قليلون من يستخدمون آلة الكاميرا كأداة من أدوات التعبير ، يقدمون من خلالها فكرا وفلسفة خاصة تحمل مقومات ابداعية فى اللغة البصرية وهو ما يحتم على المتعامل مع هذه الآلة أن يكون من طراز خاص ، يبحث فى الجديد من تطورها التكنولوجى، مطوعا منه مايحقق به أهدافه الابداعية والتى تتمثل فى انتاج عمل يحمل مقومات العمل الفنى فى التصميم الذى يشتمل على العلاقات بين الكتل والفراغات والخطوط والضوء والظل والعمق ( المنظور) واللون وكذلك السكون والحركة .. .. وغيرها . والفنان شريف سنبل من هؤلاء الفنانين أصحاب البصمة فى هذا المجال ، وقد تابعته فيما يقدم من أعمال على مدى ما يزيد على عقدين ؛ فقد استطاع ان يحول الصورة الفوتوغرافية الى عمل فنى متكامل الأركان متعايشا بوجدانه وكيانه مع الفكرة والموضوع الذى يتناوله مهما كلفه من جهد ووقت ، وقد قدم العديد من الأعمال عن الموالد والذكر ومظاهر الاحتفالات من هذا النوع، وضمها كتاب منذ عشرين عاما، اشتمل على وجوه الشيوخ ورواد الموالد، نشرته الجامعة الأمريكيةبالقاهرة ، وهو أول كتاب ينشر من خلال مصور مصري، بعد أن كان الأجانب يحتكرون هذا المجال ، وجاءت المرحلة التى عشق فيها فن الباليه وقدم اعمالا رفيعة المستوى رغم صعوبة التعامل مع هذا المجال الذى يبتعد عنه المصورون حيث يحتاج الى مهارة ووعى وأقام العديد من المعارض عن الباليه والأوبرا والمايسترو فى دار الأوبرا، ويستكمل مشواره الفنى فى عشق المبانى التاريخية لحبه للتاريخ وتناولها برؤيته خارجيا وداخليا ، وتفرد على من يلتقطون صورا فى هذا المجال ، ولأنه عاشق حقيقي لفنه ؛ لم يخجل من اعادة أعمال قام بتصويرها لكتابه الأول فى تصوير المبانى التاريخية :»الفن المملوكى» منذ ما يقرب من 12 عاما حينما رفضها الناشر الأسبانى وأعادها اليه لأن المباني صورت مائلة ، وقدم سنبل المبررات ولكن لم يفلح وكانت هذه هى البداية لتصحيح المسار بعد أن تأكد من أن كل ماتعلمه وقدمه ليس هو المبتغى !
هذا الكتاب هو الذى أرشد مؤلفة أمريكية تعد كتابا عن القصور والفيلات المصرية، وقررت الإستعانة بالفنان شريف سنبل فى تصوير مادة الكتاب، بعد أن تعاملت مع ثلاثة من كبار الأسماء فى التصوير الفوتو غرافى فى مصر ولم تقتنع بهم ، وشعرت أثناء لقائها به بمقدرته الفنية فى التصوير ومتابعتها فى الطباعة حتى انتهاء الكتاب ، فهو فنان يعرف امكانيات العدسة ويعرف كيف ينتقى زاوية اللقطة بدقة فائقة ،حتى أنه قام بشراء جهاز يحدد اللقطة التى يقف عليها بالريموت كنترول وذلك بعد انتهائه من هذا الكتاب الذى أحدث ثورة فى عالم تصوير اللقطات الداخلية للمبانى فى مصر وتم اعادة طباعته عدة طبعات . قدم شريف سنبل 15 كتابا من هذه النوعية التى استخدم فيها التصوير الفوتوغرافى فى بناء الكتاب بمعناه الشامل كفكرة وموضوع ومادة ورؤية وعرض وطباعة . العمق فى الصورة أيضا هو ما يميز أعمال شريف سنبل وهى مسألة ليست بالسهلة كالتفاصيل التى رغم أنها تحتاج الى عين فاحصة ؛ يستطيع أى مصور أن يتعامل معها ، وهو ماأكده فى معرضه المقام حاليا بقصر الأمير طاز بالسيدة زينب والذي يعبر عن التراث الروحى والدينى المتشابك والمتداخل والمتواصل من خلال فنون العمارة واختار له عنوان «القاهرة ملتقى الأيمان» ويستمر حتى 22 ابريل الجاري . تجولت برفقة الفنان فى رحلة ثقافية فنية دينية مصرية تراثية بين معبد بن عيزرا بمصر القديمة والكنيسة المعلقة وكنيسة مار جرجس الرومانى ومسجد ابن طولون ومتحف اندرسون ومسجد أبو حريبة وشارع المعز ومسجد قلاوون وجامع ابو الدهب وجامع السلطان حسن وجامع الرفاعى . أعمال أشاد بها عميدة النقاد الفنيين فى جريدة النيويورك تايمز «انا كيسلجوف» قائلة:» يندر أن تجد مصورا ينظر الى ووضوع كلاسيكى تم تصويره مرات عديدة ومع ذلك يظهره فى ضوء جديد وكأنك لم تره من قبل . ان صور شريف سنبل تظهر أن له عيونا مختلفة مثل عيون آلهة الأغريق»
بهاء جاهين
فى صور معرض الفنان شريف سنبل عن مساجد مصر وكنائسها وحدة فنية كما هى روحية. فالمصرى هو المصرى فى احتفائه العميق بالدين والخلود ,ومصدر هذا الوجود وصانعه, كما أنه فى التعبير عن هذا يظل أيضا المصرى:ذلك الفنان الشرقى الذى يترجم أحاسيسه وأفكاره إلى شفرة زخرفية تكاد لا تفرق بين نماذجها إلا يصعوبة,فى المسجد الجامع والكنيسة-بل حتى فى المعبد اليهودى! إن هذا يذكرنا بالتراتيل القبطية التى هى أقرب, من حيث الروح والتقاليد الموسيقية, إلى الترتيل والإنشاد فى التراث الاسلامى منها إلى الغناء الكنسى الغربى. كذلك فلنتأمل الأعمدة وتيجانها فى معرض الفنان شريف سنبل,لنتأمل نقوش السقف والجدران.تأمل الخط العربى فى نقوش الكنيسة المعلقة,ستكاد تصيح :ياله من مسجد جميل! ولن تكون قدابتعدت كثيرا عن الحقيقة,فكلها بيوت الله يذكر فيها اسمه. هذا هو موضوع المعرض,الذى أمتعنى كهاو للجمال فى كل تجلياته, دون ادعاء أنى خبير بتقنيات فن التصوير.