى الانتخابات, متناسيًّا أنه رئيس كل المصريين, فلا يصح لأى رئيس «الانحياز» فى هذه الفترة الدقيقة من تاريخ مصر- إلى أى فصيل سياسي, أو طبقي, أو فئوي! ذلك لأن المصريين لن يقبلوا ما يعيد إلى الأذهان مساوئ عصر مبارك, الذى انحاز إلى حزب أفسد الحياة السياسية, وتحولت قياداته إلى طبقة استغلت المصريين! إن الانحياز الوحيد الصحيح هنا هو انحياز الرئيس إلى جموع الشعب وثورته..
وفى ظل هذه الظروف, لا يجوز أن تقوم أى حكومة قادمة لدولة كبيرة مثل مصر على «محاصصة» أيديولوجية أيًّا كان نوعها, فمصر ليست غنيمة لأحزاب سياسية لم يكن لها أى يد فى الثورة سوى السعى إلى استغلالها, وإن كان من المهم فى رأيي- أن تستأنس أى حكومة قادمة بهيئة فكرية وعلمية (think tank), وبجهد مجلس استشارى واسع ومتنوع, ذلك لأن أى برنامج فى حقيقته جسد من الكتابة, وروح من التفصيلات والرؤى والنيات التى لا تظهر مباشرة فيه, فعلى سبيل المثال طرح معظم مرشحى الانتخابات الرئاسية السابقة, برامج عديدة على الشعب, ولما جاءت حكومة د. مرسي, ظنت أن كل برنامج قدمه مرشح رئاسى نافس مرسى فى الانتخابات السابقة هو برنامج يخصّ المرشح! ولا يخصّ الشعب, فلم تستفد حكومة مرسى أى إفادة -لقصور وعيها السياسي- ببرامج المرشحين الآخرين, وانصب اهتمامها بالمرشح نفسه, وبالبعد السياسى لحضوره بجانب الرئيس, وليس بالفائدة المرجوة من استثمار برنامجه, وغاب عن هؤلاء جميعًا أن الاستعانة ببرنامج مرشح آخر لا يُعدّ عيبًا ينال من مهابة الرئيس مثلاً, أو مكانته, وأن مصر للمصريين وليست لرئيس, أو لحكومة, أو لجماعة, أو لأيديولوجيا!
أما أول ثلاثة توقعات ينتظرها المصريون بعد حسم المعركة الانتخابية فترتبط فى رأيي- بالتساؤل حول مدى ارتباط الثورة بالدولة فى برنامج الرئيس القادم؟ وكيف تحققت فيه شعاراتها فى العيش, والحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة؟ وما أولويات الرئيس القادم التى تكشف عن انحيازاته؟ فالانحياز إلى جموع المصريين, ممن يعانون الفقر والفقر المدقع, ويمثلون طبقات المجتمع الأكثر احتياجا وعوزًا, هو الوسيلة المثلى والمباشرة التى تربط بين الرئيس والغالبية التصويتية القادرة على حسم أى معركة سياسية قادمة لمصلحته, بل إن هذه الجموع هى الساحر الحقيقى الذى إن التف حول مشروع رئيسه, وعقد معه حلفًا للتقدم والنمو, تغيَّر الواقع, دون أوهام, أو وعود كاذبة, من التى يطلقها المرشَّحون عادة, ولا ينفذون منها شيئًا.
سيظل نجاح أى رئيس قادم رهينًا لعدة تحديات أهمها قدرته على إرجاع الحقوق المسلوبة إلى مستحقيها, ذلك لأن الرئيس القادم يبدأ أولى خطواته من أرض وعرة, فالمبادرات صعبة, والوطن يحتاج إلى تكاتف الشعب حول مشروع وقيادة, والانحيازات قد تكون مؤلمة, والرئيس يبدأ من أوضاع اقتصادية مجحفة, وأوضاع اجتماعية وسياسية شديدة التعقيد, فى ظل بنية قانونية تحتاج إلى آلاف التشريعات وضعًا وتعديلاً وإلغاءً, لإنفاذ مواد الدستور, وهى الطريقة المثلى لأى رئيس قادم لضم فئات شعبية عريضة إليه, ولهذا أقول إن ثانى أهم أولوية من أولويات المرحلة هى إرجاع حقوق العمال والفلاحين والصيادين, وحقوق العمالة غير المنتظمة, والمرأة المعيلة, وأطفال الشوارع, وحقوق أصحاب المعاشات والمعاقين, وحقوق أهل النوبة وأهل سيناء والصعيد, وقبل كل ذلك حقوق المرأة والشباب..
