ما الحكمة من النهي عن صوم يوم الشك؟ أجابت أمانة الفتوي بدار الإفتاء المصرية علي تلك الفتوي بالتأكيد علي أنه لا يجوز صيام يوم الشك, وهو اليوم الثلاثون من شعبان إذا تحدث الناس بالرؤية ولم تثبت. وأوضحت الفتوي أن حكم صوم يوم الشك له حالتان:الأولي: أن يصام عن رمضان بنية الاحتياط له, فهذا هو المراد بالنهي عند جمهور العلماء, ثم منهم من جعله حراما لا يصح صومه كأكثر الشافعية, ومنهم من رآه مكروها كالحنفية والمالكية والحنابلة. أما الثانية فأن يصام عن غير رمضان, فالجمهور علي أنه يجوز صومه إذا وافق عادة في صوم التطوع كما هو نص حديث أبي هريرة- رضي الله عنه-, ويلتحق بذلك عندهم صوم القضاء والنذر, أما التطوع المطلق من غير عادة فهو حرام علي الصحيح عند الشافعية إلا إن وصله بما قبله من النصف الثاني فيجوز, ولا بأس به عند الحنفية والمالكية.وعن الحكمة في النهي عن صوم يوم الشك قالت الفتوي: إن الحاكم هو الذي يقضي بصحة بينة الرؤية- عند إمكانها فلكيا-, فإذا حكم بعدم ثبوت الشهر فإن حكمه هذا يرفع النزاع في الأمر الظني ظاهرا وباطنا, ويحسم مادة الخلاف فيه, وليس المسلم مكلفا- تحت أي سقف معرفي يعيش فيه- بالوصول إلي ما في الواقع ونفس الأمر, بل المظنة في ذلك تنزل منزلة المئنة, والأخذ بغلبة الظن واجب شرعي, وهذا يعلم المسلمين القوة والثبات في دينهم, والجدية في أمر عبادتهم, ويحذرهم من أن يكونوا نهبا لخطر الشائعات بين أهل البلد الواحد عن طريق تحدث بعض الناس بينهم بالرؤية وإحداثهم للبلبلة والفوضي في ذلك مع عدم الحكم بثبوتها. ما الحكم إذا بدأ شخص الصيام في بلد وسافر لأخري ؟ أجابت دار الإفتاء علي تلك الفتوي بالقول إنه إذا بدأ المكلف الصيام في مصر طبقا لتحديد أول شهر رمضان فيها, وسافر إلي بلد آخر اختلف العيد فيه مع مصر, فالأصل أنه يتبع أهل تلك البلد في رؤية هلال شوال إلا في حالتين: أن تخالف هذه الرؤية الحساب الفلكي القطعي, أو تجعل شهر رمضان يزيد عن ثلاثين أو يقل عن تسعة وعشرين يوما.وأضافت الفتوي:' إذا رؤي مثلا هلال شوال في مصر ولم ير في البلد الأخري أو بالعكس مع كون الرؤيتين داخلتين في نطاق الإمكان الفلكي ومع صحة عدد أيام الشهر, فإن الصائم يتبع حينئذ هلال البلد الذي هو فيها صياما أو إفطارا; إذ لا محظور حينئذ من زيادة علي الشهر أو نقص فيه أو مخالفة للحساب القطعي'. وإن كانت البلد التي سافر إليها لا تبالي بالحساب القطعي بل خالفته في إمكان الرؤية أو استحالتها, أو كان الصائم بحيث لو تابعها لزاد علي ثلاثين أو نقص عن تسعة وعشرين فلا يجوز له حينئذ متابعتها في الإفطار أو الصوم الزائد أو الناقص قطعا.وأوضحت الفتوي أن ذلك يأتي لعلتين: الأولي: أنه اتبع رؤية مصر التي يعلم صحتها فصار مقيدا بها, وليس له أن ينقض ما قد بني شهره عليه بمخالفة القطعي من عدد الشهر وحساب الفلك.أما الثانية: أنه قد تبين له خطأ رؤية البلد التي سافر إليها, فلا عبرة بها في حقه, مؤكدة أنه لا يقال: عليه أن يقلد البلد التي سافر إليها ولو خالفت القطعي عددا وحسابا, منعا للفتنة ورأبا للصدع.