«المسرح المائى».. نوع جديد من فنون العرائس حل وافدا على المسرح المصرى مؤخرا على يد مصممة العرائس مى مهاب، التى أثارتها فكرة تقديم عرض مسرحى على سطح الماء، وهو فن لم تعرفه سوى فيتنام، واحتفظت به طوال السنوات الماضية لنفسها باعتباره سرا قوميا يحظر على أى مواطن فيتنامى البوح بتفاصيله، وبعد جهود استمرت عشر سنوات تقريبا استطاعت مى مهاب - مصممة العرائس بمسرح الدولة - التوفيق بين صناع القرار في فيتنام ومصر لنقل «المسرح المائى» إلى القاهرة، وبالفعل تستضيف مصر هذه الأيام ورشة عمل يقودها اثنان من الخبراء الفيتناميين في هذا المجال لتعليم شباب الفنانين كيفية تصنيع العرائس أبطال عروض المسرح المائى، وذلك بتنفيذ عرائس عرض «إيزيس وأوزوريس» أول مسرحية تقام في مصر على سطح الماء من تصميم وإخراج مى مهاب. بدأت الفكرة في ذهن مى مهاب منذ عام 2008 وبعد دراستها لتصميم العرائس على يد الفنان ناجى شاكر - مبدع عرائس أوبريت الليلة الكبيرة الشهير – لهذا قررت أن تكون العرائس المائية هى موضوع رسالتها للماجستير التى ستناقشها قريبا، وهو تحدى كبير خاضته رغم ندرة المراجع، والسرية الشديدة المفروضة على هذا الفن من قبل الفيتناميين وصعوبة لغتهم وانغلاقهم عليها دون اللغات الأخرى.. ولعل هذا التحدى هو ما جعلها تحلم باستقدام هذا الفن إلى مصر باعتباره مشروعها الفنى، فسعت من خلال السفارة الفيتنامية في مصر والطالبات الفيتناميات اللاتى يتعلمن العربية في القاهرة للتواصل مع الفنانين المتخصصين في هذا المجال حتى حققت ما أرادت ووافق فتوح احمد رئيس البيت الفنى للمسرح على تبنى المشروع والبدء فيه فورا، بعد أن أصبحت أول مدربة في الشرق الأوسط تمارس هذا الفن. وحول هذا الفن قالت مى: يعد هذا الفن سرا قوميا وله خصوصيته لدى الفيتناميين، إلى درجة تماثل اسرار التحنيط عند قدماء المصريين، حتى إن القانون الفيتنامى كان يعاقب مَن يفشى تلك الأسرار حتى ولو داخل نفس الدولة بالقتل هو وثلاثة من أبنائه، وهى قدسية اجتماعية بدأت في حقول الأرز كنوع من أنواع التسلية للفلاح الفيتنامى، ثم نما هذا الفن في عهد الملك «لى لوى» بعد أن أدخله إلى القصور كتسلية للملوك، ومنها إلى المعابد والمؤسسات الحكومية المختلفة، فأصبح المسرح المائى هناك فنا متشعبا، وابتكروا فيه العديد من التقنيات حتى انهم تناولوا في مهرجان فيتنام الدولى الأخير عروضا مسرحية لهانز كريستيان أندرسون اشهر كتاب الأطفال على سطح الماء. أما عن تقنيات المسرح المائى فقد قالت مى: انه يعتمد على تحريك العرائس الخشبية على سطح الماء من خلال فنانين يرتدون ملابس من «المشمع» مناسبة لذلك، في مساحة قد تتغير من عرض لآخر، بحيث يمكن العرض في كل المساحات بدءا من دار الأوبرا وحتى الحدائق العامة، وتظهر العرائس امام الجمهور كاملة تتحرك على سطح الماء، ويحركها الفنانون من خلف ستار بواسطة أعواد طويلة من الخيزران، بشرط أن تختفى تلك الأعواد تحت الماء حتى لا يراها الجمهور. مى مهاب أكدت أن الورشة المقامة حاليا في المركز المصرى للتعاون الثقافى الدولى برئاسة أمير نبيه - والتابع للعلاقات الثقافية الخارجية – يتم فيها تجهيز المرحلة الأولى من المشروع وهى تدريب عدد من التشكيليين وصفوة مصممى الديكور التابعين لمسرح العرائس ومختلف مسارح الدولة على تصنيع وتجهيز العرائس، حتى يمكن بعد ذلك البدء في المرحلة الثانية للمشروع وهى تحريك وتمثيل العرائس لأن الفنان لابد أن يضفى من روحه على العروسة التى يحركها، وهذه أصعب مرحلة، لأنها تحتاج إلى مهارات خاصة كالقوة البدنية وشباب ذى سن صغيرة، لتحمل ضغط الماء وظروف هذه النوعية من المسرح، واضافت مى مهاب: نحن نسعى لنشر تعليم هذا الفن في مصر لخلق جيل جديد من مخرجى ومصممى المسرح المائى يمكنه قيادة هذا الفن فيما بعد بمصر. وكخطوة أولى تستعد مى مهاب الآن لإخراج أول عرض مسرحى على سطح الماء يحمل اسم «إيزيس وأوزوريس»، وهو ما قالت عنه: انه يعد ثمرة نتاج هذه الورشة، وقد رأيت أنه الأنسب حاليا لتقديمه مائيا، لأنه من وحى أساطيرنا الفرعونية التى دارت أحداثها على ضفاف النيل، وبالتالى فنحن لا نقحم دراما غريبة على سطح الماء، ومن المتوقع أن يُفتتح العرض في شهر يونيو المقبل، بعد انتهاء كل الإجراءات الإدارية والمالية بين الحكومتين المصرية والفيتنامية، وسوف نتنقل بالعرض في محافظات مصر، باعتباره أكبر مشروع عالمى يتعاون فيه الفيتناميون مع دولة أخرى في فن العرائس المائية.