تأتي زيارة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء إلي دولة غينيا الاستوائية خلال أيام استكمالا لجولته التي قام بها منذ عدة أيام إلي كل من دولتي تشاد وتنزانيا. وربما كان الهدف المعلن للجميع هو الرغبة في استعادة مصر دورها الإقليمي، والعودة إلي ممارسة دورها المعتاد في منظمة الاتحاد الإفريقي، التي كانت مصر هي التي أسستها في الستينيات، عندما كان اسمها منظمة الوحدة الإفريقية.. وأيضا ربما يكون أحد الأهداف المعلنة استئناف التعاون في جميع المجالات مع الشقيقات الإفريقيات، بما يحقق التنمية الشاملة في مصر، وفي بقية دول إفريقيا. إن مصر أساسا دولة إفريقية، ماء حياتها (النيل) يأتي من إفريقيا، وأمنها القومي يعتمد علي مكونات أساسية من بينها الحفاظ علي الانتماء الإفريقي، وبالإضافة إلي ذلك فإن رافدا مهما جدا لنهضة مصر الاقتصادية يعتمد علي إفريقيا، سواء من ناحية التصدير أو الاستثمارات أو تشغيل العمالة في مشروعات وشركات تتجه إلي إفريقيا للعمل والإنتاج. فما الذي جري لنا في السنوات الماضية، لقد نسينا إفريقيا، أو تناسيناها، فكانت خسائرنا لا تعد ولا تحصي! وهاهو إبراهيم محلب يحاول تدارك ما فات! وسيسأل البعض: وماذا لدي إفريقيا لتستفيد منه مصر؟ الإجابة: إن في إفريقيا منجما من الخيرات والفوائد والمكاسب له أول وليس له آخر، إن إفريقيا أولا سوق واعدة ضخمة جدا يمكن للمنتجات المصرية والسلع التوجه إليها فنجني المليارات. وفي إفريقيا ثانيا أراض زراعية، بملايين الهكتارات، نستطيع أن نتعاون نحن المصريين معهم في زراعتها فنكسب ويكسبون. وفي إفريقيا ثالثا مشروعات ضخمة تنتظر المستثمرين الممولين، وتتسابق عليها الدول الكبري من كل حدب وصوب.. فلماذا لا يكون لمصر نصيب من تلك الاستثمارات؟ ثم رابعا، وهذا هو الأهم، أن لمصر ميراثا من الحب والتقدير، يترحم عليه الأفارقة الآن، ونترحم معهم عليه، فلماذا نضيع مواريثنا هكذا بكل سهولة؟ إن إفريقيا يمكن أن تكون ظهيرا سياسيا لك لا يستهان به في المحافل الدولية..أن ماء حياتنا يأتي من عندهم ولا بديل عن التعاون معا. إننا في غمرة التحديات الضخمة التي تواجهنا علي الصعيد الداخلي قد يتخيل البعض أن زيارة محلب لإفريقيا تعد ترفا ليس هذا وقته، وتلك نظرة مقصورة خائبة ينقصها الفهم. إن افريقيا قوتها من قوة مصر، ومصر قوتها من عمقها الإفريقي.. فكفانا ابتعادا عن ملاعبنا الحقيقية التي تكمن فيها مصادر خيرنا ونمائنا! لمزيد من مقالات رأى الاهرام