رئيس الوزراء يهنئ شيخ الأزهر بالعام الهجري الجديد    المستشارة أمل عمار تشارك في المنتدى العربي من أجل المساواة بالجزائر    صعود جديد ل سعر الفراخ البيضاء.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 24-6-2025 صباحًا للمستهلك    تراجع سعر الريال السعودي اليوم الثلاثاء 24-6-2025 مستهل التعاملات    وزير البترول: وحدات التغييز الجديدة تعزز جاهزية البنية التحتية لتأمين الغاز خلال الصيف    وزير الإسكان يتابع آلية عمل وحدتي تنظيم السوق العقارية وتصدير العقار    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 24 يونيو    وزير النقل يشهد توقيع عقد بناء سفينتين جديدتين من السفن العملاقة    رئيس مياه القناة الأنتهاء من تركيب مأخذ نموذجي لمحطة فناره العمده    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    بعد إطلاق صواريخ إيرانية جديدة على إسرائيل.. سموتريتش: طهران سترتجف    بعد اعتقاله وإطلاقه .. ماذا وراء الاستدعاء الأمني ل(العضايلة) أرفع مسؤول بالإخوان في الأردن؟!    السوداني يأمر بالتحقيق في استهداف عدة مواقع وقواعد عسكرية عراقية    ليلة الرعب والخيبة | ترامب يخدع.. إيران تضرب.. بغداد تحترق.. الأهلي يودع المونديال    لماذا لم تتدخل روسيا لدعم إيران أمام إسرائيل؟ أستاذ علوم سياسية يوضح    واشنطن بوست: ترامب دمر خطط «الناتو» بشأن أوكرانيا بضربة إيران    «نشعر بالإحباط والحزن».. أول تعليق من محمد هاني بعد وداع الأهلي ل كأس العالم للأندية    كأس العالم للأندية| ريبييرو: قدمنا مباراة كبيرة أمام بورتو.. والحضور الجماهيري مذهل    تعليق مثير من مدرب بورتو بعد التعادل مع الأهلي: لم يكن هناك نقص في الطماطم    حالة الطقس اليوم في السعودية وارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ظهرت رسميا.. نتيجة الصف الثالث الإعدادي محافظة الأقصر 2025 برقم الجلوس استعلم الآن    ضبط 1257 قضية في حملات ب مترو الأنفاق والقطارات ومحطات السكك الحديدية    إصابة 6 أشخاص في تصادم 3 سيارات بطريق السخنة    الداخلية تضبط أكثر من 10 أطنان دقيق خلال حملات مكثفة لضبط الأسواق    بعد تدهور حالته الصحية.. تامر عبدالمنعم يعلن وفاة والده (موعد ومكان الجنازة)    بدأت ب«فولو» على إنستجرام.. سلمى أبو ضيف تكشف طريقة تعرفها على زوجها    صيف درامي ساخن.. 3 مسلسلات تستعد للمنافسة    موعد حفل صابر الرباعي في مهرجان موازين 2025    «تمويل محلي وتصنيع ذاتي وتحول رقمي».. «عبد الغفار»: مصر تطرح خارطة طريق لملف الصحة ب 3 ركائز    رئيس الوزراء يستعرض التعاون مع «برجيل القابضة» في مجال زرع النخاع    وكيل «صحة الإسكندرية» تؤكد ضرورة جودة الخدمات المقدمة للمواطنين    انعقاد لجنة اختيار المرشحين لمنصب عميد كلية التجارة بجامعة قناة السويس    أقوى 46 سؤالا فى الفيزياء لطلاب الثانوية العامة.. أفكار لن يخرج عنها الامتحان    عودة آخر أفواج حجاج الجمعيات الأهلية من الأراضي المقدسة.. غدًا الأربعاء    كنائس وسط القاهرة تطلق كرنفال افتتاح مهرجان الكرازة المرقسية 2025 للأطفال    داري وعطية الله يخضعان لكشف المنشطات بعد مباراة الأهلي وبورتو    أفشة يعتذر لجماهير الأهلي بعد وداع كأس العالم