عندما يدخل الطفل المدرسة لأول مرة يكون لايزال صغير السن ومعتاد علي الاهتمام المبالغ فيه من المحيطين به في المنزل, وتأتي المدرسة لتمثل مرحلة مهمة في حياته وحتي يتعود الطفل علي المدرسة يمكنك أن تأخذيه للتجول فيها والتعرف عليها, واتركي له حرية اختيار الأصدقاء بها ولا تتدخلي في المشاكل التي تنشأ بينهم إلا في الضرورة القصوي وبشكل مدروس. فكما يوضح د.محمد السكران أستاذ التربية بجامعة الفيوم ورئيس رابطة التربية الحديثة أنه لابد من الإشارة إلي ما تؤكده العديد من الدراسات ومعطيات الواقع أن الطفل في المراحل المبكرة لنموه يتميز بالقدرة علي امتصاص مايحيط به ويتعامل معه مما يؤثر وبقوة في تكوين ثقافاته الخاصة وتشكيل وجدانه و سلوكياته وتصرفاته وغيرها من الأمور والعناصرالتي يمكن النظر إليها علي أنها نوع من التربية غير المقصودة بكل سلبياتها وإيجابياتها, أوبعبارة أخري تغيير في السلوك. ومن المعروف والثابت علميا- كما يقول- أن الطفل منذ ميلاده وخلال نموه يحاول جذب انتباه الآخرين ومن خلال ذلك يتكون الأصدقاء وما يطلق عليه جماعات الرفقاء, الذين لهم دور بارز في تشكيل شخصية الفرد, بل يكون تأثير هذه الجماعة أكثر من الأسرة والمدرسة علي الطفل, فعن طريقها يكتسب العديد من التقاليد والاهتمامات والأنشطة وطرق وأساليب التعامل وتدعيم القيم والسلوكيات, مما يقوي من تأثير جماعة الرفقاء علي شخصية الطفل والتشبه بهم. والتجانس بين أفرادها من حيث السن والميول والاتجاهات وغيرها, وهو ما يجعلها تؤثر في تشكيل سلوك التلميذ. ولا يمكن أن نتجاهل الأدوار الإيجابية للأصدقاء حيث يمكن أن يساعدوا بعضهم في التعلم والتحصيل الدراسي, ويجب أيضا الانتباه إلي التأثير السلبي لأصدقاء السوء الذين يلعبون أدوارا مهمة في تشكيل شخصية الطفل, بل ويمكن أن يكتسب منهم العديد من السلوكيات الخاطئة. ويضيف د. محمد السكران أن بعض الأطفال في بادئ الأمر لا يستطيعون تكوين أصدقاء وقد يواجهون بعض الصعوبات في التأقلم مع العدد الكبير من الأطفال, وهذا لا يعني أن تضغط الأم علي طفلها للتعرف علي الأصدقاء, فالأطفال يختلفون في طباعهم فمنهم من يكون اجتماعيا بطبيعته ويمتلك قدرا من الثقة بالنفس للتعامل في الأيام الأولي من الدراسة, وهناك طفل آخر قد يشعر أنه وحيد وخجول مما يجعل مهمة تواصله مع زملاء المدرسة صعبة. وينصح أستاذ التربية الأم بتشجيع طفلها علي الاشتراك في الأنشطة المدرسية المختلفة ولكن دون ضغط عليه للتعرف علي زملائه, بل عليها أن تتركه ليشق طريقه في تكوين الصداقات بنفسه, كما يجب علي كل أم أن تعلم أنه سيكون هناك مشاكل بين طفلها وزملائه في المدرسة لأن هذا جزء من الحياة ومن تطور الطفل ونموه, وأنه يجب عليها ألا تتدخل في المشاكل التي تحدث بين أطفالها وزملائهم في المدرسة لأن تدخلها سيكون أمرا غير مجد, ولتترك طفلها ليتعلم حل مشاكله بنفسه, وفي حالة ما إذا كانت المشاكل شديدة التعقيد ولها تأثير نفسي عليه أو كانت تتمثل في أن يتعرض لمضايقات شديدة من زملائه بالمدرسة فيجب علي الأم التوجه لإدارة المدرسة أولا لمعرفة تفاصيل المشكلة, علي أن يكون التدخل مدروس. وأخيرا يوجه كلامه للأم: تأكدي أنك عندما تعلمين طفلك كيفية التحدث مع زملائه وكيفية التعامل معهم واستيعاب الأشياء التي تغضبهم فإنك تؤهلينه بصورة غير مباشرة للتعامل مع صراعات الحياة المختلفة في المستقبل.