ضربت لبنان خلال الأيام الماضية سلسلة من التفجيرات الدامية أودت بحياة أكثر من80 شخصا ومئات الجرحي, وخسائر اقتصادية تجاوزت مئات الملايين من الدولارات علي أقل تقدير.. وأعادت إلي الأذهان الأيام الغابرة التي كان يصحو وينام اللبنانيون فيها علي وقع صوت الانفجارات المتنقلة التي تحصد كل يوم وكل ساعة ضحايا أبرياء. وتعكس هذه التفجيرات رسائل داكنة عن بلد يئن تحت وطأة الانقسام والتدخلات الخارجية ويواجه أصعب المواقف نتيجة الحرب الدائرة في سوريا بسبب حالة الانقسام السائدة بين اللبنانيين في قرار دعم أو عدم النظام هناك. وتحول لبنان إلي طرفين الأول يساند المعارضة ويتزعمه تيار المستقبل وقوي14 آذار والحزب التقدمي بزعامة وليد جنبلاط, والثاني يقف مع النظام السوري ويسانده ويتزعمه حزب الله وحركة أمل والتيار العوني, ومن هنا فشلت لبنان في تشكيل الحكومة الجديدة علي الرغم من استقالة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي منذ شهر مارس الماضي, بسبب التباعد في المواقف المتعلقة بالأزمة السورية. وبالعودة لتفجير الرويس يتوقف الكثيرون أمام الحادث بعد أن تمكن الإرهابيون من تنفيذ انفجار مروع في منطقة بالضاحية الجنوبية معقل حزب الله. ويري المراقبون, أن انفجار الرويس يعد اختراقا خطيرا لتحصينات الحزب الأمنية واقترابا من الخطوط الحمراء التي تحمي السيد حسن نصر الله وقيادات الحزب. كما أن الانفجار هز شارع الرويس التجاري الشهير المكتظ بالمحلات والأسواق التجارية وجري علي مرحلتين حيث جاء الانفجار الثاني علي بعد أمتار من الانفجار الأول, وكان اكبر وأكثر فداحة في الأضرار, ونتج عن هذين الانفجارين مصرع32 شخصا وإصابة أكثر من300 آخرين وقال السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أن' ما جري في الضاحية الجنوبية هو جريمة ومن قام بها هدفه إلحاق خسائر في أرواح الناس الأبرياء.. واعتبر آن مجزرة الرويس تأتي في سياق المعركة المفتوحة منذ عشرات السنين,وقال فما دام هناك فريق يقاوم ويرفض الاستسلام للإرادة الصهيونية والأمريكية فمن الطبيعي أن يتحمل هذا الفريق وبيئته الحاضنة الضريبة وقال أرجح' أن تكون الجماعات التكفيرية هي من تقف وراء تفجير الرويس,فالتكفيريون يقتلون السنة كما يقتلون الشيعة ويقتلون المسلمين كما يقتلون المسيحيين. وقبل أن تلملم الضاحية أحزانها جاء انفجار طرابلس حيث لقي42 شخصا علي الأقل مصرعهم وأصيب أكثر من500 آخرين في انفجارين استهدفا مسجدين في طرابلس شمال لبنان بالتزامن مع خروج المصلين منهما. ووقع الانفجار الأول أمام مسجد التقوي في منطقة الزاهرية أما الانفجار الثاني فوقع علي مدخل جامع السلام عند معرض رشيد كرامي بالقرب من منزل رئيس الوزراء المستقيل نجيب ميقاتي والنائب سمير الجسر واللواء أشرف ريفي مدير قوي الأمن الوطني وحسبما ذكر مصدر أمني فإن الانفجارين ناتجان عن سيارتين مفخختين.وبثت المحطات التلفزيونية مشاهد مروعة لمكاني الانفجارين أظهرت دمارا كبيرا في الأبنية وسيارات محترقة وحرائق تتصاعد من سيارات أخري. واتهم ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي حزب الله اللبناني بالوقوف وراء التفجيرين الذين ضربا مسجدين في مدينة طرابلس,وبحسب بيان نشر علي الانترنت فإن التنظيم تعهد بالانتقام من حزب الله الشيعي. وتعمق هذه التفجيرات من أزمة لبنان حيث ضرب الانفجار الأول منطقة يسكنها شيعة وضرب الثاني منطقة يقطنها سنة, ومن هنا يتم تغذية الفتنة بين المذهبين في بلد يعيش أزمات متلاحقة علي كل الأصعدة.. ففي المجال الأمني هناك شبه انهيار لسيطرة الدولة علي تحركات العناصر الإرهابية التي باتت تنفذ حسب توجهاتها عمليات تفجيرية متنقلة تستهدف الأبرياء والأحياء السكنية. اما علي الصعيد السياسي فتكاد تكون لبنان هي البلد الوحيد في العالم الذي يتحرك فيه علي الأرض رئيسان للوزراء أحدهما رئيس حكومة تصريف الأعمال هو نجيب ميقاتي الذي قدم استقالته في22 مارس الماضي أي منذ6 شهور وتم تكليف النائب تمام سلام بتشكيل الحكومة الجديدة في السادس من أبريل الماضي, ومع هذا وحتي الآن لم ينجح في تشكيلها وظل اسمه رئيس الحكومة المكلف وميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال وكلاهما يمارس دورا علي الأرض. والفشل في تشكيل الحكومة يرجع إلي أن القراد اللبناني لايصدر من بيروت غالبا وينتظر دوما الإشارة من دمشق والقوي الإقليمية. وبعد أن وصلت الأمور إلي هذه الدرجة من التعقيد دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان' الجميع, ومن دون استثناء, إلي وقفة شجاعة وقرار وطني مسئول, ينأي عن المصالح الخارجية والإقليمية, ويأخذ في الاعتبار المصلحة الوطنية الداخلية, والالتقاء ضمن حكومة جامعة وحول طاولة هيئة الحوار الوطني من دون شروط مسبقة لدرء المخاطر التي تهدد الوطن واستباحة إراقة الدم بلا تمييز', وتوجه إلي اللبنانيين, في كلمة ألقاها مباشرة علي الهواء, بالقول:' هذه مسئوليتنا جميعا, فلنثبت أهليتنا لها ليبقي لنا وطن نستحقه ونفخر بانتمائنا إليه, فلا يقع فريسة لعبة الأمم',