للأندية    بعد توقف أسابيع.. البابا تواضروس يستأنف عظاته الأسبوعية بالإسكندرية غدًا    نانسي عجرم تحمل كرة قدم وقميص فريق منتخب المغرب ب«موازين» (فيديو)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-6-2025 في محافظة قنا    تكرّيم 231 حافظًا لكتاب الله في احتفالية كبرى بالمراشدة بقنا    جامعة أسيوط تطلق بودكاست "أخبار جامعة أسيوط" باللغة الإنجليزية    مسئول فلسطيني يتهم إسرائيل بسرقة منازل بالضفة أثناء اقتحامها    «التضامن» تقر قيد وتوفيق أوضاع 5 جمعيات في 3 محافظات    الديدان الطفيلية تساعد البشر في مكافحة السمنة.. كيف؟    بوجبا يقترب من العودة إلى منتخب فرنسا    استدعاء مالك عقار شبرا المنهار لسماع أقواله    البابا تواضروس يعزي بطريرك أنطاكية للروم الأرثوذكس في ضحايا الهجوم على كنيسة مار إيلياس    هل الشيعة من أهل السنة؟.. وهل غيّر الأزهر موقفه منهم؟.. الإفتاء تُوضح    تفسير آية | معنى قولة تعالى «وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي 0لۡكِتَٰبِ لَتُفۡسِدُنَّ فِي 0لۡأَرۡضِ مَرَّتَيۡنِ»    فرص تأهل الهلال إلى دور ال 16 من كأس العالم للأندية    سلمى أبو ضيف تتصدر التريند بعد كشف تفاصيل قصة حبها مع إدريس: "طلب إيدي في إسبانيا!"    جماهير الأهلى تحفز اللاعبين بلافتات "أعظم نادى فى الكون"    غدا ميلاد هلال شهر المحرم والخميس بداية العام الهجري الجديد 1447 فلكيا    طريقة عمل المسقعة باللحمة المفرومة في خطوات بسيطة    ترجمات| «هكذا تكلم زرادشت».. صدم به «نيتشه» التيارات الفلسفية المتناقضة في أوروبا    عرفت من مسلسل.. حكاية معاناة الفنانة سلوى محمد علي مع مرض فرط الحركة    مسئول إيراني: طهران لم تتلق أي مقترحات لوقف إطلاق النار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر للمصريين وللشباب
نشر في الأهرام اليومي يوم 23 - 05 - 2014

أشرنا فى مقال سابق إلى أن أى فصيل سياسى أو عَقَدِى أو فئوي, يظنّ أن باستطاعته أن يحكم مصر, أو يغير هويتها الثقافية إلى سبيكة سياسية أو عَقَدِيّة واحدة لا تحافظ على هذا النسيج الواحد حكمًا, المتعدد تكوينًا, سيلفظه هذا الشعب, وفى هذا ما قد يجيب السؤال؛ لماذا ثار المصريون على حكم الأخوان؟
ولا يجب أن ننسى فى هذا الصدد استعانة حكومة د. مرسى بقيادات من الحزب الوطنى السابق, وبعدد من أعضاء لجنته السياسية, وكان هذا السلوك فى رأيى سببًا من الأسباب المباشرة التى أفقدت قوى الثورة الثقة به, وبحكومته, ومهّدت لإسقاطه, وذلك فى ظل نمو شعور عام بخطورة أن تهيمن جماعة على القرارات الاستراتيجية للسياسة المصرية, وذلك باعتراف قياداتها أكثر من مرة, فكما كان يستعين مبارك بزوجه ونجليه فى الحكم, استعان مرسى بأهله وعشيرته, بل إنه امتنع عن تقديم استقالته من حزبه, بعد نجاحه فى الانتخابات, متناسيًّا أنه رئيس كل المصريين, فلا يصح لأى رئيس «الانحياز» فى هذه الفترة الدقيقة من تاريخ مصر- إلى أى فصيل سياسي, أو طبقي, أو فئوي! ذلك لأن المصريين لن يقبلوا ما يعيد إلى الأذهان مساوئ عصر مبارك, الذى انحاز إلى حزب أفسد الحياة السياسية, وتحولت قياداته إلى طبقة استغلت المصريين! إن الانحياز الوحيد الصحيح هنا هو انحياز الرئيس إلى جموع الشعب وثورته..
