أستمتع بمتابعة مناقشات رسائل الماجستير والدكتوراه المتميزة في العلوم الإنسانية.. وفي مساء الإثنين الفائت كنت ضمن حضور مناقشة رسالة ماجستير إعلام القاهرة عن معالجة التليفزيون الوطني لملف مياه النيل, وهو موضوع كما ترون يدخل في لحم وعظم الاهتمام العام اللحظة الراهنة, لا بل وزاد من اهتمامي بتلك الرسالة أنها كانت للباحث جوزيف أنطون متري المعيد بقسم الإذاعة والتليفزيون والذي كان ألمع نجوم الشباب الساطعة في برنامجي التليفزيوني( حالة حوار) وكان كذلك أول دفعته الحاصل علي تقدير ممتاز وهو أمر يحدث نادرا في تلك الكلية.. جوزيف حصل في الماجستير يوم الإثنين علي تقدير ممتاز أيضا وتوصية بالطبع والتبادل مع جامعات العالم, ولكن أهم من ذلك أنه قدم لنا رسالة علمية اصبحت في ذاتها نقطة إشارية دالة علي خيبة النظام الإداري والسياسي للدولة وتخبط تعامله مع الملفات الاستراتيجية الأساسية التي لا تحتمل بطبيعتها أخطاء أو توعكات, إذ جاءت مناقشة هذه الرسالة العلمية وسط تأثيرات مازالت تتداعي للهرتلة وقلة القيمة السياسية والإعلامية التي رافقت التعامل مع أزمة سد النهضة.. كانت هيئة مناقشة تلك الرسالة برئاسة الدكتور سيد جابر عميد معهد الدراسات الإفريقية وعضوية الدكتور عادل عبدالغفار الأستاذ بقسم الإذاعة بكلية الإعلام وإشراف د. نبيل طلب وكيل جامعة الأهرام الكندية والدكتور خالد صلاح الدين الأستاذ بقسم الإذاعة والتليفزيون في كلية الإعلام.. ولو استمع أي من مسئولي هذا البلد السعيد إلي ما قيل في المناقشة لتعلموا كيفية التعرض المسئول لمثل ذلك الملف, والمدهش أنني لم أر واحدا من أعضاء تلك اللجنة يتكلم علي شاشات التليفزيون المصري عن تعامل الإعلام مع تلك الموضوعات و إنما كانت التليفزيونات مفتوحة علي البحري لشذاذ الآفاق وممارسي الجهل الرشيق.. إنشاء قناة تليفزيونية موجهة لحوض النيل وإعادة النظر في الإذاعات المصرية الموجهة وتكثيف التعامل إخباريا وبرامجيا مع الموضوع لتدعيم وعي المصريين به, ونتائج تحليل المضمون( كميا وكيفيا) لمادة القناة الأولي والفضائية والنيل للأخبار, ونايل تي في قبل أحداث يناير وبعدها وصولا إلي أزمة سد النهضة.. هذا هو النقاش الجدير بمصر حين تبحث ملفاتها الكبري بدلا من مهرجان المسخرة الذي عشنا فصوله مؤخرا. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع