وزارة العمل تعلن توافر 5242 فُرص عمل في 8 محافظات    بعد الارتفاع الكبير في عيار 21.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء 20 مايو 2025 بالصاغة    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مدرسة تؤوي نازحين في حي الدرج بمدينة غزة    نتنياهو يعلن رفض بيان قادة بريطانيا وفرنسا وكندا الداعي لوقف إطلاق النار بغزة    منذ فجر الاثنين.. 126 شهيدا حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة    وزير الرياضة ومحافظ بورسعيد يجتمعان مع مجلس المصرى بعد استقالة كامل أبو على    رابط جدول امتحانات الشهادة الإعدادية 2025 ب المحافظات الحدودية    أثبت أني حي لكن لم يعاملوني مثل عبد الرحمن أبو زهرة، وقف معاش الكاتب الصحفي محمد العزبي    ماذا تفعل المرأة في حال حدوث عذر شرعي أثناء أداء مناسك الحج؟    استشهاد طفلين في قصف إسرائيلى غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    5 أيام متواصلة.. موعد إجازة عيد الأضحى 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    مدرب وادي دجلة السابق: الأهلي الأفضل في إفريقيا وشرف لي تدريب الزمالك    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    حريق مزرعة دواجن بالفيوم.. ونفوق 5000 كتكوت    "تيك توكر" شهيرة تتهم صانع محتوى بالاعتداء عليها فى الطالبية    المحكمة العليا الأمريكية تؤيد قرار ترامب بشأن ترحيل 350 ألف مهاجر فنزويلي    سفير مصر لدى الاتحاد الأوروبى يستعرض العلاقات المصرية- الأوروبية    التعليم تكشف عن سن التقديم لمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي    الدولار يتراجع.. أسعار العملات اليوم الثلاثاء بالبنك المركزي (تفاصيل)    مهرجان كان يعدل جدول أعماله بسبب دينزل واشنطن ويفاجئه بجائزة "السعفة الذهبية الفخرية" (فيديو)    محافظ كفرالشيخ: توريد 178 ألف طن من القمح وصرف مستحقات المزارعين بانتظام    الأهلي والزمالك.. من يتأهل لنهائي دوري السوبر لكرة السلة؟    يستهدفون علاقات الشعوب العربية.. عمرو موسى يُحذر الشباب من هذا السلوك    مشروعات عملاقة تنفذ على أرض أشمون.. تعرف عليها    تكريم طالبين بجامعة عين شمس لحصولهما على جائزة بمسابقة عمرانية    أحدها لم يحدث منذ 2004.. أرقام من خسارة ليفربول أمام برايتون    4 قرارات عاجلة من النيابة بشأن بلاغ سرقة فيلا نوال الدجوي    الأرصاد تُحذر: شبورة ورياح مثيرة للرمال والأتربة على هذه المناطق اليوم    حبس شاب متهم بالشروع في قتل آخر بالعياط    صيام صلاح مرة أخرى.. ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز بعد خسارة ليفربول    أحمد دياب: إيقاف النشاط أمر غير وارد    عاجل| عرض خليجي خرافي لضم إمام عاشور.. وهكذا رد الأهلي    الإفتاء: لا يجوز ترك الصلاة تحت اي ظرف    فضل حج بيت الله الحرام وما هو الحج المبرور؟.. الأزهر للفتوى يوضح    محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل ويشدد على سرعة الإنجاز (صور)    سيلان الأنف المزمن.. 