صباح النصر والكرامة علي المصريين, أصحاب العزة والحضارة. اليوم السادس من أكتوبر, تحل الذكري الأربعون لأعظم انتصار في تاريخ الأمة الحديث, الذي يبقي نصر أكتوبر3791, أنصع وأجمل وأنبل وأشرف صفحاته, الملهمة والمحرضة علي المقاومة, والباعثة برجاء لا ينقطع بأن الأمة مازالت قادرة علي الفعل. هذه القدرة علي الفعل تجسدت بكل عنفوانها, عندما قرر المصريون يوم03 يونيو3102 أن يستردوا وطنهم مرة أخري, فقاموا بثورتهم, التي كانت في جوهرها عبورا ثانيا, وهو عبور لا يقل في أهميته وعبقريته وأثره عن العبور الأول, لأنه أعاد مصر للمصريين, بعد أن اختطفت, في عملية سطو عقائدية مسلحة, لصالح مشروع خاص, يهدف إلي القضاء علي أركان الدولة المصرية الوطنية الحديثة. ومن المفارقات, أنه في العبور الأول تقدم الجيش وكان الشعب وراءه, وفي الثاني, تقدم الشعب وكان الجيش وراءه, وفي العبورين كان الشرط الضامن للإنجاز, هو ذلك التلاحم العضوي بين الشعب وقواته المسلحة. وما بين العبورين الأول والثاني, جرت مياه كثيرة في نهر الحياة المصرية, وأهدرنا زمنا طويلا, وأهملنا روحا عظيمة, لم نكن جادين مرة في أن نستلهمها, في إعادة صياغة حياتنا, بما يحقق تطلعات الشعب الصابر, الذي انتظر طويلا أن يعيش حياة حرة كريمة, لم تتحقق أبدا, وربما لو حدث هذا لما احتاج الي أن يقوم بثوراته, التي قلبت حياته رأسا علي عقب, وجلبت اضطرابات كانت ومازالت خطيرة. إن احتفالنا هذا العام بذكري انتصار أكتوبر, يجب أن يكون مضاعفا, لأننا لم نحتفل بها في العام الماضي, بعد أن تم اختطافها من أصحابها الحقيقيين, الذين حضروها كالأيتام علي مائدة اللئام, بعد قصرها علي حفل خاص مغلق, علي الأهل والعشيرة والمتطرفين والإرهابيين, والقتلة الملطخة أياديهم وقلوبهم وعقولهم بدماء المصريين. كان المشهد صادما ومؤلما, ليس لرجال القوات المسلحة فقط, ولكن للشعب الذي أدرك بحسه الوطني, كيف ستكون مآلات الأمور فيما هو قادم من أيام. أحسب أن مهمتنا الكبري اليوم, بعد انقضاء تلك الأيام السوداء, وحتي لا تعود مرة أخري, أن نبدأ عملا حقيقيا, في مد جسور العبور الي مصر الجديدة, كتلك الجسور التي عبرنا عليها في اكتوبر3791 إلي النصر والكرامة, جسور سياسية واقتصادية واجتماعية, نعبر عليها نحو مستقبل يليق بمصر, تتحقق فيه مطالب الشعب في العيش والحرية والعدالة والكرامة, دون انتظار لعبور ثالث!. في الختام.. تقول أم كلثوم في رائعة كامل الشناوي أنا الشعب: أنا الشعب لا أعرف المستحيلا, ولا أرتضي بالخلود بديلا! لمزيد من مقالات محمد حسين