ما الذى أوجد التطابق فى التفكير بين سلطة الاحتلال الإنجليزى فى مصر عام 1882 وبين مكتب إرشاد الإخوان عام 2012؟! .. وهل هى صدفة أن يرفع المحتل الإنجليزى نفس اللافتة التى رفعها (المحتل) الإخوانى لمصر . وهى حماية الشرعية عقب ثورة مصرية جاءت فى الحالتين لتحديث مصر وتمدينها وتخليها من الاستبداد، الأول زعم أنه جاء ليحمى شرعية (الخديو) ومصالح الدائنين والثانى زعم أنه جاء ليحمى شرعية الثورة التى أتت به إلى الحكم، وبينهما الاحتلالين 130 سنة؟!. ..وهل هى صدفة أن تتطابق وتستنسخ السياسات نفسها التى اتخذها المندوب السامى الإنجليزى على مصر والتصريحات التى اطلقها المرشد العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين؟! عقب انقضاض الاحتلال الانجليزى على ثورة مصر واحتلاله البلاد بادر اللورد كرومر المندوب السامى بإعلان مشروع الغاء الجنسية المصرية واعتبار مصر بلدا تفتح حدوده أمام من يحمل أى جنسية أخرى، وقال لا فرق بين مصالح بريطانيا، وما تراه فى مصلحة مصر ووصف مطالب المصريين بالاستقلال والكرامة والحرية والدستور بأنها (حماقة وجنون)! ..وتدور عجلة الزمن ويخرج علينا مهدى عاكف المرشد العام السابق للإخوان مغتراً بالسلطة التى استحوذوا عليها والثورة التى خطفوها، ويطلق تصريحا يكاد يكون مستنسخا مما قاله اللورد كرومر، ويعلن إيمانه بالحدود المفتوحة لمصر، ويقول بالنص : الإخوان لا يرون هناك مشكلة بين حدود الأقطار العربية الإسلامية، وهو أيضا الذى قال قبل سنوات : (طظ فى مصر وأبو مصر واللى فى مصر) وأكد على نفس التفكير مرة أخرى (لا مانع أن يحكمنا شخص من ماليزيا)، وفى نفس السياق ردد آخرون من قيادات الجماعة عزمهم انشاء دولة إسلامية عاصمتها القدس الشريف! حقائق مرعبة وإجابات كشف عنها الأستاذ عاطف الغمرى فى أحدث كتاب له فى إطار حقيقة الدعوة لالغاء الجنسية المصرية، وطمس هوية وطن ضارب بجذوره فى أعماق التاريخ البعيد واخضاع الدولة، وقهر إرادة ثورتها الوطنية لمصلحة مشروع استعمارى عابر للحدود. الكتاب كما يظهر من عنوانه عبارة عن جولة فى (وثائق البيت الأبيض) تكشف عن علاقة أمريكا والإخوان منذ خطة اغتيال الزعيم الخالد جمال عبد الناصر عام 1954 وحتى اليوم. يكشف الكتاب ما خلصت إليه دوائر الفكر السياسى فى أوروبا وأمريكا التى عكفت طوال ثلاثة أعوام منذ 25 يناير 2011 على دراسة ما يجرى فى مصر، وأن الثورة لو اكتملت ومعها الاهداف التى أعلنت فى الثمانية عشر يوما الأولى، وما شهدت من توافق وطنى فإن النتيجة ستكون نهضة كبرى لمصر تحقق لها الازدهار فى الداخل والمكانة فى المحيط الإقليمى، ومن ثم إرباك طموحات وخطط سياسات القوى الكبرى بما لا تقل خطورة عن آثار سقوط الانظمة الشمولية فى أوروبا الشرقية وانهيار حائط برلين عام 1989 يفسر الدور الذى لعبه حكم الإخوان فى إعاقة التغير المرتقب، وقيام الدولة الوطنية ومعاداة مؤسسات الدولة ودفعها للانهيار، ولماذا راح أنصارها يطلقون الدعوات لإنشاء ميليشيات وتنظيمات وجيوش مسلحة إخوانية تحل محل الجيش الوطنى، وقضاء ومحاكم شرعية بديلا للقضاء الوطنى، وجماعات للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وحرس ثورى لصيانة النظام