5 أسباب علمية وراء المشكلة المزعجة وحلول فعالة للتخفيف    رئيس شعبة مواد البناء: لولا تدخل الحكومة لارتفع سعر طن الأسمنت إلى 5000 جنيه    «ليست النسخة النهائية».. أول تعليق من «الأعلى للإعلام» على إعلان الأهلي (فيديو)    إغلاق 7 منشآت طبية مخالفة و7 محال تجارية فى حملة بقنا    منافس الزمالك في ربع نهائي كأس الكؤوس الأفريقية لليد    سامي شاهين أمينا للحماية الاجتماعية بالجبهة الوطنية - (تفاصيل)    عليك إعادة تقييم أسلوبك.. برج الجدي اليوم 20 مايو    تامر أمين ينتقد وزير الثقافة لإغلاق 120 وحدة ثقافية: «ده إحنا في عرض مكتبة متر وكتاب»    حدث بالفن | حقيقة إصابة عبدالرحمن أبو زهرة ب "الزهايمر" وموعد حفل زفاف مسلم    موعد نقل القناع الذهبي لتوت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير    أستاذ علاقات دولية: الاتفاق بين الهند وباكستان محفوف بالمخاطر    ما مصير إعلان اتصالات بعد شكوى الزمالك؟.. رئيس المجلس الأعلى للإعلام يوضح    جامعة حلوان تنظم ندوة التداخل البيني لمواجهة تحديات الحياة الأسرية    وزير الاستثمار يتوجه للعاصمة الألمانية برلين لتعزيز العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين    هل يوجد في مصر فقاعة عقارية؟.. أحمد صبور يُجيب    شعبة المواد الغذائية تكشف 4 أسباب لعدم انخفاض أسعار اللحوم مقارنة بالسلع التموينية (خاص)    وفد قبطي من الكنيسة الأرثوذكسية يلتقي بابا الڤاتيكان الجديد    سرعة الانتهاء من الأعمال.. محافظ القليوبية يتفقد أعمال تطوير مستشفى النيل    وزير العمل: قريباً توقيع اتفاقية توظيف للعمالة المصرية في صربيا    هل يجوز للمرأة أداء فريضة الحج عن زوجها أو شقيقها؟.. أمينة الفتوى: هناك شروط    «للرجال 5 أطعمة تحميك من سرطان البروستاتا».. تعرف عليهم واحرص على تناولهم    خالد الجندي: الحجاب لم يُفرض إلا لحماية المرأة وتكريمها    مزارع الدواجن آمنة إعلامى الوزراء: لم نرصد أى متحورات أو فيروسات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‏2011‏ انتصار و انكسار
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 12 - 2011

عام حافل بكل المقاييس هو أقل ما يمكن أن يوصف به عام‏2011,‏ ليس فقط علي المستوي المحلي بل علي المستويين العربي والدولي كذلك‏,‏ ففي مصر بدأت الساعات الأولي لهذا العام بحادث تفجير كنيسة القديسين الذي كان أحد أسباب تأجيج الغضب ضد نظام مبارك في أيامه الأخيرة لتندلع بعد ذلك ثورة الخامس والعشرين من يناير التي أتت كأول ثورة شعبية خالصة في التاريخ المصري الحديث, كان الشباب هو نقطة الارتكاز فيها وسرعان ما انضمت لها كافة طوائف الشعب لتشهد مصر خلال أدق وأخطر18 يوما ثورة ضد الرئيس السابق حسني مبارك وكل ما يمثله نظامه من فساد استشري كالسرطان في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية علي كافة المستويات, وتنجح في إسقاطه وتتغير موازين القوي السياسية تماما, فتبرز قوي جديدة وتختفي قوي أخري.

كنيسة القديسين.. شرارة الغضب الأولي
مع الساعات الأولي للعام الجديد, وفي ظل انشغال المصريين بالاحتفال بالعام الجديد كان الأقباط يحتفلون بكنائسهم برأس السنة الميلادية ومع دقات الثانية عشرة وعشرين دقيقة من صباح الأول من يناير2011 طغي صوت الانفجارات علي صلوات وترانيم المصلين في قداس ليلة رأس السنة بكنيسة القديسين بالإسكندرية وتناثرت الأشلاء في كل مكان لتفجع مصر كلها في تلك الليلة, ولأنها لم تكن المرة الأولي التي يتم فيها الاعتداء علي الكنائس, إلا أن التوقيت هذه المرة كان فاصلا ولم يشعل الحادث غضب المسيحيين بل شاركهم في ذلك المسلمون الذين شكلوا دروعا بشرية لحماية الكنائس في قداس ليلة عيد الميلاد المجيد بعد الحادث ب6 ايام.
