الدكتور مغاوري شحاتة خبير المياه ورئيس جامعة المنوفية الأسبق في حوار مع الأهرام تحدث عن الأزمة الطاحنة والكارثة المدوية التي تتعرض لها مصر وشقيقتها السودان جراء بناء سد النهضة الاثيوبي. ان السودان معرضة للابادة في حالة انهيار السد جزئيا أو كليا, وأضاف أن بناء سد النهضة يعد حربا علي مصر, واسرائيل هي المحرضة علي بنائه, وقال إن اثيوبيا موقفها عدائي تجاه جيرانها من الدول وتسعي إلي مصلحتها علي حساب دول حوض النيل, واشار الي ان ملف بناء السد شائك تاريخيا منذ فترة حكم الامبراطور منليك حاكم اثيوبيا, وكما ان محمد علي كان يطور المنابع لمواجهة الخطر الاثيوبي الدائم بتعطيش مصر من خلال هذا السد. بعد شروع اثيوبيا في البناء هل تري أن القيادة السياسية تعاملت مع الملف علي قدر من المسؤلية ؟ الحكومات المنعقدة لا تستطيع ان تأخذ موقفا حازما تجاه هذه القضية إلا في ضوء معطيات من الجانب الاثيوبي علي وجه التحديد, واثيوبيا تعيق أي محاولة للتفاهم, وبالتالي اذا كان هناك من يلقي المسئولية علي الانظمة السابقة فنحن لا نرغب ان نلقي المسئولية علي النظام الحالي او السابق, لان موقف اثيوبيا التاريخي هو رفض التعاون دائما مع مصر فيما يتعلق بمياه نهر النيل, فالمسألة اذن لا تتعلق بما ينجح او يفشل, ولكن هناك موقفا ثابتا يجب ان تتمسك في اتجاه التعاون الايجابي مع مصر. الحوار الوطني علي الهواء مباشرة وضعنا أمام العالم في أزمة كبري؟ كيف الخروج من هذه الأزمة؟ ربما سمي بالحوار الوطني الذي اذيع واتضحت فيه الاراء غير المنطقية بكل المقاييس, فالمؤكد انه كان بحضور رئيس الجمهورية, ولكن عندما نري الحوار الوطني الدائر الآن في اثيوبيا هو اكثر عنف ضد الشعب المصري, فالصحافة الاثيوبية والرأي العام الاثيوبي بمحاولة تصوير سد النهضة وتحويل مجري النهر في منطقة النيل الازرق علي انه انتصار ربما يتفوق علي هزيمة مصر في عام1967, كل هذه الاقوال السائدة لدي الرأي العام هنا وهناك هي اقوال مرسلة ولايبني عليها اي رأي, ولابد من الاحتكام الي الجهات التي بيديها الامر مثل الجمعية العامة, مجلس الامن الدولي, محكمة العدل الدولية, والاتحاد الافريقي, ولكن ما يقال لغو هنا وهناك لابد من صرف النظر عنه, والحقيقة ان مولد سيدي سد النهضة اصبح غير منطقي ويبدو الحديث عنه لغير المتخصصين في المجال السياسي, والحلول المقترحة توضح ضحالة الثقافة والفكر حول الحلول المنطقية لاي ازمة, وايضا التصريحات الدبلوماسية الشعبية وغيرها في محاولتها لتصوير الامر علي انها التي جعلت اثيوبيا توافق علي ان يكون هناك تأجيل وهي التي اقترحت تشكيل اللجنة الثلاثية الان, وقامت بدورها, ولذلك فعليها ان تتابع تقريراللجنه وما جاء فيه من سلبيات وان تقنع اثيوبيا بأن تجلس الي مائدة الحوار اذا كان ذلك ممكنا واذا كان سعيها صحيحا, ولكن انا تقديري ان الدولة الرسمية لابد ان تعلن بوضوح عن سياستها تجاه ما جاء بتقرير اللجنة الثلاثية. هناك أقاويل بأنه في حالة حدوث انهيار سد النهضة فهذا كفيل بإبادة دولة السودان ثم مصر... ما تعليقكم علي هذا ؟ هذا حقيقي لانه عندما يكون انهيار سواء جزئيا أو كليا المؤكد ان الكارثة ستكون كبري سواء لمصر والسودان وايضا اثيوبيا, لانه في حالة انهيار السد كليا او جزئيا كما حدث في بعض السدود الاثيوبية فتجربة اثيوبيا مع السدود والانهيارات امر طبيعي مثل ما حدث في تكازي علي نهرعطبرة انهار عام2009, وبالتالي لم يؤد عمله ولكنه كان سدا صغيرا بالنسبه لسد النهضة, ولكن انهيار سد النهضة سيقضي علي الاخضر واليابس في السودان في مجري النيل الازرق علي وجه التحديد, والتأثير علي مصر سيكون طبقا لحجم