انفجارات ضخمة تهز كييف ومدنا أخرى وصفارات الإنذار تدوي في جميع أنحاء أوكرانيا    منتخب مصر في كأس العالم 2026: مواعيد وأماكن المباريات    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى مصر القديمة دون إصابات    آمال ماهر تتألق بأغانى من السنة للسنة ولو كان بخاطرى فى مهرجان الفسطاط.. صور    «آخرساعة» تكشف المفاجأة.. أم كلثوم تعلمت الإنجليزية قبل وفاتها ب22 عامًا!    الداخلية تكشف حقيقة تغيب فتاة الشرقية وتحدد مكانها خلال ساعات    مصر والإمارات على موعد مع الإثارة في كأس العرب 2025    إعلام فلسطيني: طيران الاحتلال الإسرائيلي يستهدف شرق مدينة غزة    كان مشهدا فظيعا، جسيكا ألبا تكشف سبب ظهورها عارية في فيلم "الأربعة المذهلون"    6 أفلام صنعت أسطورة أم كلثوم في السينما.. حكايات نادرة من رحلة الكوكبَة على الشاشة    بوتين: نسعى لعالم متعدد الأقطاب للحفاظ على هوية الدول واحترام سيادتها    «تصدير البيض» يفتح باب الأمل لمربي الدواجن    رغم العزوف والرفض السلبي .. "وطنية الانتخابات" تخلي مسؤوليتها وعصابة الانقلاب تحملها للشعب    عاجل.. صدام قوي بين الجزائر والبحرين اليوم في كأس العرب 2025 وتفاصيل الموعد والقنوات الناقلة    حفل توقيع كتاب «حوارات.. 13 سنة في رحلة مع البابا تواضروس» بالمقر البابوي    عمرو مصطفى وظاظا يحتلان المرتبة الأولى في تريند يوتيوب أسبوعًا كاملًا    بدائل طبيعية للمكمّلات.. أطعمة تمنحك كل الفائدة    قائمة أطعمة تعزز صحتك بأوميجا 3    منافس مصر – لاعب بلجيكا السابق: موسم صلاح أقل نجاحا.. ومجموعتنا من الأسهل    قائمة بيراميدز - عودة الشناوي أمام بتروجت في الدوري    منافس مصر - مدافع نيوزيلندا: مراقبة صلاح تحد رائع لي ومتحمس لمواجهته    خبير اقتصادي: الغاز الإسرائيلي أرخص من القطري بضعفين.. وزيادة الكهرباء قادمة لا محالة    أيمن يونس: منتخب مصر أمام فرصة ذهبية في كأس العالم    اليوم.. محاكمة عصام صاصا و15آخرين في مشاجرة ملهى ليلي بالمعادي    أولى جلسات محاكمة مسؤول الضرائب وآخرين في قضية رشوة| اليوم    الأردن يرحب بتمديد ولاية وكالة الأونروا حتى عام 2029    رويترز: تبادل إطلاق نار كثيف بين باكستان وأفغانستان في منطقة حدودية    النائب عادل زيدان: التسهيلات الضريبية تدعم الزراعة وتزيد قدرة المنتج المصري على المنافسة    كندا ترفع سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب    نتنياهو بعد غزة: محاولات السيطرة على استخبارات إسرائيل وسط أزمة سياسية وأمنية    النائب ناصر الضوى: الإصلاحات الضريبية الجديدة تدعم تحول الاقتصاد نحو الإنتاج والتشغيل    وكيلة اقتصادية الشيوخ: التسهيلات الضريبية الجديدة تدعم استقرار السياسات المالية    تفاصيل مثيرة في قضية "سيدز"| محامي الضحايا يكشف ما أخفته التسجيلات المحذوفة    "بيطري الشرقية" يكشف تفاصيل جديدة عن "تماسيح الزوامل" وسبب ظهورها المفاجئ    وفاة عمة الفنان أمير المصري    عالم مصريات ل«العاشرة»: اكتشاف أختام مصرية قديمة فى دبى يؤكد وجود علاقات تجارية    محمد موسى يكشف كواليس جديدة عن فاجعة مدرسة «سيدز»    «بيصور الزباين».. غرفة تغيير ملابس السيدات تكشف حقية ترزي حريمي بالمنصورة    البلدوزر يؤكد استمرار حسام حسن وتأهل الفراعنة فى كأس العالم مضمون.. فيديو    "بعتيني ليه" ل عمرو مصطفى وزياد ظاظا تتصدر تريند يوتيوب منذ طرحها    مسئول أمريكى: قوة الاستقرار الدولية فى غزة قد تُصبح واقعًا أوائل عام 2026    أزمة أم مجرد ضجة!