أسفر الحادث عن مظاهرات غاضبة للاقباط في انحاء مصر, وتم الكشف في وسائل الإعلام عن تلقي تهديدات بالاعتداء علي الكنائس من تنظيمات ارهابية واعلن تنظيم القاعدة في العراق علي الفيسبوك مسئوليته عن الحادث زاعما أنه انذار لعدم قيام الكنيسة المصرية بالافراج عن بعض السيدات المحتجزات مثل كاميليا شحاتة.
وبحلول الثالث والعشرين من يناير الماضي وقبل يومين من اندلاع الثورة اعلنت سلطات التحقيق المصريه أن مدبرالعمليه الارهابية مصري متطرف يتبع منظمة جيش الإسلام الفلسطيني و هي منظمه فلسطينيه من غزه وخلال التحقيقات قامت الداخلية باعتقال الشاب السلفي سيد بلال بالإسكندرية علي خلفية تلك التحقيقات وتم تعذيبه حتي الموت من قبل جهاز امن الدولة المنحل. إلا أنه بعد الثورة بدأت أمور أخري في التكشف فبعد سقوط وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي و أجهزته الأمنية وعلي رأسها جهاز أمن الدولة المنحل تردد في الصحف أن حوادث الاعتداء علي الكنائس كانت دائما تتم بمعرفة النظام السابق من أجل إذكاء وبث روح الفرقة بين عنصري الامة بهدف سهولة السيطرة عليها, كما أشيع أن تنظيما سريا بالداخلية كان يتبع العادلي مباشرة هو المسئول عن حادث الإسكندرية الذي جري بالتعاون مع أحد المعتقلين بإحدي الجماعات المتطرفة و خطط له لإخماد احتجاجات الأقباط وتهدئة غضب قياداتهم تجاه القيادة السياسية, وحتي الآن لم تحسمة القضية بعد, فمازالت تنظر امام القضاء باتهامات صريحه للعادلي.
25 يناير.. إسقاط نظام بكامله
كانت قضية مقتل الشاب خالد سعيد بالإسكندرية بعد تعذيبه وانتشار صورة له بوجه مشوه تتضح عليه علامات الضرب المبرح علي شبكات التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر في يونيو2010 المسمار الأخير في نعش وزارة حبيب العادلي, حيث تصاعدت الاحتجاجات علي مواقع التواصل الاجتماعي ضد ممارسات الوزارة التي كانت القبضة الأمنية التي يحكم بها نظام مبارك ويعتمد عليها في استقراره وبرزت للنور صفحة كلنا خالد سعيد علي موقع الفيسبوك والتي سعت لتلسليط الضوء علي قضية خالد سعيد الذي تم تشويهه من قبل النظام السابق باعتباره مدمن وبلطجي وقبل مرور العام علي إنشاء الصفحة التي بدأت كصفحة حقوقية في المقام الأول تسعي لكشف انتهاكات وتجاوزات جهاز الشرطة وتدافع عن قضية خالد تحولت شيئا فشيئا لمناقشة الأوضاع الداخلية ونجح مؤسسي الصفحة وائل غنيم وعبدالرحمن منصور في استغلال طاقة الشباب وغضبهم وتشجيعهم علي التعبير عن رأيهم وكسر حاجز الخوف من البطش الأمني عبر عدد من الوقفات الاحتجاجية الصامتة أمام الكورنيش احتجاجا علي مقتل خالد سعيد وممارسات الشرطة.
كان الحراك السياسي علي أشده في السنوات الخمس الأخيرة حيث برزت قوي سياسية فاعلة في الشارع قامت بتنظيم الاحتجاجات ضد النظام السابق وسياساته مثل حركة كفاية و حركة شباب6 ابريل والجمعية الوطنية للتغيير وتقاطع هذا الحراك مع حراك اجتماعي آخر بدأ في تصدر المشهد مع زيادة الإضرابات العمالية التي بدأت مع إضراب عمال المحلة الكبري في2008 و جاءت احتجاجا علي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية و نجاح تلك القوي في انتزاع حكم قضائي من محكمة القضاء الإداري في أكتوبر2010بإلزام الحكومة بتحديد الحد الأدني للأجور ليصبح1200 جنيه شهريا وعدم التزام حكومة نظيف بهذا الحكم.
