أكد خبراء سياسيون وعسكريون أن مصر لعبت دورا بارزا في تغيير خريطة التحالفات السياسية العربية والعالمية, وأن الولاياتالمتحدة باتت مخططاتها مفضوحة بفضل وعي الشعب المصري للمؤامرة التي كانت تحاك ضده من تقسيم وتهميش وإقحام البلاد في صراعات تستنزف موارده وصولا إلي مرحلة التفتيت والتدمير من الداخل برعاية جماعة الإخوان. وقالوا إن الدول العربية أدركت أخيرا أن الأمن القومي المصري هو مفتاح الأمن القومي العربي, وإن الموقف العربي من الثورة المصرية والوقوف بجانب مصر لم يكن لولا إدراك هذه الدول بأن ضياع مصر وانهيارها يعني ضياع المنطقة بأكملها, مشيرين إلي أن حربا أمريكية تدور رحاها حاليا في منطقة الشرق الأوسط تعتمد علي الشائعات والمعلومات, وأن الإدارة الأمريكية الحالية استخدمت كل أوراق الضغط لإثناء هذه الدول عن موقفها من مصر, ولكنهم في الوقت نفسه, حذروا من الإفراط في التفاؤل وعدم الاستهانة بقدرات الولاياتالمتحدة التي تعمل وفقا لاستراتيجيات طويلة المدي تصل إلي100 عام. أسامة هيكل, وزير الإعلام الأسبق, قال إن أمريكا ليست مستعدة لأن تقدم المزيد من الخسارة بسبب دعمها المطلق للإخوان, مشيرا إلي أنها كانت مجبرة علي تغيير موقفها من ثورة30 يونيو, خاصة بعد أن رأت هذا التكاتف والدعم العربي, إيمانا من تلك الدول أن أمنها القومي مرتبط ارتباطا وثيقا بالأمن القومي المصري, وقال إن ما حدث عقب الإطاحة بنظام الإخوان أوقف المخططات التوسعية الأمريكية في المنطقة, مشيرا إلي أن أمريكا لجأت لقرار تعليق المعونات عن مصر, برغم أنه قرار صعب وهي المتضررة منه, بهدف جس نبض الدول العربية في إطار الضغط الأمريكي علي المنطقة من خلال الضغط علي مصر. وقال إن الشعب المصري والشعوب العربية دخلت لأول مرة في المعادلة السياسية في المنطقة, بعد أن كانت خارج الحسابات الأمريكية, وإن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت لا تري إلا الحكومات التي تتعاون معها في تحقيق أهدافها, بغض النظر عن رضاء شعوبها, وأكد أن المواطن المصري فقد ثقته في أن الولاياتالمتحدة راعية للديمقراطية بسبب موقفها المعلن والمرتبك ودعمها للجماعات الإرهابية, وعلي رأسها تنظيم الإخوان. وأضاف اللواء خالد مطاوع الخبير الأمني أنه بات مؤكدا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لم تعد تملك زمام الأمور بالشرق الاوسط كما كانت قبل30 يونيو, ويؤكد هذا ارتباكها لاقصي درجة في قراراتها المتعلقة بالمنطقة خاصة في قرار ضرب سوريا التي عدلت عنه في اللحظة الاخيرة الامر الذي يؤكد أنه لم يعد في جعبة الادارة الأمريكية الحالية المزيد من أوراق الضغط التي كانت تمتلكها. وقال إن تلاحم قوي الشعب مع القوات المسلحة عقب ثورة يونيو عندما دعا الفريق أول عبدالفتاح السيسي لتفويضه في محاربة الإرهاب المحتمل لم يكن في حسبان صانع القرار الامريكي, بينما أكدت التحليلات الأمريكية بعد ذلك أن مصر أصبحت خارج السيطرة الامريكية وأن الشعب المصري ومن خلفه الشعوب العربية لن يقبل أي ضغوط أمريكية علي نظام الحكم المؤقت. وأكد أن روسيا ايضا لعبت دورا كبيرا في التأثير علي الهيمنة الامريكية بالمنطقة كداعم مادي وعسكري لمصر, وأن أمريكا الان تنتظر القرار المصري حتي تستطيع ترتيب أوراقها كرد فعل, وأوضح أن امريكا بنت فروض هيمنتها علي المنطقة علي حصان خاسر, وفضلت أن تعمل علي توفير أمنها وأمن اسرائيل علي حساب أمن واستقرار دول كانت تعتبر نفسها صديقة للولايات المتحدة. وأوضح الدكتور رشاد بيومي, أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية العربية للعلوم, أن الولاياتالمتحدة تستخدم استراتيجيات طويلة الأمد لمدد تتراوح بين50 و100 عام, وأنها تعودت علي تحميل المنطقة العربية فواتير أطماعها الاستعمارية, وأمريكا اعتمدت في تنفيذ تلك المخططات الاستعمارية علي الأنظمة العربية نفسها مثل نظام الإخوان, ومن قبله نظام مبارك, في تكسير الدول التي قد يكون لها مستقبل. وقال: إن المأزق الذي يواجه أمريكا ويجعلها تشعر بالشلل تجاه الدول العربية الداعمة لمصر هو أن أمريكا لاتحركها سوي مصالحها, وان المنطقة العربية تعتبر أكبر سوق لها, وإذا لوحت هذه الدول بسحب ودائعها واستثماراتها التي تقدر بتريليونات الدولارات من البنوك الامريكية فسوف تتعرض للافلاس وقتها, أيضا فإن أمريكا لم تعد القوة الوحيدة في العالم التي تستطيع الدول العربية مد جسور المصالح بينها, فهناك دول عملاقة مثل الصين وروسيا تسعي إلي فرض سيطرتها وسحب البساط من تحت أقدام الولاياتالمتحدة, التي تعلم جيدا أن أي اجراءات أو تدخلات غير مقبولة في المنطقة سوف تتخذ منها الدول العربية ذريعة للبحث عن حلفاء جدد, وفرصة لتنويع مصادر التسليح. بدوره أكد اللواء طلعت مسلم الخبير العسكري والاستراتيجي صعوبة التنبؤ بشكل الوجود الامريكي في المنطقة العربية, خاصة في ظل روح التآلف التي عادت إليها مرة أخري بعد عقود من الجفاء والتوتر, الأمر الذي لايرضي بالطبع الادارة الامريكية التي تعتبر المستفيد الاكبر من حالة الانقسام والتشرذم التي كانت تعانيها المنطقة, ويدفعها إلي الضغط بكل قوتها عسكريا واقتصاديا, وأشار إلي أنه وفقا للمعطيات الحالية فإن الولاياتالمتحدة سوف تلجأ إلي استدعاء حلفائها في الداخل والخارج واستخدام كل الوسائل المخابراتية وسوف تشن حربا تستخدم فيها المعلومات والشائعات بهدف منع التحالف العربي البازغ تحت عباءة مصر.