قبل بدء الاقتراع.. الدوائر الانتخابية الملغاة بأحكام القضاء بانتخابات النواب    بروتوكول تعاون مُشترك بين غرفتي القاهرة والعربية البرازيلية    إعتماد تعديل المخطط التفصيلي لقريتين بمحافظتي الغربية والشرقية    وزير الاستثمار يبحث مع "بلومبرج جرين" الأمريكية إنشاء مركز إقليمى للأمن الغذائى وتوطين تكنولوجيا الحفظ الزراعى    أصوات الانفجارات لا تتوقف.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة    ماكرون: نيجيريا تطلب الدعم من فرنسا للتصدي لانعدام الأمن    الفراعنة يتألقن في بورتوريكو... مصر تواجه المغرب في نهائي كأس العالم للاولمبياد الخاص لكرة السلة الموحدة اليوم    كمال درويش يهاجم شيكابالا: أنت معندكش خبرة إدارية عشان تتكلم عن مجلس الزمالك    كمال درويش: أرض أكتوبر المتنفس الحقيقي للزمالك.. والأمور أصبحت مستحيلة على مجلس الإدارة    مصرع وإصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الصحراوي الشرقي بالمنيا    تفاصيل مقتل الفنان سعيد مختار بأكتوبر    السيارة احترقت بالكامل| مصرع 4 أشخاص وإصابة 2 في حادث تصادم مروع بالمنيا    خالد الجندي: برنامج "دولة التلاوة" أعظم هدية قُدِّمت للمجتمع المصري (فيديو)    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    وزير الصحة: اللقاح الموسمي فعال وفيروس "ماربورج" غير موجود في مصر    محافظة القاهرة تتبرع ب50 مليون جنيه للمساهمة فى إنشاء المجمع الطبي بحلوان    مدبولي: مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان يقترب من الافتتاح بعد تقدم كبير في أعمال التطوير    منافس بيراميدز المحتمل - وصول بعثة فلامنجو إلى قطر لمواجهة كروز أزول    تلف 400 كتاب بعد غرق قسم الآثار المصرية بمتحف اللوفر، ومطلب خاص للتعويض    مؤسستا ساويرس وعبلة للفنون تجددان شراكتهما لدعم المواهب المصرية الشابة    مى عمر: محمد سامى صاحبى والجمهور بيقف فى ضهرى لما بتحارب    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    السمنة تحت مجهر صحة الشيوخ.. اللجنة تتبنى خطة لنشر الوعى حول التغذية السليمة    هيمنة عسكرية روسية.. الجيش الروسي يتحرك ويستهدف منشآت طاقة أوكرانية    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    المستشار الألماني: إمكانية زيارة نتنياهو إلى بلادنا غير مطروحة حاليا    وفاة طفلة بعد تعذيبها على يد طليقة الأب بالقليوبية    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    بعد نهاية مهلة تمديد العقد .. الأهلي ينتظر القرار الأخير من أحمد عبد القادر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    واحد من الناس يكشف كواليس أعمال الشريعي الموسيقي وسر خلافه مع الابنودي.. اليوم وغد    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية .. اعرف التفاصيل    الجزار: كأس العالم للأندية سبب تعثر انتقالي إلى الأهلي.. ووقعت للزمالك من قبل    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    تقرير أردني: الخطيب يكلف عبد الحفيظ لبدء التفاوض مع يزن النعيمات    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    ثنائي الأهلي يدعم محمد صلاح ضد مدرب ليفربول: أسطورة كل العصور    حزب العمال البريطانى يمنع المتحولات جنسيا من حضور مؤتمره النسائى فى 2026    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    صحة سوهاج تتابع الانضباط وجودة الخدمات الطبية بمستشفى العسيرات المركزي    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بسجلات تفصيلية جديدة لضبط السوق    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    23 ديسمبر، انطلاق المؤتمر الدولي الأول لتجارة عين شمس "الابتكار والتكنولوجيا المالية"    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    الأحد 7 ديسمبر 2025.. استقرار عام بأسعار أعلاف الدواجن مع تفاوت طفيف بين الشركات في أسوان    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الطريق إلي المصالحة
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 07 - 2013

طريق وعر للغاية, لكن ليس أمامنا بديل غير السير فيه. كان المفترض أن يسير فيه الرئيس السابق وقد تولي الحكم والمصريون بينهم انقسامات,
لكنه بدلا من أن يعالجها زادها تعقيدا. انحاز لجماعته ونسي مجتمعه, فكان أن ضل الطريق وأضل الوطن. عمق الاستقطاب وأعاق الحوار وسد أبواب التواصل فانتفض الوطن ضده. ولا غرابة. فمن يشق صف الناس لا تحق له ولاية.
برغم أنه قضي في السلطة عاما واحدا إلا أنه خلف وراءه صعوبات عديدة من شأنها أن تعيق المضي في طريق المصالحة أو تؤخره. من بينها ثلاث عقبات كبري هي الاستقطاب, والبلبلة, وضعف القابلية للتصالح. أما الاستقطاب فعقبة بدأت قبل ولايته. لكنه تحول علي يديه إلي كارثة. فقد زاده بكل الوسائل وأخطرها القانون والدين. فبالقانون أصدر إعلانا دستوريا استعدي به شرائح المجتمع وسلطات الدولة. وبالدين ترك جماعته والجماعات الصديقة لها تمرح لتقسم المجتمع إلي كفار ومؤمنين, لتحول خلافا سياسيا إلي فرز بين من قيل إنهم موعودون بالجنة ومن أدعي أنهم حطب جهنم.
العقبة الثانية, البلبلة, وتقف وراءها حملة تشويه واسعة تصور بغل وقوف الجيش بجانب الموجة الثانية من ثورة يناير علي أنه انقلاب, محاولة إيهام الخارج بأن مصر باتت مثل سوريا ترتكب فيها مجازر يومية في حق المدنيين. هذه البلبلة لا توفر مناخا مواتيا للمصالحة لأن البدء فيها يحتاج إلي اتفاق الأطراف علي توصيف المشهد. وهذا الاتفاق سيبقي غائبا مادامت الجماعة لا تريد أن تري من المشهد غير خروجها من السلطة فيما تسميه انقلابا ولا تري الشعب الذي أخرجها بإرادته في ثورة.
العقبة الثالثة, هي ضعف القابلية للمصالحة. فكما أن الديمقراطية لا تبني بدون ديمقراطيين, فلا يمكن أن تتحقق المصالحة بين من لا يملكون رغبة في التصالح. ويجب أن نعترف بأن المشاعر مشحونة والشك المتبادل هائل, والغضب عارم, والنيات غير واضحة, وأحاديث الوعد والوعيد تتردد علانية, وكلها علامات تشير إلي ضعف إرادة التصالح.
لكن برغم هذه الصعوبات لا بد من السير في طريق المصالحة. وأول خطوة فيه الاتفاق علي مجموعة مبادئ مقبولة لكل الأطراف وليست تصورات يحددها كل طرف علي هواه. ويجب الحذر في هذا الصدد. فمنذ أن بدأ الحديث يرتفع عن الحاجة إلي المصالحة ظهرت مجموعات مختلفة تشكلت من أجل لم الشمل أو تقريب وجهات النظر. وهذا أمر لا غبار عليه. لكن من المناسب في مرحلة مبكرة من بذل هذه الجهود أن تتشكل مظلة عامة تنسق بينها وتوفق بين المبادرات التي تطرحها حتي لا يدب اختلاف بينها قد يفرض البحث عن مصالحة بين من يحاول أن يساعدوا علي المصالحة!
وأتصور أن هناك أربعة مبادئ عامة تمثل حدا أدني يمكن أن تتوافق عليه كل الأطراف. المبدأ الأول, هو وجوب النظر إلي الأمام والبدء من قناعة بأن عقارب الساعة لن تعود إلي الوراء. فما قبل25 يناير لا يمكن أن يعود. وهذا أمر مهم حتي يطمئن المجتمع إلي أن محاولات عناصر النظام الأسبق التي تسعي للالتفاف والعودة علي ظهر30 يونيو إلي امتيازاتها القديمة لن تنجح. وبالمثل فإن تصريف الأمور كما كان يجري قبل30 يونيو لن يعود وأن حكم الإخوان المطلق ليس له بعد أن سقط أن يقوم من جديد. ويحتاج النظر إلي الأمام إلي إيمان قوي بالتسامح السياسي والغفران التاريخي من الجميع وبين الجميع. بين الثورة بموجتيها الأولي في يناير والثانية في يونيو. بين الإخوان الذين ركبوا موجة يناير وجاءوا إلي الحكم فقامت في وجههم موجة يونيو لتمنعهم من الانفراد به. تسامح سياسي وغفران تاريخي أوسع ليس فقط بين موجتي الثورة وإنما مع كل من لم تتلوث يده بالدماء أو يرتكب فسادا سواء من النظام السابق أو النظام الأسبق.
والمبدأ الثاني, هو الالتزام المتبادل بين الجميع بفترة صمت أيديولوجي. فالاستقطاب وإن بدأ سياسيا إلا أن دخول الأيديولوجيات علي الخط عمقته وعقدته. فالمجتمع منقسم سياسيا ولا توجد آليات مستقرة تحسم الاختلاف في وجهات النظر بين جماعاته. ولهذا فإن الضجيج الأيديولوجي إن لم يتوقف فلن يمكن أن تبدأ المصالحة. مطلوب فترة صمت أيديولوجي من الجميع يكون التركيز فيها علي وضع إجراءات تحقن الدماء بدلا من تلك المجادلات الأيديولوجية التي تؤدي إلي سفك مزيد منها.
والمبدأ الثالث, هو التزام مصرية العمل. فلا مصالحة يمكن أن تبدأ أو تتقدم بدفع من أياد أجنبية معروف أن لكل منها أجندته. فالمصالحة تصمد لأن أطرافها يقدرون أهميتها ولأنهم يحتاجون إليها وليس لأنها مفروضة عليهم من الخارج.
والمبدأ الرابع, هو الاقتناع بأن المصالحة تقوم علي الندية وليس الغلبة, وأن التصالح ليس بعملية تفاوض يبحث فيها كل طرف عن أوراق تعزز مواقفه أو يخلق من أجلها حقائق ميدانية تعزز سيطرته. المصالحة تعايش وطني يقوم علي القبول بالآخر وليس صفقة تجارية تهدف إلي الكسب من ورائه.
والأمر ليس سهلا لأن القابلية للمصالحة ليست بادية بشكل يطمئن. لكن لا بد أن نحاول. وقد تكون هذه المبادئ الأربعة أساسا للمحاولة. لدينا مشكلة كبيرة ليس مطلوبا منا أن نهرب بها إلي الأمام وإنما أن نعالجها لنبدأ من جديد. بداية مختلفة ترسخ في الأذهان أن مصر ليست غنيمة يتصارع عليها الجميع وإنما مسئولية يجب أن يتحملها الجميع. ولأن الطريق إلي المصالحة وعر فإن قطعه سيكون هو عنوان الموجة الثالثة من الثورة التي لو قطعت بنجاح سنكون قد عبرنا من الثورة بكل تعقيداتها إلي الدولة بكل ما ينتظر منها من وعود.
لمزيد من مقالات أبراهيم عرفات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.