لم تعد تنمية سيناء مجرد فكرة يطرحها البعض أو مشروع يُقترح ثم يُحبس فى الأدراج، ولكنها أصبحت ضرورة مُلحه للحفاظ على الأمن القومى المصري، وأيضاً تعويض سيناء وأهلها عن سنوات الإهمال والتجاهل. وبسبب طبيعة سيناء المتميزة كانت السياحة هى الباب الأول الذى يدخل منه المستثمرون لمشاريع التنمية بها، لم يكن الحال هكذا خلال الفترة الماضية، ولكن منذ تحرير سيناء تماماً فى الثمانينيات عندما دعت الحكومة شباب مصر الراغب فى العمل والسفر إلى الخارج أن يوجه طاقته وجهده لتنمية هذه البقعة من أرض مصر. سانت كاترين أرض الأديان وفى رحلة تمتد لعدة ساعات تبدأ من القاهرة على طريق السويس حيث سانت كاترين فى قلب جنوبسيناء على بعد 300 كم من قناة السويس..على الطريق تظهر أولى المشكلات التى تواجه السياحة فى سيناء، حيث يضطر السائح إلى سلوك طريق شرم الشيخ حتى منطقة أبو زينما ..هذا الطريق الذى يستغرق نحو 12 ساعة، بينما إذا تمت الرحلة عن طريق »وادى فيران« فسوف تستغرق 5 ساعات فقط، ولكن هذا الطريق الأقصر والأجمل فى مشاهده الطبيعية الرائعة، المتمثلة فى المنحنيات وسط الجبال المرتفعة، يغلق يومياً أمام السياحة خاصة الأجنبية التى لا يمكن أن تمر دون أن تؤمن من قبل الشرطة والبدو ، خاصة بعد تكرار ظاهرة خطف السائحين عليه عدة مرات! وعلى نفس الطريق الذى يوجد به دير البنات، نسير على مدار ساعتين ونصف حتى الوصول إلى سانت كاترين، وهناك التقيت الخبير السياحى الدكتور عاطف عبد اللطيف سفير النوايا الحسنة للتبادل الثقافى والحضارى وعضو جمعية مستثمرى جنوبسيناء والحاصل على الدكتوراة فى فلسفة صناعة السياحة والذى كان أحد شباب مصر الذين توجهوا إلى سيناء بعد تحريرها مباشرة، يقول:«مليار ونصف مليار دولار شهريا، يمكن أن تدخل لمصر من خلال هذه الطبيعة الساحرة فسيناء تتميز بطبيعتها التى تضم سلاسل الجبال والرمال بأنواعها المختلفة، وسار فيها كثير من الأنبياء وأنزلت بها رسالة سيدنا موسى :«يمكننا تنظيم الرحالات لرؤية الموقع الذى كلم فيه الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى والشجرة المباركة التى حُرقت لتدله على الطريق» هكذا تحدث عبد اللطيف مضيفا: «إفريقيا دخلها الإسلام عن طريق سيناء منها عبر عمرو ابن العاص إلى فتح مصر، هذا الطريق يمكن أن يكون مسارا سياحيا، ويتم سرد التاريخ فى شكل «حكاية» ولكن تنظيم الرحلات فى سيناء يفتقر إلى الإبداع والابتكار فى العرض والتقديم بالإضافة بالطبع إلى إهمال الكثير من الأماكن التى يمكن أستخدمها فى السياحة العلاجية والاستشفائية مثل عيون موسى المذكورة فى القرآن والمهجورة تماما، وحمام فرعون الموجود فى مدينة الطور، والذى يضم عيون مياه كبريتيه ساخنة نادرة جداً، ولكنها مهمله ومهجورة أيضاً!« وعلى ارتفاع 1500 متر فوق سطح البحر تقع مدينة سانت كاترين التى تعد أعلى الأماكن المأهولة فى سيناء وتحيط بها مجموعة جبال، هذه المنطقة التى تعد محمية طبيعة منذ عام 1988 كما أنها وفقا لموقع اليونسكو تم تسجيلها عام 2002 كموقع للتراث العالمي. وعند الوصول إلى وادى الراحة توجد استراحة السادات التى تعد مزارا سياحياً به بعض متعلقات الرئيس الراحل الذى كان يريد إنشاء مجمع أديان فى هذه المنطقة ..