ساد هدوء حذر جوبا أمس بعد إطلاق نار متقطع خلال الليلة قبل الماضية, وعادت حركة المرور إلي الشوارع كما أعادت السلطات في جنوب السودان فتح المطار, وذلك في الوقت الذي نفي فيه النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار حدوث محاولة انقلابية في بلاده أو تورطه في مثل هذا الأمر, مؤكدا في الوقت ذاته عدم وجود أي صلة بين مسئولي الحركة الشعبية لتحرير السودان وبين محاولة الانقلاب المزعومة, بينما ذكر مسئولون دوليون بالأممالمتحدة أن ما بين400 و500 شخص قتلوا جراء الاشتباكات العنيفة التي وقعت بين وحدات الجيش في جنوب السودان. ووصف مشار, في تصريحات لصحيفة سودان تريبيون ما يحدث في بلاده بأنه محاولة غير ديمقراطية أخري من قبل الرئيس سلفاكير ميارديت للتخلص من خصومه السياسيين سواء في الحزب أو الحكومة. وقال مشار إن العنف الذي شهدته جوبا الأحد الماضي ليس إلا سوء فهم بين أفراد الحرس الرئاسي, وأضاف: لم يكن هناك انقلاب.. وما حدث في جوبا كان سوء فهم بين أفراد الحرس الرئاسي. لم تكن هناك محاولة انقلابية, ولا صلة لي أو معرفة بأي محاولة انقلابية. وقال النائب السابق للرئيس إن كير يبحث عن طريق لإحباط التحولات الديمقراطية التي تدعو مجموعته بإصرار علي تبنيها داخل الحزب الحاكم في جنوب السودان, مضيفا أن كير ينتهك الدستور بصورة متكررة وأنه لم يعد رئيسا شرعيا. ومن جانبه, وصف نجل مؤسس الحركة الشعبية بجنوب السودان مبيور جون قرنق ما تم في جوبا بالمسرحية سيئة الإخراج من الرئيس سلفاكير ميارديت حتي يتمكن من إزاحة خصومة من القيادات السياسية ويعطل الحريات. وقال نجل جون قرنق-لصحيفة السوداني إن القرارات التي اتخذها سلفاكير ستفشل وأن النضال ضد الظلم سيستمر من شعب الجنوب كما أطلق علي حملة القتل والاعتقالات بجوبا ليلة السكاكين الطويلة. وفي سياق متصل, نقلت الصحيفة السودانية عن مواطنين جنوبيين وشهود عيان قولهم إن عدد القتلي كبير بالشوارع وإنهم رأوا في منطقة واحدة عشرات الجثث بملابس عسكرية بجانب حركة متواصلة لسيارات الصليب الأحمر. وأكد مواطنو جنوب السودان أنهم رأوا رجالا يرتدون زي الجيش الشعبي يطلقون النار علي بعضهم البعض وقالوا إنهم لا يستطيعون التمييز بين من هم المنقلبون علي سلفا كير ومن هم الذين معه فكلهم عسكريون ولا نعرف من ضد من. وكان رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت قد أكد أمس الأول أنه تم احباط محاولة لقلب نظام الحكم في البلاد, مضيفا أن الحكومة تسيطر الآن علي الموقف, متهما نائبه السابق الذي أقيل في يوليوالماضي بمحاولة الانقلاب علي الحكم. وينتمي كير إلي جماعة الدينكا العرقية ومشار إلي جماعة النوير ووقعت بينهما اشتباكات في الماضي. لكن محللين يقولون إن الانقسامات في جنوب السودان تتعمق إذ أن الفصائل المتناحرة علي أسس عرقية ظهرت علي نطاق واسع في الجيش وربما تكون خارج سيطرة القادة. وقال محللون سياسيون إن عددا من الخطوات العاجلة يجب أن يتخذها سلفاكير لضمان ثقة المجتمع الدولي وتهدئة جماعة النوير في منطقة جوبا ومناطق أخري. ومن جانبه, حذر رئيس مجلس الأمن الدولي من أن العنف في جنوب السودان, والذي يعتقد علي نطاق واسع بأن له أبعادا عرقية يمكن أن يتصاعد ليتحول إلي حرب أهلية. وقال جيرار أرو, مندوب فرنسا بالمنظمة الدولية في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي, إن الأممالمتحدة تلقت تقارير تشير إلي أن المئات قتلوا في أعمال عنف منذ محاولة الانقلاب, غير أنه أشار إلي أن المدنيين لا يتعرضون للاستهداف المخطط. وقد بدأت الولاياتالمتحدة أمس إجلاء موظفي سفارتها غير الأساسيين ومواطنين أمريكيين من جنوب السودان. وقالت الحكومة إنها اعتقلت عشرة أشخاص بينهم سبعة وزراء سابقين فيما يتعلق بانقلاب تم إحباطه وإنها تريد استجواب آخرين من بينهم نائب الرئيس السابق ريك مشار. وفي أوسلو, أعرب وزير خارجية النرويج بورج برانداه عن قلقه البالغ تجاه تطورات الأزمة الحالية التي في جنوب السودان, موضحا أن القتال الذي يشهده جنوب السودان خلال الأيام الأخيرة يعتبر أمرا مثيرا للقلق. وحث برانداه جميع الأطراف في جنوب السودان التي حصلت علي الاستقلال عن السودان في عام2011 علي الإمتناع عن استخدام العنف والمساهمة في التوصل إلي حل سياسي لهذا الصراع الجديد.