جاءت مبادرة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب, بتوقيع بروتوكول تعاون بين مشيخة الأزهر ووزارتي الأوقاف والشباب, لتحقيق الأمن الفكري للمجتمع وتحصين الشباب من الفكر المتطرف, لتمثل بادرة أمل في رعاية النشء والشباب اجتماعيا وثقافيا وسياسيا وعلميا ورياضيا, وتصحيح المفاهيم الخاطئة ونشر قيم التسامح وقبول الآخر التي غابت عن حياتنا. وإذا كانت الأجهزة المعنية تعمل جاهدة في مكافحة الإرهاب ومحاولات الإخلال بأمن المجتمع واستقراره, فإن مبادرة الأزهر والأوقاف والشباب لمعالجة الأسباب المؤدية إلي شيوع التطرف وتجفيف منابعه والحيلولة دون انتشاره, تبقي هي الضمانة للحيلولة دون شيوع الفكر التكفيري والتعصب ورفع مستوي الانتماء والولاء للوطن في نفوس الشباب, وعدم تركهم فريسة للتيارات المتشددة. وحول أهمية البروتوكول ودوره في نشر الوعي بين الشباب يقول الدكتور محمد مختار جمعة, وزير الأوقاف, إن الربط التربوي والأخلاقي بين الأزهر والأوقاف والشباب يوجد حالة من الأمن الفكري والثقافي الذي يحتاجه المجتمع, فالأمن الفكري ربما يحتاجه المجتمع أكثر من ذي قبل, فتوعية الشباب قبل أن تتلقفهم يد التشدد ربما يكون هو الحل الأسرع لما يجري الآن. ويمثل ضمانة لنشر الوسطية والاعتدال بين الأجيال الجديدة, ويحمي المجتمع من الأفكار المتشددة التي تصدر من غير المتخصصين. وأضاف أن هذا التعاون يمثل بداية جيدة لرعاية هذه الفئة المهمة, وهذه الرعاية تقوم في الأساس علي غرس القيم والمبادئ, لأن الفترة الماضية شهدت الكثير من التجاوزات, نتيجة للمفاهيم والأفكار الخاطئة التي صدرت من بعض المنتسبين للدعوة, ولذلك كان لابد من هذا التنسيق والتكامل, لأن الرعاية الأمثل لهذه الفئة تكون شاملة لجميع المجالات الثقافية والرياضية والعلمية, ووزارة الشباب لها دورها في هذا المجال, وأيضا علماء الأزهر ودعاة الأوقاف لهم دور كبير في حماية الشباب من أصحاب الفكر المتشدد, فالقوافل الدعوية للأزهر والأوقاف التي تجوب المحافظات, تركز دائما علي الوجود بين المواطنين وداخل مراكز الشباب والمصانع, وهناك قوافل دعوية توجهت تحديدا إلي مراكز الشباب في محافظة القليوبية وغيرها من المحافظات, كما أن علماء الأزهر ودعاة الأوقاف في هذه القوافل يتناولون في خطب الجمعة والدروس الدينية بالمساجد قضايا الشباب, ومنها علي سبيل المثال: ضرورة البعد عن العنف والتخريب, والاجتهاد في طلب العلم, والحفاظ علي مقدرات الوطن, والمشاركة الإيجابية, والتسامح وقبول الآخر, وغيرها من القضايا التي تهم الشباب. قوافل دعوية للمراكز الشبابية من جانبه أشار الشيخ محمد عز الدين, وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة, إلي أن الفترة المقبلة ستشهد تنظيم قوافل دعوية توجه لمراكز الشباب في القري والمدن, والتجمعات الشبابية بشكل خاص, كما سيكون هناك تنسيق بين الأوقاف ووزارة الشباب حول الموضوعات التي تتناولها القوافل الدعوية, وذلك طبقا لظروف المناطق التي تتوجه لها القوافل وما يتماشي مع فكر الشباب في تلك المنطقة, وهذا التنسيق سيكون له دور كبير في تصحيح المفاهيم ونشر الوسطية بين الشباب, والتوعية بالمخاطر التي يتعرض لها المجتمع, وسبل مواجهة هذه المخاطر والتغلب عليها. وأضاف أن الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد تتطلب خطابا دعويا يركز علي قضايا الأمة, وعلماء ودعاة متميزين يشاركون في هذه القوافل, كذلك فهناك دورات للائمة والدعاة بشكل مستمر علي وسائل الاتصال الحديثة, بهدف أن يكون هناك تجاوب بين الدعاة وبين الشباب. شراكة مجتمعية من جانبه قال الدكتور عباس شومان, وكيل الأزهر الشريف, إن البروتوكول يهدف إلي تعزيز الشراكة بين وزارة الشباب وجامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية سواء كانت معاهد ابتدائية أو إعدادية, أو ثانوية انطلاقا من رسالة الأزهر الشريف الذي يمثل كل المسلمين في العالم, من مضامين تكمن في احترام أهل الأديان السماوية جميعا, والحفاظ علي الكرامة الإنسانية وعلي القيم العليا التي أكدها القرآن الكريم والسنة النبوية والدعوة إلي ذلك بالمنهج الوسطي والحكمة والموعظة الحسنة. كما يهدف البروتوكول إلي تنمية قدرات طلاب جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية في مختلف المجالات الاجتماعية والدينية والثقافية والاقتصادية والتطوعية, ومشاركة طلاب جامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية في جميع الفعاليات التي تنظمها وزارة الشباب من معسكرات ورحلات وندوات ومؤتمرات ومعارض وحوارات ودورات تدريبية, وكل ما يستحدث من برامج ومشروعات لوزارة الدولة لشئون الشباب, وكذلك الإعلام والترويج لأنشطة وزارة الدولة لشئون الشباب بجريدة صوت الأزهر, والربط الالكتروني بين موقع مشيخة الأزهر والأوقاف ووزارة الشباب للتعريف والإلمام بالبرامج والمشروعات والأنشطة التي تنفذها. وأضاف أن وزارة الشباب ستقوم بتنظيم رحلات لطلاب الأزهر تتخللها محاضرات وندوات دينية وثقافية وسيقوم علماء الأزهر بإلقاء محاضرات لطلاب الجامعات الأخري لتصحيح الأفكار المغلوطة لديهم وتوجيههم نحو خدمة قضايا الأمة. ودخل البروتوكول حيز التنفيذ الفعلي منذ توقيعه بزيارة وزير الشباب لجامعة الأزهر وعقد لقاءات مع المسئولين بالجامعة وسيتم تنفيذ بعض الأفكار خلال إجازة نصف العام. عودة القدوة وحول سبل تطبيق تلك الخطط علي أرض الواقع يري الدكتور أحمد عمر هاشم, عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف, أن الشباب في هذه المرحلة يحتاج إلي تكثيف الجرعة الدينية من خلال عدة محاور أولا من خلال الدراسة في المرحلة الجامعية وقبل الجامعية, لأن الفترة السابقة أفرزت لنا شبابا معاديا لأمن الوطن ومتربصا بالاستقرار, وكأن عقولهم غسلت بحيث لا تتقبل الحوار ولا الجلوس علي مائدة التفاهم, فكانوا في أمس الحاجة إلي إعادة هيكلة البرامج التعليمية في جميع مراحل التعليم. وأضاف أنه يجب علي كل مسئول تواطأ مع أقاربه أو بلدياته أو أصدقائه أن يراجع نفسه ويقدم للشباب قدوة من نفسه فالدولة ائتمنته علي مسئوليته في قطاع من القطاعات فيجب أن يقدم للشباب نماذج القدوة المتمثلة في العدالة والمساواة حتي لا نفقد ثقة الشباب بنا, فالقدوة أهم شيء فتأثيرها أعظم بكثير من تأثير ألف متكلم, والخطاب الديني الذي يتمثل في تقديم نماذج القدوة للمجتمع أفضل بكثير جدا من الخطاب الموجه في البرامج والفضائيات ليس فيه جانب القدوة, فعلي كل مسئول في الوطن في هذه المرحلة التي نجتازها الآن أن يتقي الله في المسئولية التي بين يديه وألا يولي أحدا إلا إذا كان كفئا في المكان وتتوفر فيه كل العوامل لشغل هذا المنصب حتي لا نفقد ثقة الشباب, وأن تقوم بعض المؤسسات كالأزهر ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء بعقد اللقاءات والندوات, وهذا التلاحم والتضافر بين هذه المؤسسات أن يجب ترفع له واجهة تقول لا للعنصرية لا للعصبية لا للمحسوبية لا للمحاباة حتي يثق الشباب في المسئولين, وحينئذ ستثمر نماذج القدوة أكثر مما تثمره الكلمات الفضفاضة والرنانة.