الإخوانى. بدأت الجماعة تخطط لإيجاد بديلا للشرطة والحرس الجمهورى، كما أنهم خططوا لحرب شاملة ضد النواة الصلبة للدولة الوطنية، وهو الجيش باطلاق دعوات انقسام فى صفوفه وجره لحرب إنهاك واستنزاف فى سيناء، وإطلاق (مليونيات) ودعوات (سقوط حكم العسكر) فى إطار محاولات حكم جماعة الإخوان التشكيك فى مختلف مؤسسات الدولة من محاصرة المحكمة الدستورية والصحافة وحصار الإعلام.. إلى أن خرجت الجماهير فى 30يونيو بأعدادها التى تجاوزت ال 30 مليونا لانقاذ الدولة واستعادة الثورة. معلومات تأتى وكأنها تلقى علينا من النافذة، كما يقول المؤلف عاطف الغمرى وحقائق كشف عنها الكاتب النقاب فى ملفات شائكة.. أبطالها رجال مخابرات ومال وأعمال كرسوا ابحاثهم لوهم اعادة دولة الخلافة الوثيقة الصلة بالتنظيم الدولى والمعزولة من الزمن والعصر.. النوم مع الشيطان كانت بريطانيا كما يقول ضابط المخابرات الأمريكية روبرت باير فى كتابه النوم مع الشيطان هى التى بدأت لعبة استخدام التنظيمات الإسلامية وقد استخدمت أحد ضباط جهاز المخابرات البريطانى «MI6» ويدعى جورج يانج، ومن بين الالعاب الخطرة التى نفذتها بريطانيا عملية اغتيال عبد الناصر. بتكليف مباشر من انتونى ايدن رئيس الوزراء، وقد اختار يانج الجهاز الخاص للإخوان المسلمين لتنفيذ العملية، ولم يكن الدعم المالى الذى قدم لتمويل عملية الاغتيال هو الأول من نوعه، فقد ورد فى الوثائق أن علاقة الإخوان بالانجليز بدأت حين قدمت شركة قناة السويس للمرشد حسن البنا تمويلا مقداره خمسمائة جنيه لإنشاء جماعة الإخوان المسلمين بمصر. وزير خارجية الجماعة ليس جديدا الوصف الذى اطلق على عصام الحداد وزير خارجية الجماعة الذى كلفه الرئيس المعزول محمد مرسى بمهام غطى بها على دور محمد كامل عمرو وزير الخارجية الأصلى، والوصف أطلق من قبل على سعيد رمضان زوج ابنة مرشد الاخوان المسلمين المؤسس حسن البنا. ففى إطار العلاقات «الخارجية» بين الولاياتالمتحدة والجماعة تقول دراسة للكاتب الأمريكى إيان جونسون إن تحالفا سريا، يتم منذ بداية الخمسينيات بين الطرفين سجلته أوراق رئاسة يزنهاور عام 1953قبل عام من قرار الرئيس عبد الناصر بحل جماعة الاخوان المسلمين حيث نظمت الوكالة الأمريكية للاعلام برنامج اعداد سرى دعت لحضوره ثلاثين من الدارسين والقيادات المدنية فى الدول الاسلامية بجامعة برنستون وكان الهدف من المؤتمر «غسيل مخ» واستخدام القوة الناعمة للولايات المتحدة فى اقناع هؤلاء بالدعوة لما يخدم المبادئ الأمريكية فى بلادهم، واختاروا من مصر «وزير خارجية الجماعة» سعيد رمضان.. فقد كانت إدارة إيزنهاور على قناعة بأن التيارات الدينية هى القوة التى تستطيع أن تواجه بها الاتحاد السوفيتى «الملحد» ورغم ان السى آى ايه كما تقول الوثائق كانت ترى أن سعيد رمضان.. شخص جامد الحس وفاشي وأن جماعته تهفو للوصول الى السلطة إلا أن الولاياتالمتحدة ألقت بدعمها وراء رمضان واعتبرته «عميلا أمريكيا» وأيدته فى السيطرة على مسجد بمدينة ميونيخ عام 1958 وهو المسجد الذى حوله الاخوان الى أهم مراكزهم فى أوروبا ليجمع قادتهم المهاجرين من مصر وتولى إدارته مهدى عاكف المرشد السابق وأسهم فى حضورالتنظيمات الاسلامية إلى أوروبا وتخرج