وسط مخاوف من أن يؤدى الصراع بين الغرب وروسيا فى أوكرانيا إلى تقسيمها، فشل البرلمان الأوكرانى أمس فى انتخاب حكومة انتقالية لإدارة المرحلة الراهنة وأرجأ قراره إلى غد الخميس، بينما طالب بملاحقة الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش أمام المحكمة الجنائية الدولية. وشدد أليكسندر تورتشينوف رئيس البرلمان والرئيس الانتقالى للبلاد على ضرورة تشكيل «حكومة ثقة وطنية» خلال اليومين المقبلين، مؤكدا أن رؤساء الكتل البرلمانية واللجان المختصة يعملون »ليل نهار« للتوصل إلى الاتفاق، فى حين تسابق كييف الزمن لمواجهة أزمة اقتصادية طاحنة. وفى المقابل، أكد روسلان كوشولينسكى نائب رئيس البرلمان أنه لا يوجد اتفاق حتى الآن حول الحكومة الجديدة، بينما طالبت يوليا تيموشينكو رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة وزعيمة المعارضة مجددا بإشراك نشطاء المعارضة فى التشكيل الحكومى المرتقب، وذلك فى الوقت الذى تم فيه فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية الأوكرانية المقررة بعد ثلاثة أشهر. وأعلنت اللجنة المركزية للانتخابات فى كييف أنه سيسمح للراغبين فى الترشح بتسجيل بياناتهم حتى الثلاثين من مارس المقبل، موضحة أنه سيتعين على كل مرشح إيداع 2،5 مليون هريفنا (أى ما يعادل 200 ألف يورو). وتزامنت حالة الاضطراب السياسى التى يواجهها البرلمان الأوكرانى مع اجتماع تيرتشينوف وأجهزة تنفيذ القانون لبحث ماوصفه «بعلامات خطيرة على الاتجاه نحو الانفصال» فى بعض المناطق بعد الإطاحة بالرئيس فيكتور يانوكوفيتش. وعلى صعيد قائمة الاتهامات الموجهة للرئيس الأوكرانى المخلوع، زعمت وثيقة مسربة نشرت على الإنترنت أن الرئيس المعزول فيكتور يانوكوفيتش وضع خططا ، قبل الإطاحة به، لاستخدام آلاف الجنود لسحق الاحتجاجات التى أطاحت به فى نهاية المطاف. ويعكف صحفيون اوكرانيون على فحص آلاف الوثائق التى يدعون العثور عليها بالقرب من مقر إقامة يانوكوفيتش خارج كييف. ورغم أنه لم يتم التأكد من صحتها إلا أن هينادى موسكال النائب السابق لوزير الداخلية نشر وثيقة على الإنترنت تتضمن خطة لنشر قناصة على أسطح المبانى حول ميدان الاستقلال مهد الانتفاضة وإطلاق النار على المحتجين فى الميدان. وكشفت الوثيقة عن أن مركبات مدرعة ونحو 22 ألف شرطى من بينهم حوالى 2000 من شرطة مكافحة الشغب كانوا سيشاركون فى الحملة فى حالة تنفيذها بالكامل. وقال موسكال ،الذى ينتمى إلى حزب «وطن الآباء» الموالى لتيموشينكو، إن نشر هذه الوثيقة يهدف لزيادة الضغوط على السطات الأوكرانية الحالية لتقديم يانوكوفيتش إلى العدالة. وفى الوقت ذاته، أعرب أوليج تياجنيبوك زعيم حزب »الحرية« الأوكرانى المتشدد عن قلقه من «غزو عسكرى روسي». مدعيا أنه لديه معلومات تفيد بأن قوات روسية وبالأخص وحدات من مشاة البحرية فى طريقها إلى مدينة سيفاستوبول الأوكرانية فى شبه جزيرة القرم. وزعم تياجنيبوك أن روسيا قد تتدخل لدعم يانوكوفيتش الموجود حاليا فى هذه المنطقة، محذرا من أن هذه قد تكون بداية الحرب مع روسيا. ومن ناحيتها، دعت وزارة الخارجية الروسية الجهات الراعية لاتفاق حل الأزمة فى أوكرانيا إلى »إيقاف المتطرفين الطامعين فى السلطة«، مشيرة إلى أن من يسيطرون على البرلمان الأوكرانى الآن لا يلتزمون بتلك الاتفاقية، التى وقعها ممثلو المعارضة الأوكرانية فى 21 فبراير الجارى بحضور وزراء خارجية ألمانيا وبولندا وفرنسا. واتهمت البرلمان الأوكرانى بإصدار قرارات »ثورية« يستهدف بعضها حقوق الروس المقيمين فى أوكرانيا. ومن ناحيته، حذر سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسى من خطورة محاولات تخيير أوكرانيا بين الغرب وروسيا. وأوضح لافروف عقب محادثاته مع نظيره وزير خارجية لوكسمبورج جان أسيلبورن: نحن معنيون بأن تكون أوكرانيا جزءا من العائلة الأوروبية المشتركة. وتابع وزير الخارجية الروسي: أن منع القنوات التليفزيونية الروسية من البث على الأراضى الأوكرانية سيكون انتهاكا كبيرا لحرية الكلمة والإعلام. وأكد لافروف موقف بلاده القائم على عدم التدخل فى الشئون الداخلية لأوكرانيا، معربا عن أمله فى أن يتخذ شركاء موسكو الدوليون موقفا مماثلا . وكانت كاثرين آشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى قد بحثت خلال زيارتها لأوكرانيا إجراءات دعم الاقتصاد المتهالك الذى قالت وزارة المالية انه يحتاج إلى مساعدة مالية عاجلة لتفادى عجز عن سداد الإلتزامات.