تكره الأقنعة وتمزقها حتى ولو كانت لا تمتلك تحتها وجها. بعد طول تأمل، تنفض »رغدة السعيد«، خبيرة لغة جسد ومدربة المهارات البشرية، أعماق النفس البشرية كأى بيت نسكنه حتى لا تبقى نوافذه مغلقة، رغبتها فى البحث والتنقيب عن كوامن النفس هو ما دفعها لتقييم لغة الجسد عند كلا المرشحين لرئاسة مصر: عبدالفتاح السيسى وحمدين صباحي.. فترى فى المرشح الأول لغزا لا تزيده التفاصيل إلا غموضا.. والثانى يتسم بمكر ودهاء الريف. عبدالفتاح السيسي يصنف كشخصية حسية، مقوماتها: نبرة الصوت المنخفضة التى تلمس الجزء العاطفى عند مستقبل الرسالة. نظرة العين منخفضة وضيقة تتجه فى بعض الأحيان إلى ناحية الشمال حيث مركز القلب، تكراره لبعض الكلمات فى خطابه يجعله يبدو وكأنه يلقى شعرا وليس خطابا سياسيا. خلال 60 عاما اتسم الخطاب السياسى فى مصر بمخاطبة العاطفة بنسبة كبيرة لتحفيز الجماهير على بذل الجهد والتعاون مع الحكومة نظرا لأن السيسى شخصية حسية فانه حال استخدم نفس الخطاب، يبدو للبعض وكأنه يصطنع العاطفة. حين يتحدث نجده يضع يده على منطقة الصدر وهى مصدر العاطفة والشعور.. كذلك استخدامه لغة حميمية مثل: »انتم مش عارفين انكم نور عنينا وللا ايه؟«.. مع المد فى الكلام ونبرة الصوت المنخفضة تجعل كلماته تصل إلى عاطفة شريحة كبيرة من الناس. لغة جسده متناسقة مع لغة الجسد العسكرية وهى تتجلى فى وضع كف اليد إلى الداخل. احتفاظه بهذه اللغة يدل على انه شخصية كتومة.. يتحكم فى انفعالاته، لكن نظرا لان شخصية حسية تظهر بعض الانفعالات ويسهل قرائتها مثل جلوسه يوم الخطاب الأخير لمرسى حين كان يضع يده على ذقنه مع ارتفاع الأصابع، وهى حركة فى لغة الجسد تعنى «الانكسار». ارتداؤه للنظارة السوداء له أكثر من احتمال: ربما للحماية من الشمس، وقد يكون ستايل لكثير من ضباط الجيش والشرطة، أو دليل على أنه شخص كتوم خاصة أنه فى بعض الأوقات يستطيع أن يكون «بوكر فيس» أى أن تعبيرات وجهه لا تفصح عن شيء. فرصته كبيرة أن يكون قائدا عظيما للبلاد حال أقنع الشعب بقدراته.. ونجح فى الفصل بين الجيش والإدارة. حمدين صباحي يصنف كشخصية تحليلية.. نبرة صوته منخفضة لكنه وقت الحشد يجيد خلطها بالهتاف والنبرة الحادة، وهو ما تجلى فى وضوح أخيرا أمام منافسه السيسي، بينما كان يفتقد الحزم فى سباق الرئاسة الأول. التحاقه بكلية الإعلام قسم الصحافة أكسبه مهارة الاسترسال وترتيب الأفكار بسلاسة. يساعده فى ذلك حركة ضم أصبع السبابه والأوسط مع الابهام فى مواجهة المستمع، بالإضافة إلى تشبيك اليد وفكها بضع مرات خلال الحديث. اهتمامه بهيئته ومظهره العام، لا ينبع بالضرورة من حبه للظهور، وانما الأمر يتسق مع تسلسل أفكاره وهو دليل على أن شخصيته العامة مرتبة ومنظمة. متأثر جدا بشخصية جمال عبدالناصر.. وهو ما يتضح فى صور الدعاية السابقة له حيث يقف متطلعا للأفق على غرار الزعيم ناصر. يمتلك طيبة الريف التى يتمتع بها أهل بلطيم، فيتحدث بلهجة ريفية ويلتقط الصور مع البسطاء، كذلك يمتلك دهاء ومكر الريف، فتجده يعتمد ليس فقط على قاعدته الشعبية، ولكن يراهن أيضا على أصوات الإخوان أو المعارضين للمنافس له. فرصته كبيرة فى الفوز حال تخلى عن شخصيته الحالمة التى ترتبط بالماضى أكثر من الواقع.. وأن يكون له شخصيته المستقلة بعيدا عن جمال عبدالناصر.. وان يدرك أن زعامة ناصر ليست مطلوبة فى الوقت الراهن بقدر احتياج البلاد لمن يجيد إدارتها.