لزيارات المتكررة التي تصر السيدة آشتون, مسئولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي, علي القيام بها إلي مصر, وآخرها زيارتها الحالية, تذكرني بزيارة قام بها روبرت منزيس( رئيس وزراء أستراليا) إلي مصر في1956. لقد قالت السيدة آشتون قبل حضورها ان أوروبا لا تحاول أن تملي علي مصر ماتفعله ولكنها تأتي كما ذكر- لكيتقابل جميع الأطراف, وتواصل الحوار حول وضع دستور جيد(!!) وإجراء انتخابات... باعتبارها ضمانات علي تحرك العملية الديمقراطية إلي الأمام... ومشيرة إلي أن ذلك يجب أن يرتبط بخطة اقتصادية تحقق مطالب الشعب المصري ولكنني- مع ذلك- لا أرتاح لزيارة السيدة آشتون, وثقتي كبيرة في أنها سوف تواجه في مصر من ينقلون لها هذا الإحساس. فمصر- ياسيدة آشتون- ليست دولة من جمهوريات الموز في أمريكا اللاتينية, وليست دويلة ناشئة في مجاهل العالم الثالث. مصر دولة حديثة منذ مائتي عام, وتاريخها الدستوري يعود إلي أكثر من مائة وعشرة أعوام, وعرفت- منذ تسعين عاما- واحدا من أفضل الدساتير في العالم( دستور1923) والانتفاضة التي قام بها المصريون في30 يونيو كانت عملا شعبيا ثوريا راقيا بامتياز. أما القلق الأوروبي الحالي من رفض الشعب المصري الكاسح للإخوان المسلمين وحكمهم, فيذكرني- كما قلت- بالقلق المحموم القديم من رفض المصريين- بقيادة جمال عبد الناصر- التدخلات الأمريكية و الدولية في شئونهم وحرصهم علي استقلالهم عقب إبرام عبد الناصر صفقة الأسلحة التشيكية( السوفيتية) ثم تأميمه المشهود قناة السويس في عام.1956 في ذلك الحين, أرسلوا بعثة برئاسة روبرت منزيس في3 سبتمبر ممثلا لهيئة المنتفعين بالقناة فرفضها عبد الناصر وتهكم في إحدي خطبه علي البغل الأسترالي الذي أرسلوه مبعوثا إليه! غير أن مشابهة طريفة أخري طرأت علي ذهني, وهي أن الدول الأوروبية عندما أرادت الضغط علي مصر فإنها سحبت المرشدين الأوروبيين من القناة, أما السيدة آشتون فإنها علي العكس- تأتي لكي تدعم مرشدا واحدا في مصر. لمزيد من مقالات د.أسامة الغزالى حرب