وفى ظل هذه الظروف, لا يجوز أن تقوم أى حكومة قادمة لدولة كبيرة مثل مصر على «محاصصة» أيديولوجية أيًّا كان نوعها, فمصر ليست غنيمة لأحزاب سياسية لم يكن لها أى يد فى الثورة سوى السعى إلى استغلالها, وإن كان من المهم فى رأيي- أن تستأنس أى حكومة قادمة بهيئة فكرية وعلمية (think tank), وبجهد مجلس استشارى واسع ومتنوع, ذلك لأن أى برنامج فى حقيقته جسد من الكتابة, وروح من التفصيلات والرؤى والنيات التى لا تظهر مباشرة فيه, فعلى سبيل المثال طرح معظم مرشحى الانتخابات الرئاسية السابقة, برامج عديدة على الشعب, ولما جاءت حكومة د. مرسي, ظنت أن كل برنامج قدمه مرشح رئاسى نافس مرسى فى الانتخابات السابقة هو برنامج يخصّ المرشح! ولا يخصّ الشعب, فلم تستفد حكومة مرسى أى إفادة -لقصور وعيها السياسي- ببرامج المرشحين الآخرين, وانصب اهتمامها بالمرشح نفسه, وبالبعد السياسى لحضوره بجانب الرئيس, وليس بالفائدة المرجوة من استثمار برنامجه, وغاب عن هؤلاء جميعًا أن الاستعانة ببرنامج مرشح آخر لا يُعدّ عيبًا ينال من مهابة الرئيس مثلاً, أو مكانته, وأن مصر للمصريين وليست لرئيس, أو لحكومة, أو لجماعة, أو لأيديولوجيا!
أما أول ثلاثة توقعات ينتظرها المصريون بعد حسم المعركة الانتخابية فترتبط فى رأيي- بالتساؤل حول مدى ارتباط الثورة بالدولة فى برنامج الرئيس القادم؟ وكيف تحققت فيه شعاراتها فى العيش, والحرية, والعدالة الاجتماعية, والكرامة؟ وما أولويات الرئيس القادم التى تكشف عن انحيازاته؟ فالانحياز إلى جموع المصريين, ممن يعانون الفقر والفقر المدقع, ويمثلون طبقات المجتمع الأكثر احتياجا وعوزًا, هو الوسيلة المثلى والمباشرة التى تربط بين الرئيس والغالبية التصويتية القادرة على حسم أى معركة سياسية قادمة لمصلحته, بل إن هذه الجموع هى الساحر الحقيقى الذى إن التف حول مشروع رئيسه, وعقد معه حلفًا للتقدم والنمو, تغيَّر الواقع, دون أوهام, أو وعود كاذبة, من التى يطلقها المرشَّحون عادة, ولا ينفذون منها شيئًا.
سيظل نجاح أى رئيس قادم رهينًا لعدة تحديات أهمها قدرته على إرجاع الحقوق المسلوبة إلى مستحقيها, ذلك لأن الرئيس القادم يبدأ أولى خطواته من أرض وعرة, فالمبادرات صعبة, والوطن يحتاج إلى تكاتف الشعب حول مشروع وقيادة, والانحيازات قد تكون مؤلمة, والرئيس يبدأ من أوضاع اقتصادية مجحفة, وأوضاع اجتماعية وسياسية شديدة التعقيد, فى ظل بنية قانونية تحتاج إلى آلاف التشريعات وضعًا وتعديلاً وإلغاءً, لإنفاذ مواد الدستور, وهى الطريقة المثلى لأى رئيس قادم لضم فئات شعبية عريضة إليه, ولهذا أقول إن ثانى أهم أولوية من أولويات المرحلة هى إرجاع حقوق العمال والفلاحين والصيادين, وحقوق العمالة غير المنتظمة, والمرأة المعيلة, وأطفال الشوارع, وحقوق أصحاب المعاشات والمعاقين, وحقوق أهل النوبة وأهل سيناء والصعيد, وقبل كل ذلك حقوق المرأة والشباب..
