الناقد الفني التشكيلي لايزال عملة نادرة, فعدد النقاد الذين تنطبق عليهم المواصفات والشروط محدود للغاية, ولدينا قمم وقامات معروفة في هذا المجال نحترمهم جميعا ونتابع كتاباتهم ونعتبرها شهادة لمن يكتبون عنهم, حتي لو قست أقلامهم أحيانا, فهم لا يريدون إلا الكمال بقدر الإمكان, ويكفي أنهم اهتموا بأعمال رأوا أنها تستحق الكتابة, لكن الأزمة الحقيقية التي نعانيها في مجال النقد التشكيلي هي غياب نقاد جدد علي الساحة التي تخلو شيئا فشيئا من نقاد جادين وهبوا حياتهم وفكرهم لهذا المجال. لكن هذا لا يعني غلق أبواب الأمل في جيل جديد من النقاد يكون صمام الأمان لمنع تراجع مستوي الفن التشكيلي بشعور بعض المدعين بأن أحدا لن ينتقدهم أو يقول لهم, قفوا مكانكم! أبواب الأمل فتحها صالون الشباب في العامين الماضي والحالي بتخصيص مسابقة للنقد الفني تعتبر بحق مفرخة لنقاد جدد نأمل في أن تفتح كليات التربية الفنية والفنون الجميلة أبوابها لصقل مواهبهم ليدرسوا في صفوف الدراسات العليا مناهج البحث العلمي, وتاريخ الفن, وأسس النقد الفني, وغيرها من المواد التي تؤهلهم لملء الفراغ الذي نعانيه الآن ولا نجد من يملؤه ليكتب تاريخ الفن أو يحدد ملامحه, وأبرز رموزه, وغير ذلك مما فعله نقاد رحلوا, ويواصله نقاد آخرون, وإن كان بعضهم قام بمحاولات للنقد أو تأريخ الفن التشكيلي بصورة أرشيفية اعتمدت علي الرصد دون التحليل أو التفسير فافتقدت لرؤية مستقبلة أو نظرة شاملة, وربما كتب بعضهم بنزعة انتقائية لأسباب غير موضوعية تفتقد إلي المنهجية وتغيب عنها أسس النقد الفني والبحث العلمي والتفكير المتجرد من الذاتية والعوامل الشخصية. نريد جيلا جديدا من النقاد التشكيليين بقدر حاجتنا إلي جيل جديد من المتذوقين وجيل من الفنانين, ولدينا تجارب جديدة تشجع علي ايجاد هذه الأجيال, فثورة25 يناير شهدت ميلاد الفن الجرافيتي علي كل الجدران وشهدت أعمالا فنية وفنانين جددا وقطاعات عريضة من الجمهور, بل أماكن مستحدثة للعرض كما في محطات المترو وجدران الشوارع. كل هذا يحتاج للتوثيق والرصد والتحليل والنقد.. فهل نبدأ الآن هذه المهمة ؟! لمزيد من مقالات نجوي العشري