لعبت مواقع التواصل الاجتماعي( تويتر والفيسبوك واليوتيوب) دورا مهما في الحشد للتظاهرات التي خرجت في25 يناير ونجح الشباب في استغلالها لتنظيم صفوفهم وتوحيد مطالبهم ومناقشة استراتيجياتهم وتكتيكهم الخاص بإدارة المعركة مع النظام السابق من خلال تحديد مناطق محددة للتجمع والخروج منها وتحديد شعارات موحدة للهتاف فضلا عن رصد وبث كل ما يحدث لحظة بلحظة عبر حساباتهم علي تلك المواقع لاستغلال ذلك في فضح ممارسات القمعية أمام احتجاجهم السلمي امام العالم من جهة ولتشجيع غيرهم علي النزول ومشاركتهم من جهة أخري ومع حلول27 من يناير أصبح الهاش تاج#Jan25
من أكثر الكلمات تغريدا علي موقع تويتر للتواصل الاجتماعي علي مستوي العالم حيث كان النشطاء يبثون من خلاله كل ما يحدث في ميادين ومحافظات مصر وكان العالم ووسائل الإعلام يشاهدون ويتا بعون من خلاله ما يحدث بمصر لحظة بلحظة قبل أن يدرك نظام مبارك خطورة هذا السلاح فيصدر أوامره بقطع الاتصالات اللاسلكية والانترنت صباح جمعة الغضب28 يناير لمنع المتظاهرين من استغلالها في الحشد وتنظيم صفوفهم ونقل ما يحدث للعالم إلا أن ذلك لم يمنع الجماهير الغاضبة من النزول فاندفعت بالملايين.
رحيل النظام11 فبراير
ابين مشاهد جمعة الغضب وموقعة الجمل وتعيين اللواء عمر سليمان نائبا لرئيس الجمهورية وتكليف مبارك اللواء أحمد شفيق بتشكيل حكومة إنقاذ النظام السابق نجحت الاحتجاجات في إجبار مبارك علي تعيين نائب له بل وانتزعت منه اعترافا صريحا أدلي به في خطابه الشهيرالذي عزف فيه علي مشاعر المواطنين ونجح في انتزاع تعاطف مؤقت معه في1 فبراير الذي أعلن فيه عدم ترشحه لولاية جديدة مؤكدا أنه مصر علي أن يعيش و يموت ويدفن في بلده الذي خدمه طوال حياته و أنه سيعمل خلال الفترة المتبقية من حكمه علي تيسير الانتقال السلمي للسلطة وأتت موقعة الجمل لتمحو أي تعاطف مع مبارك وتشعل الغضب الشعبي أكثر ضده ولم تنجح أي قرارات اتخذها مبارك بعد ذلك للتقليل من هذا الغضب تجاهه وتجاه نظامه علي الرغم من تقديمه أكثر من كبش فداء ففي الثالث من فبراير أصدرالنائب العام قرارا بمنع سفر كل من أحمد عز رجل الأعمال و أمين لجنة السياسيات المستقيل بالحزب الوطني و وزير السياحة السابق زهير جرانة و وزير الإسكان السابق أحمد المغربي بالإضافة إلي وزير داخليته حبيب العادلي كما قام بقبول استقالة هيئة المكتب السياسي بالحزب الوطني الديمقراطي بكامل أعضائه بما تضمه من أسماء جمال مبارك وصفوت الشريف وزكريا عزمي, وتعيين الدكتور حسام بدراوي كأمين عام للحزب وأمين لجنة السياسات, وكذلك فشلت المفاوضات التي أجراها اللواء عمر سليمان مع قوي المعارضة من أحزاب و ائتلافات شبابية من الميدان زعموا انهم يمثلون الميدان ويتحدثون باسمه, إلا أن صوت الجماهير الرافضة لأي تفاوض كان أعلي مؤكدة علي تمسكها بمطلب رئيسي إسقاط النظام وتخلل ذلك تقديم عدد من الوزراء بحكومة شفيق لاستقالاتهم مثل الدكتور جابر عصفور وزير الثقافة وفي ظل الأوضاع المتردية بدا أن المؤسسة العسكرية قد حسمت أمرها بالتخلي عن مبارك حيث أصدر المجلس الأعلي للقوات المسلحة بيانه الأول دون حضور مبارك في10 فبراير ليؤكد انعقاده الدائم وانحيازه لمطالب الشعب المشروع ظل11 فبراير هو اليوم الأبرز الذي حمل مشهد إلقاء سليمان لخطاب تنحي مبارك وتكليفه المجلس الأعلي للقوات المسلحة إدراة شئون البلاد و أصدر الجيش بيانه الثاني معلنا إنهاء حالة الطوارئ فور انتهاء الظروف التي تمر بها البلاد وضمان إجراء انتخابات رئاسية حرة, لتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الثورة.
