أدهشني كثيرا ردود أفعال عدد غير قليل من الاشقاء السودانيين, دفاعا عن موقف الخرطوم الرسمي في مباحثات سد النهضة الاثيوبي, أثر معظمها أن يحمل مصر وحدها مسئولية الموقف علي نحو متعسف!, بدعوي ان المصريين لم يكفوا عن معاملة الشعب السوداني بنوع من العنصرية المهينة التي تسيء إلي السودان حكومة وشعبا!, أو لان المصريين يحصدون مازرعوا وعلي حكومة الخرطوم ان تكون حيث يكون الموقف الاثيوبي! ومع ذلك يحسن ان نرفض من البداية هذا التعميم المخل, ونعتبر هذه الاراء تعبيرا عن تيار سياسي موجود في السوادن, يعتقد ان المثقفين المصريين لا يهتمون ولا يتابعون شيئا هناك, علي حين يتابع كل سوداني ما يجري في مصر, لكن الخطير في الامر ان يعتقد اخ سوداني ان مصر تعامل السودان بنوع من العنصرية, وأنها تواطئت علي فصل جنوب السودان عن شماله, وان المصريين لا ينظرون إلي السودان إلا من خلال منظور مصالحهم المائية!, وأظن ان اختزال العلاقات المصرية السودانية في هذه الملاحظات يظلم مصر ويظلم السودان ويظلم علاقات عميقة ربطت منذ الازل بين الشعبين الشقيقين, وأظن ايضا ان وجود ما يقرب من سبعة ملايين سوداني يعيشون في مصر هو خير شاهد ودفاع عن ان المصريين لا يمكن ان يكونوا عنصريين تجاه شعب السودان, وان كان بينهم من يطلق مزحة ثقيلة عفو الخاطر,لاتصلح لاصدارحكم نهائي بأن المصريين يسيئون كثيرا للشعب السوادني! وثمة أجيال مصرية وسودانية متعاقبة تربت علي حلم وحدة وادي النيل ولايزال هذا الحلم يراودها حتي الان, واظن أخيرا ان وقائع التاريخ تؤكد ان المصريين وحدهم كانوا ضد الاستفتاء علي فصل الجنوب عن الشمال تحت دعاوي حق تقرير المصير حفاظا علي وحدة السودان, لكن ماذا كان في وسع مصر ان تفعل ان كانت معظم نخب السودان! وأولها جماعة الاخوان المسلمين وقفت إلي جوار الانفصال,اما قضية حلايب وشلاتين فتلك قصة اخري, خلاصتها الاخيرة ان مصرلم تمانع ابدا في ان تكون منطقة تكامل حقيقي بين الدولتين, رغم الحقيقة الجغرافية الثابتة التي تؤكد انهما جزء أصيل من الارض المصرية. لمزيد من مقالات مكرم محمد أحمد