إن أهم ثروة فى مصر الآن هى الشباب, وأهم ثورة فى تاريخنا الحديث هى ثورتهم التى لن تكتمل إلا بتمكينهم من السلطة, ومن ثروات بلادهم, إلا بتحويل شعار الثورة إلى برامج عملية, يقوم عليها تحالف شعبى كبير, يؤمن بالرؤية والرائى معًا, ولكى أعطى دليلاً مباشرًا على أهمية الشباب فى ضع الاستقرار, لن أجد أمامى أفضل من تحليل سريع للقوى التصويتية فى الانتخابات القادمة, فاعتمادًا على الموقع الرسمى للجنة الانتخابات الرئيسية, نجد أن إجمالى عدد الناخبين هو (53,909,306), منهم عدد ناخبات يقدر ب (26,160,903), وعدد ناخبين يقدر ب (27,748,403), فإذا ما حسبنا نسبة الذكور ممن لهم حق التصويت, وتتراوح أعمارهم بين ثمانية عشر عاما والأربعين, وجدناها حوالى (16,602,638), بنسبة (51.5%) من عدد الذكور الإجمالي, ويقدر عدد الناخبات الإجمالى من الشريحة نفسها (15,153,933) ناخبة تقريبًا, وبنسبة (49.5 %) من إجمالى عدد القوى التصويتية للإناث, وبجمع كتلتى الإناث والذكور معًا, ستكون القوى التصويتية الشبابية حوالى (31,756,571) من الناخبات والناخبين الذين تقل أعمارهم عن واحد وأربعين عامًا! بنسبة تقترب من (59 %)!
فإذا ما قارنّا هذه النسبة بنسبة أصوات الناخبين ممن تزيد أعمارهم على ستين عامًا, أى الفئة التى ينتمى إليها المرشّحان الرئاسيّان, نجدها (6,708,192) ناخبًا وناخبة, وهى نسبة لا تجاوز (12.5%) تقريبًا من إجمالى الأصوات! هذا تحليل سريع يوضح أن كلمة سر المرحلة القادمة هى الشباب, بصفته قوة مصر القادرة كمًا وكيفا على التغيير, على إعادة البناء, أو إعادة الثورة..
تمرّ مصر بمرحلة انتقالية, تحاول الثورة فيها أن تنتقل إلى السلطة, فالثورة حاضرة فى الأفق بقوتها الوضعية الهائلة, تنتظر ما ستسفر عنه المرحلة الجديدة من ثمار, وفى هذا نؤكد أن أى نجاح اقتصادى أو صناعى أو علمى مستهدف من أى حكومة وطنية قادمة يجب أن يسبقه تصور شامل «لمشروع ثقافى قومي», يرسّخ قيم هذا الشعب, ويبتعثها من جديد, مشروع قوميّ للثقافة, يضع الهوية المصرية بصفتها مُتخَيَّلاً يشيده المصريون, وليس معطى يجب استعادته من التاريخ, متخيلاً يدفع إلى الانتماءِ إلى المستقبل, إلى قيم التطور والتقدم, ويقاوم الفساد, ويضم فئات هذا الوطن وطبقاته إلى لحمة واحدة, إن إنهاء حالة الاستقطاب التى تضرب أوصال المجتمع المصرى الآن, هى فى رأيى أهم أولوية يجب أن يبدأ بها الرئيس القادم, ويظل ذلك رهين قدرته على جمع الشعب حول مشروع يشكل عقدًا اجتماعيًّا بينه وبينهم, وعلى تلبية مطالب الملايين من الفقراء والكادحين الذين منحوه أصواتهم. وللكتابة بقية..
لمزيد من مقالات د. علاء عبدالهادى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.