الاستراحة عبارة عن مبنى من دور واحد بجواره فندق صغير جداً ..أمامها مقام ومقبرة سيدنا هارون.. يسارا وعند ساحة الانتظار نجد أكشاكا صغيرة للبدو لبيع التذكارات. بالوادى المقدس وصلنا إلى الدير… الدخول إليه سيراً على الأقدام.. فالصعود على هضبة يحوطها يميناً ويساراً جبل موسى فى الوادى المقدس.. من هذا الموقع ترى المزارع التى يرعاها الرُهبان حيث شجر الزيتون والأرز..خارج الدير يوجد نحو 50 غرفة .. ما يعرف بفندق الدير، الذى يقيم فيه الحجاج القادمون من دول العالم والذين يكونون فى الغالب من اليهود أو الروم الارثوذكس اليونانيين، ليقضوا يوماً أو ليله واحدة فى انتظار الصعود إلى الجبل لمشاهدة شروق أو غروب الشمس. لدخول الدير نهبط عددا من الدرجات.. وخارج أبوابه ترى مجموعه غرف على اليمين للراهبات القادمات لزيارة الدير ..الدير المبنى من حجارة صخرية بلون الجبل له بوابات قصيرة تحتاج إلى الانحناء لعبورها..بعد عبور ممر صغير على يمينه غرفة المطران نهبط عددا من الدرجات هبوطاً للكنيسة.. التى يقع على يسارها المسجد، الممر القصير يقودك إلى شجرة »العليقة« التى اُهتدى على ضوئها سيدنا موسى والتى يقال أن الرهبان لا يلمسوها، ولا تسقي، وتنمو دون جذور..غير بعيد عنها بئر سيدنا شعيب المغطى بزجاج لرؤية المياه داخله والتى يسقى منها جميع مزروعات الدير. رحلة الجبل المقدس تبدأ من منتصف الليل، ويمنع صعود الجبل بدون بدوى فالطريق وعر جدا وعبارة عن مدقات رفيعة وصغيرة ويستخدم البعض الجمال، ويوجد نحو 10 استراحات للبدو، حتى الوصول إلى القمة أما الثلث الأخير من الطريق فهو عبارة عن عدد ضخم من الدرجات المصنوعة من الطوب. وعلى قمة جبل موسى 2830 مترا يوجد كنيسة و مسجد ومن هذا الارتفاع الشاهق يمكنك رؤية الجبل الذى دُك ومشهد بديع لشروق الشمس وتبدأ رحلة الهبوط فى حدود 3 أو أربع ساعات ليزور السائح الدير ويشاهد المتحف الذى لا يكون مفتوحا فى كل الأوقات وفى كاترين وديان كثيرة ليس لها مثيل فى العالم منها باب الدنيا الذى يقال إنه يمكن رؤية خليج السويس من على قمم جباله الشاهقة. غياب السياحة الداخلية ولكن لماذا تغيب السياحة الداخلية عن سيناء ؟ لأن سيناء غير مسوقه بالسياحة الداخلية فقط شرم الشيخ وبعض المخيمات والفنادق فى طابا و للأسف تكون مكلفة جدا بالنسبة للمواطن المصرى لذلك تحتاج للتوسع فى الفنادق الصغيرة المعروفة بالموتيل ويكون سعرها مناسبا للمواطن المصري. الاستثمارات فى سيناء لا تنتهى فمطار سانت كاترين الذى انشيء أثناء الاحتلال الإسرائيلى وكان اليهود يستثمرونه بشكل جيد جدا فكان يستقبل نحو 20 رحلة يوميه من جميع أنحاء العالم لسانت كاترين، وبعد تحرير سيناء تسلمت مصر المطار، وظل مغلقا 23 سنة وعندما تعرضنا إلى مشاكل قطع الطرق وخطف السائحين كان لابد من التفكير فى حل بديل للطريق البرى الذى كان يمثل أيضا مشقة على السائحين من كبار السن.