، مسئول بيطري يكشف خطورة ظهور تماسيح بمصرف الزوامل في الشرقية    تباين الأسهم الأوروبية في ختام التعاملات وسط ترقب لاجتماع الفيدرالي الأسبوع المقبل    رسالة بأن الدولة جادة فى تطوير السياسة الضريبية وتخفيض تكلفة ممارسة الأعمال    الصحة تفحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم بالمدارس    دعاء الرزق وأثره في تفريج الهم وتوسيع الأبواب المغلقة وزيادة البركة في الحياة    بيل جيتس يحذر: ملايين الأطفال معرضون للموت بنهاية 2025 لهذا السبب    وزارة الداخلية تحتفل باليوم العالمي لذوى الإعاقة وتوزع كراسى متحركة (فيديو وصور)    القاصد يهنئ محافظ المنوفية بانضمام شبين الكوم لشبكة اليونسكو لمدن التعلم 2025    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    استشاري حساسية: المضادات الحيوية لا تعالج الفيروسات وتضر المناعة    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسبلة.. هبة الخيرين لعطاشى الفقراء وعابرى السبيل
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 02 - 2014

بقي لنا من مئات الأسبلة بالقاهرة مجموعة أبنية من طرز معمارية مبهرة، تعرض أغلبها للإهمال الشديد، وتهالكت عشرات الأبنية النادرة منها، واختفت من الوجود إلي الأبد لتحقق خسارة لا يمكن تعويضها.. وتداعت عشرات أخري، وبات بعضها مقلبا للزبالة، ومرتعا للحيوانات الضالة والقوارض. وبالرغم من هذا ما بقي منها يدهشنا، ويلفت أنظارنا إلى تاريخ من التكافل الاجتماعي، ومرفق مياه الشرب أهلي في أغلبه، وحكومي في بعضه، وهى نشاط خيرى كان يستهدف الفقراء وعابري السبيل.
يقول الدكتور «محمد حمزة حجاج» أستاذ الآثار والعمارة والحضارة الإسلامية بجامعة القاهرة: » الأسبلة من العمائر الخيرية التى نهضت بدور جليل الشأن فى خدمة المجتمعات الإسلامية عامة، والمجتمع المصرى خاصة، ولفظة »السبيل« تعني أنها أُوقفت فى سبيل الله، للخير وبالمجان طمعا فى ثواب الآخرة ، بتوفير مياه شرب عذبة نقية للناس طوال العام. وكانت الأوقاف سببا لازدهار الأسبلة، حيث يُوقف المُحسن بعض أملاكه للإنفاق علي السبيل.
وتعود الأسبلة لأزمنة مختلفة، ويرجع أقدمها فى القاهرة لعصر المماليك البحرية، وهو سبيل الناصر محمد الملحق بواجهة مدرسة والده المنصور قلاوون بشارع المعز، ويليه تاريخيا سبيل الأمير«شيخون» بالحطابة في منطقة باب الوزير أسفل القلعة، وهو نادر الطراز معماريا لأنه منحوت فى صخر بواجهة رائعة، لكنه صار مقلبا للزبالة رغم ندرته وعدم وجود نموذج مماثل.
ويقدر عدد الأسبلة المتبقية من العصر المملوكي ب «65» فى القاهرة، ومن العصر العثماني ( 1517 1914) ب «80» سبيلا منها «73» على الطراز المصرى، و7 منها على الطراز العثماني، ومن القرن التاسع عشر «73» سبيلا بالقاهرة، منها «59» على الطراز المصرى و«14» عثمانيا، وفى طنطا سبيلان، أقامهما «على بك الكبير» أحدهما بالقرب من مسجد «السيد البدوى»، والآخر تم نقله إلى شارع الجلاء بطنطا ، و«14» سبيلا أخري في رشيد ملحقة ببعض المنازل، وبقية الأسبلة توزعت على مدن وقرى مصرية متفرقة واندثرت، ولم يعد لها وجود إلاَّ في الوثائق وأقوال الرحالة وبعض صور قديمة.
وعن مكونات السبيل من الداخل يقول الدكتور حجاج: «السبيل بصفة عامة يتكون من طابقين، الأول الصهريج المخصص لتخزين المياه، وكانت تُجلب إليه المياه من نهر النيل في فترة الفيضان، وكان يُملأ مرة واحدة فى العام، وأحيانا مرتين، خاصة الأسبلة الموجودة في مناطق مزدحمة أو تشهد حركة تجارية رائجة، مثل منطقة بشارع المعز بين باب الفتوح شمالا ، وباب زويل ( بوابة المتولى ) جنوبا.
