في ظل الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة علي القدس والمسجد الأقصي, ومحاولات التهويد التي لا تتوقف, نقلب صفحات التاريخ ومعركة حطين لتحرير القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي لنستلهم منها العبر والدروس, وهي تلك المعركة التي تعد إضافة لتاريخ العسكرية المصرية العريق. والتي وقعت الصليبيين وقوات صلاح الدين المسلمة, عام1187 م وانتصر فيها المسلمون, أسفرت عن سقوط مملكة القدس وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون. كانت دعوة البابا للحروب الصليبية التي بدأها البابا أوربان الثاني في نوفمبر1095 بعقده مجمعا لرجال الدين في مدينة كليرمونت فران الفرنسية, ودعا إلي الاستيلاء علي الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين, وكانت نتيجة الحرب الصليبية الأولي احتلال مناطق من البلاد الإسلامية والقدس تحديدا, من قبل الصليبيين عام1099 م, وكانت غارة لصوصية شنها أحد بارونات الإفرنج البارزين,ويدعي( أرناط) السبب المباشر للمعركة. ففي أواخر سنة1186 م, شن(أرناط)غارة( خلافا لشروط هدنة عقدت في1180) علي قافلة متجهة من القاهرة إلي دمشق ونهب بضائعها, وأسر أفرادها وزجهم في حصن الكرك, فما كان من صلاح الدين إلا أن يطالب في الحال ملك القدس آنذاك بالتعويض عن الضرر والإفراج عن الأسري ومحاسبة الناهب, ولكن الملك لم يجازف بمس تابعة القوي(ارناط), فقرر صلاح الدين إعلان الحرب علي مملكة القدس. وبدأ القتال ضد الصليبيين, وأعلن صلاح الدين فتح باب التطوع في مصر لمحاربة الصليبيين وأرسل مراسلات إلي الموصل والجزيرة والشام يطلب منهم دعم الجيش وخرج بعساكره من القاهرة وعسكر في دمشق, وعين ابنه الملك الأفضل قائدا للقوات واحتشدت قواته في بصري وكانت تضم حوالي12000 فارس و13000 من المشاة ورجال الاحتياط وأعدادا كبيرة من المتطوعين. وفي مايو1187 م, عبرت جيوش المسلمين نهر الأردن جنوبي طبريا, وفي2 يوليو استولت جيوش صلاح الدين علي طبرية قاطعا علي عدوه طريقه إلي الماء. ثم أحرق المسلمون الأعشاب والشجيرات في ساحة المعركة, واستولوا علي عيون الماء, عملا علي تعطيش الصليبيين وإجبارهم علي النزول للاشتباك معهم, ولما وصل الصليبيون إلي السهل الواقع بين لوبيا وحطين شن صلاح الدين هجوما ففروا إلي تلال حطين, فحاصرت قوات المسلمين التلال, وأقبل الليل وتوقف القتال, في اليوم التالي4 يوليو1187 وفي قيظ شديد ونقص في مياه الشرب قامت معركة حطين, ودامت المعركة نحو7 ساعات علي التوالي. سقط فيها الآلاف بين جرحي وقتلي, ووقع الملك جي دي لوزينيان ملك القدس آنذاك في أسر صلاح الدين, بالإضافة إلي العديد من القادة والبارونات, ولم ينج إلا بضع مئات فروا إلي صور واحتموا وراء أسوارها, وكانت هزيمة الصليبيين في معركة حطين هزيمة كارثية. وفي النصف الثاني من سبتمبر1187 حاصرت قوات صلاح الدين القدس, ولم يكن بمقدور حاميتها الصغيرة أن تحميها من ضغط60 ألف رجل. فاستسلمت بعد ستة ايام, وفي2 أكتوبر1187 م فتحت الأبواب وخفقت راية السلطان صلاح الدين الصفراء فوق القدس. وعامل صلاح الدين القدس وسكانها معاملة إنسانية أرحم بكثير مما عاملهم الغزاة الصليبيون, قبل ذلك بمئة عام تقريبا حيث قتل الصليبيون آنذاك كل أهالي القدس من رجال وكهول ونساء وأطفال و70000 تم قتلهم في ساحة المسجد الأقصي, فلم تقع من صلاح الدين قساوة لا معني لها ولا تدمير, ولكنه سمح بمغادرة القدس في غضون40 يوما بعد دفع فدية مقدارها10 دنانير ذهبية عن كل رجل,5 دنانير ذهبية عن كل امرأة, ودينار واحد عن كل طفل, واظهر صلاح الدين تسامحا كبيرا مع فقراء الصليبيين الذين عجزوا عن دفع الجزية.فكان بحق القائد المسلم.