نناشد وسائل الإعلام تحري الدقة منعا لإثارة البلبلة لدي الرأي العام.. عبارة دأب المسئولون في الفترة الاخيرة علي ترديدها في معرض تكذيبهم لأي خبر او بالاحري شائعة, في ظل سيل منهمر من الشائعات لن يتوقف من الان وحتي30 يونيو..الشائعات تنوعت ما بين قطع الانترنت والاتصالات عن سنترال السادس من أكتوبر المغذي لمدينة الإنتاج الإعلامي بغرض تعطيل البث المباشر, واغلاق كوبري اكتوبر لاجراء صيانة مفاجئة ايام28 و29 و30 يونيو, ووقف عمل القطارات خلال ايام التظاهرات لمنع وصول المتظاهرين للقاهرة, بل وصل الامر الي ترويج اخبار عن بلاغات تلقتها إدارة الحماية المدنية بوجود عبوات متفجرة في محيط قصر الاتحادية,وهي كلها شائعات تصب في هدف واحد هو اثارة الخوف والهلع لدي المواطنين, لكن علي جانب اخر كان هناك نوع اخر من الشائعات يهدف الي ضرب بعض الشخصيات السياسية المعارضة, بالاعلان عن قيامها بالاتصال والتفاوض مع قيادات اخوانية للتخلي عن دعوتهم للتظاهر, بينما تشيع قوي المعارضة معلومات عن مخاوف كبيرة تعتري جماعة الاخوان مما سيجري يوم30 يونيو, وأن اروقة الجماعة تشهد حالة طوارئ غير عادية.. الدكتور سمير نعيم-استاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس- يقول ان سيكولوجية الشائعات تمثل فرعا كاملا في علم النفس وهي تستخدم في اوقات الصراع سواء علي مستوي الافراد او الجماعات داخل المجتمع الواحد او علي مستوي الشعوب. وبالحديث عن المشهد المصري, هناك قوتان متصارعتان, هما قوي النظام والقوي الحالمة بالتغيير كما ان لدينا جماعات متعارضة المصالح ومن الطبيعي ان تعتمد علي سلاح الشائعة بهدف الاستحواذ علي الحكم وفي ظل الصراع السياسي بالطبع ليست كل الشائعات تستهدف تشويه الخصوم فهناك شائعات- والكلام مازال للدكتور سمير نعيم تستخدم لجس نبض الشارع وتعمل كبالونات اختبار لمعرفة رد فعل الراي العام ويري الدكتور نعيم ان سلاح الشائعات لم يعد مقصورا علي اجهزة المخابارات والامن كما كان في السابق والتي كان جزءا من عملها اطلاق الشائعات لإرباك العدو فالآن اصبح في كل حزب او جماعة سياسية لجان أو فرق عمل تقوم باختراع الشائعات واطلاقها ضد الخصوم السياسيين الدكتورة سوسن فايد- أستاذ علم النفس السياسي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية- تؤكد ان الحرب النفسية بين التيارات السياسية حاليا تأتي في اطار ارباك الخصم واستعراض القوة مشيرة الي ان الشائعات تنتشر بقوة حين تغيب المعلومات والحقائق والاخبار الصحيحة وتضيف ان اللجوء لاستخدام الشائعات لا يتعلق بمدي قوة او ضعف من يستخدمها, وانما بمبادئه وفلسفته السياسية, فهناك من تحكمه اخلاقيات معينة وهناك من يسير بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة, وتري الدكتورة سوسن ان الاخوان هم الاكثر استعمالا لهذا السلاح وحول استخدام الشائعات كوسيلة لجس نبض الرأي العام تري الدكتورة سوسن فايد ان ذلك يتم عن طريق اخبار يجري تسريبها او تصريحات مسئولين وسياسيين لوسائل اعلام اجنبية مما يدفع الراي العام للاستنتاج والتخمين والتشكك, كما تستخدم الشائعات احيانا لتهيئة المناخ لنوع ما من الخطاب السياسي الخبير الاعلامي ياسر عبد العزيز يصف الاستقطاب السياسي الحاد وهشاشة الاوضاع والغموض الذي يسيطر علي المشهد وتخبط السلطة بانه بيئة خصبة أسهمت في انتشار الشائعات واستخدامها في الاغتيال المعنوي والتشويه المنهجي للرموز والفاعلين السياسيين. ويضيف مصر تعيش الان اكثر الحالات تفاقما في استخدام سلاح الشائعات في اطار ما يعرف بالدعاية السوداء وهي نمط من أنماط التاثير السياسي يزدهر في الديمقراطيات الهشة وعند احتدام الصراع علي السلطة وفي وجود وسائل اعلام تخلط الراي بالخبر وتنشر اخبارا مجهلة المصدر, وايضا وسائط التواصل الاجتماعي وانماط الاعلام التفاعلي فيما يسمي الاعلام الجديد وهي بيئة اكثر خصوبة لهذا النوع من الدعاية. ويؤكد عبد العزيز ان جميع الاطراف الفاعلة في المشهد السياسي المصري تستخدم سلاح الشائعات, لكن هناك من يستخدمه عن عمد, والبعض الاخر بحسن نية, لكن المسئولية الاكبر تقع من وجهة نظره علي عاتق السلطة التي كرست حالة الاستقطاب الحاد, وروجت الاتهامات الجزافية والشائعات. وحول ما اذا كانت تلك الحملات منظمة وممنهجة, يري الدكتور ياسر عبد العزيز انه من خلال تحليل محتوي التفاعل في المجال العام يمكن ادراك قيام قوي سياسية فاعلة بانشاء اليات للتاثير المنظم عبر إيجاد الشائعات وترويجها وشن حملات الاغتيال المعنوي وتشويه السمعة التي استهدفت شخصيات سياسية بارزة ومؤثرة, وايضا الحملة التي استهدفت شيطنة وسائل الاعلام والاعلاميين وتحميلهم وحدهم المسئولية عن التدهور الحاصل في البلاد.