مصر ما بعد مبارك
كانت مصر ما بعد مبارك مختلفة تماما24 ساعة فاصلة بدأت بإعلان التنحي وانتهت باحتفالات المصريين في أنحاء مصر وخارجها وعمت الصدمة والإبهار دول العالم تجاه هذا الشعب الذي نجح من خلال ثورة سلمية بيضاء في إسقاط نظام فاسد ظل لأكثر من30 عاما خلال18 يوما فقط.
تولي المجلس العسكري إدارة شئون البلاد وبدأ بتشكيل لجنة لتعديل الدستور, وأصدر النائب العام قرارات بحبس عدد من رموز النظام السابق علي خلفية اتهامات بالفساد وغسيل الأموال مثل العادلي وعز وجرانة والمغربي بحلول السابع عشر من فبراير, و أعلن المجلس عن إلغاء حالة الطوارئ بعد6 أشهر وتم الإعلان عن تشكيل حكومة شفيق الثانية والإعلان عن التعديلات الدستورية التي تضمنت9 مواد جديدة تحدد19 مارس للاستفتاء بشأنها.
الميدان يقيل شفيق
منذ تم الإعلان عن تشكيل حكومة شفيق الثانية في20 فبراير لم تحظ تلك الحكومة بالقبول, حيث عاد ميدان التحرير للظهور بقوة مرة أخري مطالبا بإقالة شفيق وحكومته وتشكيل حكومة إنقاذ وطني من شخصيات ثورية تتمتع بالنزاهة, مؤكدا رفضه لشفيق باعتباره أحد أقرب المقربين من مبارك, في مقابل ذلك عاد أيضا ميدان مصطفي محمود الذي مثل الأقلية التي تطالب ببقاء شفيق تماما كما كان يمثل الأقلية التي طالبت باستمرار مبارك حتي نهاية فترته خاصة بعد ظهور بوادر لعودة الاحتجاجات والاضرابات العمالية من جديد.
استفتاء19 مارس
برز الاستفتاء علي التعديلات الدستورية في مارس الماضي واشتد الجدل بين قبول التعديلات أو رفضها كما برز جدل آخر حول أولويات المرحلة الانتقالية وهل سيصبح الدستور أولا أم ستأتي الانتخابات اولا حتي تم حسم الأمر بقبول تلك التعديلات عبر أول استفتاء شعبي بعد الثورة شارك فيه ملايين المصريين الذين حرصوا علي المشاركة في رسم ملامح مستقبل بلادهم بعد ما دفعوه من تضحيات. صاحب هذا الاستفتاء ظهور تأثير التيارات الإسلامية في الشارع لأول مرة بعد الثورة من خلال استغلال وتزكية الجدل حول المادة الثانية من الدستور علي الرغم من كونها لم تكن مطروحة للاستفتاء من الأساس مما ساهم في ظهور حالة من الاستقطاب الديني التي ألقت بظلالها علي نتيجة الاستفتاء, ولم يتوقف الجدل عند هذا الحد بل استمر بعد صدور الإعلان الدستوري في30 مارس والذي فاجأ به المجلس العسكري الجميع بتضمنه مواد من دستور71 الساقط والتي لم يتم الاستفتاء عليها بالإضافة إلي المواد التسع التي تضمنت المواد189,179,148,139,93,88,77,76,75 حيث اثار ذلك الإعلان جدلا قانونيا ودستوريا حول مواده خاصة تلك التي منحت للمجلس العسكري صلاحيات تشريعية وسياسية.
اقتصاد في أزمة
شهدت الأسابيع التي تلت إسقاط النظام وتنحي مبارك عددا كبيرا من الاحتجاجات العمالية والإضرابات من إضرابات عمال في المصانع, إلي إضرابات المدرسين والأطباء, وإضراب سائقي أتوبيسات النقل العام و غيرهم من العمال في كافة القطاعات بعضها يمكن أن يندرج تحت بند المطالب الاجتماعية العادلة التي استندت علي مطالب الثورة بينما استند البعض الآخر علي مجرد مطالب فئوية تم استغلالها لتشويه صورة تلك الاحتجاجات بشكل عام. عندما نزلت الجماهير إلي الميادين كان المحرك الأساسي لها هو شعار الثورة عيش.. حرية.. كرامة وعدالة اجتماعية من الصعب أن يتم الفصل بين المطالب السياسية والاجتماعية ذات البعد الاقتصادي فكلاهما مرتبط بالآخر وقد فشلت الدولة في التعامل مع تلك الإضرابات التي اشترك معظمها في المطالبة بمطالب اجتماعية عادلة راعت تحسين الخدمات والمنتجات المقدمة للجماهيركإضراب الأطباء وكان الرد علي تلك المطالب هو تجاهلها وإصدار قانون يجرم الاعتصامات والاضرابات مما أشعل الغضب لدي قطاع كبير من الجماهير في الشارع ممن اعتبروا ذلك قيدا علي حرية التعبير التي انتزعوها مع الثورة.
محاكمة القرن
محاكمة القرن كما أطلقت عليها وسائل الإعلام احتلت اهمية كبري حيث نجح ميدان التحرير في الضغط من أجل أن يمثل مبارك وابناؤه و وزير داخليته ومساعدوه خلف القضبان في قفص الاتهام ليواجهوا اتهامات بالفساد والتحريض علي قتل المتظاهرين واستغلال النفوذ والتربح وتضخم الثروات وإهدار المال العام في سابقة هي الأولي من نوعها في العالم العربي حيث يحاكم أول رئيس عربي سابق بإرادة شعبية بعد خلعه من الحكم دون أي تدخل خارجي, وتوالت معها الضغوط الشعبية لمحاكمة رموز الحزب الوطني المنحل وحكومة أحمد نظيف فيما عرف اعلاميا بمحاكمات الفساد علي الرغم من تشكيك الكثيرين في جدوي تلك المحاكمات واعتبار البعض لها كونها محاكمات صورية لامتصاص الغضب الشعبي خاصة بعد توجيه انتقادات شديدة لإدارة تلك المحاكمة والفوضي الغالبة في الجلسات والتي برزت من خلال التعامل مع أحراز القضية وممارسات مدعي الحق المدني الباحثين عن الشهرة, مما دفع بقاضي المحاكمة بمنع إذاعة الجلسات علي الهواءكما طغت شائعات وفاة مبارك التي كانت تنتشر من وقت لآخر علي المشهد.
لم تقتصرمطالب الميدان علي المطالبة بمحاكمة مبارك وعائلته ووزير داخليته بل اتسع نطاقها ليشمل أقوي رجال نظامه و أكثرهم نفوذا مثل صفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي وأحمد نظيف وعددا من وزراء حكومته ليصبح هناك تكوين تشكيل وزاري مصغر لها في سجن طره نجح في الإفلات منه يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق الذي حكم عليه غيابيا بالسجن المشدد30 عاما و35 مليون جنيه غرامة.