المخزون امام السد وتدفقه في اتجاه مصر عبر السودان ثم مصر, وسنكون امام واقع مخيف علي السد العالي ما لم يكن هناك امكانية في حالة الفيضان الكبير وحجم المياه كثيرة فالمؤكد انها تتعدي قدرة السد العالي علي التخرين وعنده يمكن استخدام قناة مفيض توشكي أو ما يسمي قناة التحويل التي تقع عند87 مترا من السد العالي, فعند مياه78 هناك مفيض توشكي, عند مياه87 قناة التحويل, ولكن ربما يكون التأثير علي التربينات التي في البوابات الست الموجودة في جسم السد العالي ويمكن تدميرها وايقاف عمل السد العالي في توليد الكهرباء. تردد مؤخرا أن اثيوبيا أقنعت السودان بالتوقيع علي الاتفاقية الاطارية... فهل سيؤثر هذا علي موقف مصر من حصتها من المياه ؟ نعم سيؤثر علي موقف مصر بشكل عام وسيضعف موقفها السياسي والتفاوضي, لان مصر والسودان يمثلوا وحدة واحدة من ناحية التكامل والتعاون الاقتصادي فهي وحدة استراتيجية وعمق لمصر, واذا خرج هذا العمق من المعادلة فالمؤكد انه سيكون ثأثير سلبي, والسودان الجنوبي يعلن عن انه سيوقع ويلمح السودان انها ستوقع أيضا, وربما تكون السودان مستفيدة من سد النهضة بشكل عام. اذن ما هو وجه الاستفادة؟ وجه الاستفادة سيحصلون علي الكهرباء التي تعوض نقص مصادر الطاقة, ووقاية السودان من الفيضانات الغزيرة التي تجتاح السودان في موسم الفيضان والقادمة من النيل الازرق تحديدا, اذن السدود ستعمل بكفاءة اكبر لان سيكون هناك حجز لرواسب امام سد النهضة, وبالتالي سيؤدي الي زيادة كفاءة السدود السودانية علي نهر النيل الازرق, وستكون السودان متمتعه بالتدفق المنتظم للمياه علي مدار العام بدلا من وجود المياة في حالة الفيضان. شجعت الخطوة الاثيوبية دولتي الكونغو واوغندا علي إقامة سدود هي الاخري, فما السبيل لتعامل مصر مع مثل هذة الخطوات, وهل هي خطوات عدائية ضد مصر أم خطوات سيادية لهذه الدول لتوليد الطاقة ؟ ربما كانت تنزانيا واوغندا, ولكن الكونغو حتي الآن انا لا اري انها اعلنت ذلك, وحتي لو اقامت سدود سيكون في اتجاه نهر الكونغو وهو ليس له علاقة بحوض نهر النيل علي الاطلاق, ولكن المؤكد ان سدود اوغندا وتنزانيا ربما تؤثر ثأثير ضعيف لان حجم ما يأتي الينا من اوغندا من خلال نيل فيكتوريا, وعبر بحر الجبل, النيل الابيض, وهم لا يعتبرون ان بناءهم للسدود خطوات عدائية ضد مصر خاصه اوغندا وتنزانيا ودول النيل الابيض, ولكن هم يزعمون انهم يسعون الي التنمية, فإذا كانت مصر في موقع متقدم وموقع حضاري وثقافي وتنموي افضل منهم, فهم يعتقدون انه نتيجة المياه التي تأتي من اراضيهم, ومن ثم فهم يقولون لابد ان نستخدم هذه المياة في تنمية انفسنا. لكم تصريح بأن ارضي اثيوبيا غير صالحة لبناء السد... ولكنها بدأت في البناء فما تفسيركم؟ نعم فهي منطقة حرجه ومعرضه للزلازل وتركيبها الجيولوجي غير مستقر, وكتلة السد وقوة اندفاع المياة المحملة بالرواسب الضخمة والحبيبات الكبيرة التي تصطدم بجسم السد والتي تتسرب تحت جسم السد فتعرض السد للانهيار بدرجة كبيرة جدا. هل تعامل وزراء الري الذين تعاقبوا في الحكومات المتوالية مع ملف اثيوبيا كما ينبغي؟ العاملين في وزارة الري يمتازوا بكفاءة كبيرة جدا خاصة في مجالات الري, ومحسوب لهم انهم يحسنون التحكم في مياه نهر النيل, عبر القناطر والسدود والترع والرياحات, فنظام الري جيد ولكنه يحتاج الي اعادة نظر, وهم بارعون ولكن يحتاجون ان تتوافر لهم الميزانيات التي تعينهم علي ذلك, فانا اتحدث ليس فقط علي المياه, ولكني اتحدث عن حوض النيل ومستقبله, والرؤية المستقبلية لما يمكن ان ينشئ عليه المشروعات من خلال بيانات عن الجيولوجيا والمناخ والتدفق والزلازل وغير ذلك فهي دراسات متكاملة, ربما لم يكن ذلك محل اهتمام, وربما كانت الامور تسير سيرا سهلا ويسيرا, ولكن لاتوجد هذه الدراسات, والنماذج التماثلية اذا ارادو انشاؤها فبيانتها قليله وغير واضحه, فوزراء الري تعاملوا مع المياة بطريقة علمية, ولكن اهملوا ملف حوض النيل. لماذا أقدمت اثيوبيا علي انشاء السد بعد الثورة ؟ واضح ان هناك استغلالا في التعامل مع القضية من جانب اثيوبيا واستغلت اثيوبيا بأن الشعب المصري منكفئ علي الداخل وان الحكومة ومؤسسة الرئاسة وراءها الكثير من الامور المعقدة بخصوص التنمية والاستقرار والامن والاقتصاد وغيرها, ومازالت اثيوبيا تستغل عدم وجود الاستقرار في مصر, واذا لم يفق الشعب المصري سيكون الخطر كبيرا يتردد ان هناك ايدي خفية اسرائيل وراء سد النهضة وهي الممول الاساسي لهذا المشروع, و ما هو وجه الاستفادة لاسرائيل من تمويل هذا المشروع... هل هو استثمار ام هي حرب ضد مصر بطريقة غير مباشرة؟ هي حرب ضد مصر بطريقة غير مباشرة, اسرائيل كانت تحاول تبني مشروعا عن سياسة مصر المائية, وحاولت اسرائيل مرات كثيرة في كتاباتها وفي مخطط اسرائيل المائي ان يكون هناك امداد في صحراءالنقب بمياه نهر النيل ومحاولة مطروحة, ولكنها كانت تصطدم دائما بطبيعة حوض نهر النيل وان المياه لاتخرج من حوض نهر النيل الي خارج منطقة الحوض, وبالتالي خروج المياه خارج الحوض مبدأ دولي مرفوض, وربما الذي يثير القلق هو جاء في المبادرة انه يمكن نقل المياه خارج الحوض للدول المماسة, وفسر البعض ان ما يحدث بسبب اسرائيل التي تتنافس مع مصر في الحدود ولكن المسألة مرت بصعوبة, ومشروع ترعة السلام هو لهذا الغرض, ولكن مشروع ترعة السلام تعطل لاسباب فنية كثيرة, ولعدم وجود مياه في مصر, وبالتالي مصلحة اسرائيل الان ليس ان تحصل علي مليارات هنا وهناك لتنمية صحراء النقب, ولكن هدفها اكبر وهو وجودها في منطقة الهضبة الاستوائية ومنطقة المنابع, اسرائيل الان لها مزايا استراتيجية في منطقة الهضبة الحبشية, وغيرها في المنطقة الاستوائية,لانها ستدير كما يذكر الشركة التي ستنفذ اعمال الكهرباء وتوزيعها وانتاجها في منطقة سد النهضة, واسرائيل محرضة ومستفيدة من بناء السد, ولكن التمويل يأتي من جهات كثيرة ومتعددة أثيوبيا نفذت عدة مشروعات من بينها سد علي بحيرة تانا... فلماذا بناء سد النهضة تسبب في كل هذا التوتر في مصر ؟ اثيوبيا نفذت13 سدا, ولم تعترض عليه مصر لعدم وجود تأثير سلبي. الحل من وجهة نظركم للخروج من أزمة سد النهضة؟ الحل من وجهة نظري هو حل علمي دون اللجوء الي اعمال حربية, وأن تقف اثيوبيا جميع اعمال السد لمدة عام, وفي خلال هذا العام يتم موافقة خبراء بكل ما طلبه حتي يمكن الحكم بدقة علي المضار التي يمكن ان تتعرض لها السودان ومصر, خاصة معامل الامان, نظام التشغيل والادارة, مراجعة تصميمات السد, جداول زمنية لتدفقات المياة لمدة60 عاما وهي العمر الافتراضي للسد. ضمانات وتأكيدات بأن يتم ازالة كافة مسببات الضرر, والقبول بما توصي به اللجنة في ضوء بيانات شفافة وواضحة يتم توقيع اتفاق بين اثيوبيا, والسودان الجنوبي, والسودان, ومصر, تقوم برعايته اطراف دولية, وجهات مانحة يضمن عدم وجود ضرر, وعدم نقص حصة مصر من المياه ضمانات تعاون بين السودان الجنوبي, والسودان, ومصر, في تنفيذ مشروعات علي نهر النيل, وتوثيق اتفاق بهذا الشأن في ضوء هذه الاتفاقيات الدولية, والتعامل علي ازالة كافة الضرر, وقبول كافة المقترحات المؤدية لذلك وتنفيذها يمكن النظر في ان تقوم مصر في التوقيع علي( تي بي), ونؤكد ان يكون ذلك بعد الاتفاقات السابق الاشارة اليها, وضمانات عدم وجود خطر علي امن مصر المائي.