وكان لكل صهريج ثلاث فتحات، الأولي لتنظيفه وتعقيم المياه وتبخيرها، والثانية لتزويده بالمياه، والثالثة لسحب المياه منه وتوصيلها إلى أحواض التسبيل أو أحواض الشرب، وكان الصهريج يغطى من الداخل بمونة خاصة تقاوم الرشح والرطوبة تعرف باسم «الخافقى»، والطابق الثانى حجرة التسبيل، أو «حانوت التسبيل» وهي فى الطراز المصرى تنقسم إلى نمطين، الأول مزود ب «الشاذروان»، وهى لفظة فارسية تعني السلسبيل، والنمط الثانى من دون «الشاذروان»، وفى النمط الأول ترفع المياه من الصهريج إلى مايعرف باسم المصنع المعلق، وتنتقل من حوض إلى حوض، إلى أن تصل لفتحة تعلو «الشاذروان» إسمها«القرقر»، تنساب منها المياه على لوح السلسبيل الذى تعلق الشوائب ثم تسقط المياه أسفل اللوح فى فسقية صغيرة إسمها «الطشتية»، وتتوزع منها عدة مواسير رصاصية بعدد شبابيك السبيل، فلو كان له شباك واحد تكون ماسورة واحدة، وشباكان ماسورتان، وثلاثة شبابيك ثلاثة مواسير، وهو العدد الغالب وقتها، وهناك نمط ثالث يخلو من« الشاذروان، وكانت المياه تصل الأحواض بجهد العاملين، وعلى رأسهم «المزملاتى» وأعوانه من السبلجية، وأسبلة الطراز العثمانى فى مصر من هذا النوع تخلو من الشاذروان، والتسبيل فيها كان يتم عبر الأحواض مباشرة، وشبابيكها كانت من 3 إلى5 وتتميز بواجهة مقوسة على شكل نصف دائرة، مثل سبيل السلطان محمود بشارع بورسعيد بالقاهرة، وسبيل السلطان مصطفى تجاه المسجد الزينبى، وسبيل رُقية دودو بشارع سوق السلاح، وهو فى حالة سيئة الآن ويحتاج لترميم عاجل. وهناك سبيل محمد على بالنحاسين في شارع المعز وهو الآن متحف النسيج المصرى، وسبيله الآخر في العقادين قرب باب زويلة، وسبيل سليمان أغا السلحدار بشارع المعز، وسبيل أم عباس بشارع الصليبة، ومن النماذج الرائعة أيضا سبيل أم محمد على الصغير المعروف بسبيل الجمهورية عند مدخل شارع الجمهورية خلف جامع الفتح بميدان رمسيس، ويستخدم كمخزن الآن، وهو طراز معمارى فريد.
وكانت واجهة الأسبلة تُزين بآيات قرآنية منها «وسقاهم ربهم شرابا طهورا»، أو «وجعلنا من الماء كل شئ حى»، وأيضا عبارات شعرية مناسبة مثل «ياوارد الماء الزلال الصافى اشرب هنيئا صحة وعوافى». والأسبلة كعمل خيرى لم يكن مقصورا علي الميسورين من التجار والعلماء، والنساء أيضا، حيث شارك السلاطين والأمراء في بنائه بدور كبير .
وحول القيمة الجمالية المعمارية للأسبلة يقول دكتور حجاج : «تُمثل تراثا معماريا غنيا يحوى بداخله أنماطا مختلفة، يمتاز بتنوع عناصره في الواجهات والمداخل والشبابيك والعقود والمقرنصات فضلا عن النقوش الكتابية والزخرفية، وكل واحد منها يتسم بطابع العصر الذى شُيِّد فيه.
وإن كانت فكرة السبيل تراجعت تدريجيا مع دخول المياه النقية إلي البيوت والأحياء، بإنشاء الخديوي إسماعيل شركة مياه القاهرة الكبرى عام 1874، واتخذت شكلاً حديثا مثل «الكولدير» والبرَّادات التى لا تزال تسمى «السبيل» وتُكتب عليها نفس الآيات والعبارات، مثل هذا السبيل صدقة على روح فلان، وإن بقي الخير في نفوس الناس إلا أننا حُرمنا من جماليات عمارة الأسبلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.