جنود مجهولون
برز خلال العام جماعات ضغط جديدة في الشارع كان ابرزها مجموعة لا للمحاكمات العسكرية التي أسسها نشطاء وحقوقيون بعد تحويل الشاب عمرو البحيري لمحاكمة عسكرية حكم عليه فيها ب5 سنوات, واستطاعت تلك المجموعة بالتعاون مع العديد من المنظمات الحقوقية تسليط الضوء علي قضية المحاكمات العسكرية لأكثر من12 الف مدني, والضغط من أجل تقليل أعداد المدنيين المحاكمين عسكريا وإصدار قرارات عفو لآخرين, وقبول الطعن علي أحكام الكثيرين, كما برز الدور الذي لعبته جبهة الدفاع عن متظاهري مصر كأحد الجنود المجهولين في تلك الثورة والتي قدمت الدعم الحقوقي والمعلوماتي للكثيرين من المعتقلين والمتظاهرين المشاركين في أي احتجاجات سلمية مثل التظاهرات والإضرابات والاعتصامات من أجل دعم حقهم في التعبير عن الرأي بشكل سلمي.
الشهداء والمصابون
منذ بداية الثورة سقط عدد كبير من الشهداء والمصابين بعضهم سقط علي يد قوات من الشرطة والبعض الآخر علي يد مجموعة من المأجورين التابعين للحزب الوطني الحاكم في موقعة الجمل ومؤخرا في الاشتباكات الأخيرة سقط بعضهم علي يد قوات من الجيش التي افرطت في استخدام العنف مع المتظاهرين في احداث مجلس الوزراء. سقط أكثر من الف شهيد و أكثر من7000 مصاب بداية من الايام الأولي للثورة مرورا بالاشتباكات مع قوات الداخلية في يونيو الماضي في أحداث مسرح البالون, وفي نوفمبر الماضي في احداث محمد محمود ومؤخرا في أحداث مجلس الوزراء وتحولت صور الشهداء ورد الجناين الذي تفتح علي أرض مصر إلي أيقونات ثابتة في الوعي الجمعي المصري لم تفرق بين أبناء الطبقة المتوسطة وبين الفقراء فالدم المصري سواء إلا أن صور الشباب الذين لم تتعد أعمارهم الثلاثين عاما والذين جاوزوا العشرين ربيعا بقليل جاءت لتدحض اتهاماتهم بالبلطجة والتعدي علي الأمن فمنهم الطالب المتفوق في جامعته ومنهم الطبيب ومنهم المهندس ومنهم أيضا من جاء من ذلك الحي الفقير مؤمنا بقدرته علي تحقيق التغيير الذي طالبت به الجماهير من أجل تحقيق حلمه في حياة كريمة ففقد حياته من أجل حلمه. حتي الان وبعد مرور ما يقرب من العام علي اندلاع شرارة الثورة لم يفصل القضاء بعد في محاكمات قاتلي الشهداء وبعضهم لم يقدم للمحاكمة وقام بعض قاتلي الشهداء من رجال الشرطة المستمرين في أداء عملهم ومناصبهم حتي الآن بممارسة ضغوط علي أهالي الشهداء كي يتنازلوا عن بلاغاتهم من خلال رشوة البعض أو تهديد البعض الآخر. واشتكي عدد كبير من أهالي الشهداء من تزوير الصحيفة الجنائية لأبنائهم كي يتم تشويه صورهم والإدعاء بكونهم بلطجية ماتوا أثناء مهاجمة أقسام الشرطة و لا يستحقون اي دعم.
دائما ماكانت قضية الشهداء والمصابين سببا في تأجيج الاحتقان و الغضب الشعبي ضد المسئولين بالدولة التي بدت لهم متجاهلة لحقوقهم مما دفعهم أحيانا لتسول هذا الحق مما دفع بالمجلس العسكري وحكومة شرف لإنشاء صندوق لرعاية مصابي الثورة وشهدائها إلا أن هذا الصندوق لم يكن يؤدي دوره كما ينبغي وهو ما اتضح بتجدد الشكوي منه ومن مسئوليه من قبل عدد كبير من المصابين وأهالي الشهداء الذين ملوا من التصريحات الحكومية التي تهدف إلي تهدئة غضبهم دون إيجاد حلول جذرية لمشكلتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.