كنت مدينا بمبلغ كبير من المال لأحد أشقائي, ثم تنازل طواعية عن المبلغ بسبب خسارة مالية تعرضنا لها في احد المشروعات, وبعد عامين نشبت بيننا خلافات فطالب بالمبلغ الذي كنت مدينا به فما حكم التنازل عن الدين وهل يجوز الرجوع فيه؟ يجيب علي هذا التساؤل الدكتور محمد الشحات الجندي, عضو مجمع البحوث الإسلامية, قائلا: الدين حق للدائن, يجب رده إليه لا يجوز للمدين التقاعس عن أدائه لصاحبه, لأن الحقوق يجب أن توفي لأصحابها, فإن التزام المقترض أو المدين بأن يرد ما أخذه من مال أو مثله أصل شرعي معتبر, أساسه مبدأ العدالة الذي هو الغاية والمقصد لاستقرار المعاملات, لحصول كل صاحب حق علي حقه وهو معني قوله تعالي: ولا تبخسوا الناس أشياءهم الأعراف/85 وإذا كان الوفاء بالدين هو الأصل والقاعدة, لأنه بموجب قاعدة العقد شريعة المتعاقدين المستخلصة من قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود المائدة/1 ومع تلك الأحقية, فإن الدائن قد تطيب نفسه ويتنازل عن حقه الواجب له, متي كان ذلك برضاه وموافقته الخالصة, لأن للشخص أن يتنازل عن حقه عن طواعية واختيارا بدليل قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم النساء/29 ولقول الرسول ذ- بطيب نفس منه. لكن ماذا لو نكص صاحب الحق عن تنازله, وطلب إعادة الحق, أو الوفاء بالدين؟ هذا الموقف يختلف بحسب السبب الذي حدا به إلي الرجوع عن تنازله؟ فإذا كان الرجوع لأمر جوهري لا يد له فيه, جعله في حاجة إلي المال, وأعوزه إليه وفي هذه الحالة فإن رجوعه في تنازله يكون لمبرر يقتضيه, ومسوغ يوجبه, إذ أن حاجته إلي ماله تقدم علي حاجة الغير إليه, لأن الحقوق تثبت بحسب الأحقية فيها, والشخص مطالب بالإنفاق علي نفسه ويقدم علي ذويه فينفق علي نفسه أولا, ثم علي أهله ومن يعول, هذا هو الأصل في ترتيب الحقوق وأولوية المستحقين فيها, طبقا لدرجة القرابة فيها. والحال ليس كذلك إذا كان رجوعه عن التنازل والإصرار علي وفاء المدين, بغير مبرر يقتضيه أو سبب يوجبه, فإن رجوعه يكون مكروها.