إن أهم ثروة فى مصر الآن هى الشباب, وأهم ثورة فى تاريخنا الحديث هى ثورتهم التى لن تكتمل إلا بتمكينهم من السلطة, ومن ثروات بلادهم, إلا بتحويل شعار الثورة إلى برامج عملية, يقوم عليها تحالف شعبى كبير, يؤمن بالرؤية والرائى معًا, ولكى أعطى دليلاً مباشرًا على أهمية الشباب فى ضع الاستقرار, لن أجد أمامى أفضل من تحليل سريع للقوى التصويتية فى الانتخابات القادمة, فاعتمادًا على الموقع الرسمى للجنة الانتخابات الرئيسية, نجد أن إجمالى عدد الناخبين هو (53,909,306), منهم عدد ناخبات يقدر ب (26,160,903), وعدد ناخبين يقدر ب (27,748,403), فإذا ما حسبنا نسبة الذكور ممن لهم حق التصويت, وتتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر عاما والأربعين, وجدناها حوالى (16,602,638), بنسبة (51.5%) من عدد الذكور الإجمالي, ويقدر عدد الناخبات الإجمالى من الشريحة نفسها (15,153,933) ناخبة تقريبًا, وبنسبة (49.5 %) من إجمالى عدد القوى التصويتية للإناث, وبجمع كتلتى الإناث والذكور معًا, ستكون القوى التصويتية الشبابية حوالى (31,756,571) من الناخبات والناخبين الذين تقل أعمارهم عن واحد وأربعين عامًا! بنسبة تقترب من (59 %)!
فإذا ما قارنّا هذه النسبة بنسبة أصوات الناخبين ممن تزيد أعمارهم على ستين عامًا, أى الفئة التى ينتمى إليها المرشّحان الرئاسيّان, نجدها (6,708,192) ناخبًا وناخبة, وهى نسبة لا تجاوز (12.5%) تقريبًا من إجمالى الأصوات! هذا تحليل سريع يوضح أن كلمة سر المرحلة القادمة هى الشباب, بصفته قوة مصر القادرة كمًا وكيفا على التغيير, على إعادة البناء, أو إعادة الثورة..
تمرّ مصر بمرحلة انتقالية, تحاول الثورة فيها أن تنتقل إلى السلطة, فالثورة حاضرة فى الأفق بقوتها الوضعية الهائلة, تنتظر ما ستسفر عنه المرحلة الجديدة من ثمار, وفى هذا نؤكد أن أى نجاح اقتصادى أو صناعى أو علمى مستهدف من أى حكومة وطنية قادمة يجب أن يسبقه تصور شامل «لمشروع ثقافى قومي», يرسّخ قيم هذا الشعب, ويبتعثها من جديد, مشروع قوميّ للثقافة, يضع الهوية المصرية بصفتها مُتخَيَّلاً يشيده المصريون, وليس معطى يجب استعادته من التاريخ, متخيلاً يدفع إلى الانتماءِ إلى المستقبل, إلى قيم التطور والتقدم, ويقاوم الفساد, ويضم فئات هذا الوطن وطبقاته إلى لحمة واحدة, إن إنهاء حالة الاستقطاب التى تضرب أوصال المجتمع المصرى الآن, هى فى رأيى أهم أولوية يجب أن يبدأ بها الرئيس القادم, ويظل ذلك رهين قدرته على جمع الشعب حول مشروع يشكل عقدًا اجتماعيًّا بينه وبينهم, وعلى تلبية مطالب الملايين من الفقراء والكادحين الذين منحوه أصواتهم. وللكتابة بقية..
لمزيد من مقالات د. علاء عبدالهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.