منه محمود أبو حليمة الذى خطط لتفجير مركز التجارة العالمى فى نيويورك 1993، وهكذا تم انتاج وتفريخ عقول مهيأة للارهاب وتزايد التقارب بين «المجاهدين» والاسلام السياسى وبين الولاياتالمتحدة بعد الغزو السوفيتى لأفغانستان. وعقب الحادى عشر من سبتمبر بادر الرئيس الأمريكى «بوش الابن» الى صياغة استراتيجية هدفها إقامة علاقات وثيقة مع الجماعات الإسلامية في أوروبا والتى ترتبط إيديولوجيا بتنظيم الاخوان المسلمين، بعد أن قررت إدارته ان الاخوان طرف «معتدل» يمكن أن يتفاهموا بتنظيم من خلاله مع الجماعات الأكثر تطرفا فى باريس ولندن وهامبورج. ومثلما حاولوا رسم صورة لواشنطن يراها العالم الاسلامى مؤيدة للحريات الدينية فى بداية الخمسينيات اطلقوا تحركا للتقارب مع الاخوان عام 2006 بدعم من وكالة المخابرات المركزية رغم تخوف الحلفاء الغربيين من هذا التقارب وقد استعان باراك أوباما ببعض من كانوا فى ادارة بوش الابن مسئولين عن هذا الملف، وقد ظهر تأثير هذا اللوبى على مواقف أوباما قبل وأثناء الثورة المصرية فى 2011، حين دعا روبرت جيتس المتحدث باسم البيت الأبيض لاجراء انتخابات يشارك فيها الاخوان المسلمون، وبعد عزل مرسى بالموجة الثورية فى 30 يونيو 2013 ظهر بوضوح انحياز أوباما لحكم الاخوان مما عرضه لضغوط هائلة من الكونجرس لدفاعه عن جماعة وصفت بأنها تمارس العنف والارهاب. الإخوان الأمريكيون وقد خرج من ظلمات الاتفاقات السرية الى النور نص اتفاق سرى بين ادارة أوباما وتنظيم الاخوان المسلمين نشرته صحيفة «بوست دى فيل» POSTE Deveille الكندية، وقع الاتفاق خيرت الشاطر بموافقة محمد مرسى ومكتب الارشاد ويتضمن تنازل مصر عن 40% من سيناء وضمها لقطاع غزة كخطوة لتسهيل توقيع اتفاق سلام نهائى بين اسرائيل والفلسطينيين، وقدم أوباما بالفعل مبلغ 8 مليارات دولار لحساب جماعة الاخوان وليس الحكومة المصرية !.وقد أكدت شبكة التليفزيون الأمريكية « chennal tv14 » هذه الصفقة حين أذاعت فى تقرير لها أن المفاوضات بين ادارة اوباما وجماعة الاخوان تمت خارج القنوات الدبلوماسية الطبيعية، وربما عن طريق «الاخوان الأمريكيين» الذين حصلوا على الجنسية ولهم مصالح وشركات تجارية وشنوا حملة طمأنة للأمريكيين فى الداخل عقب فوز محمد مرسى بأن المصالح الأمريكية ستظل فى مأمن إذا ساعدتهم الادارة الأمريكية على التمكين ومضمون الصفقة يتسق مع مادار فى اجتماع سرى لمجلس الوزراء الاسرائيلى عقب حرب 1967 نشرته صحيفة واشنطن بوست 7 يناير 1988، أوصى فيه رئيس الحكومة بالضغط لترحيل جماعي للفلسطينيين من غزة الى سيناء، وبعد تخفيف الكثافة السكانية فى غزة يتم ترحيل «فلسطينى 48 » إليها تنفيذاً «ليهودية» دولة اسرائيل وهو مايفسر غضب بن جورين من موشى ديان لحظة علمه بالهجوم الاسرائيلى على غزة عام 1965 وقوله له : لا أريد غزة وبها شعب.. أريد غزة بلا شعب. وهكذا ينكشف المستور ويظهر الزيف.. فالاخوان الذين طالما تشدقوا باستعمارية أمريكا ورددوا شعارات تطالب بمقاطعتها بدعوى الذود عن الاسلام منكرين أى علاقة بهم فى السر أو العلن، ما أن تقلدوا الحكم فى مصر حتى سقطت ورقة التوت عنهم لندرك أن كل مارددوه لسنوات ماهو إلا ادعاءات للاستهلاك الاعلامى.