في مصدر الصبا الباكر, وقبل نحو سبعين سنة, كانت الحواديت أسلوب الوالدة يرحمها الله في تربيتي مع أخواتي, قبل ذلك التاريخ لم تكن حكايات هاري بوتر قد رأت النور بعد.. كان أبطال حواديت الوالدة هم: الشاطر حسن وست الحسن والجمال.. ضد أمنا الغولة رمز الشر القديم والأسنان الحادة والشعر المنكوش والعيون الحمراء التي تطق شرار نار. ومن القصص القديم الجميل جدا كانت حدوتة كنز الذهب.. قالت الوالدة: قبل أن يموت عم محمد الفلاح نادي زوجته وأولاده قائلا لهم: سوف أبوح لكم بآخر سر في حياتي.. لقد خبأت لكم في بطن أرض الغيط كنزا من الذهب.. ومضت الأيام ومات. وشمرت الأم عن ذراعيها وكذلك الأبناء وانطلقوا إلي الغيط.. يقلبون أرضه بالحفر العميق من أقصاه إلي أقصاه.. ولم يجدوا كنزا ولاذهبا.. فبذروا الحب.. وانتظروا الخير من الرب وهم يجففون حبيبات لؤلؤ عرق الجبين والسواعد, ونتيجة للجهد الهائل كانت نتيجة الزرع باهرة وانتجت الأرض أضعاف الإنتاج السنوي السابق.. وكذلك كان عائد البيع في السوق كافيا لزواج الصغير وشوار الصغيرة.. ومد السفرة العامرة بالأطايب للمهنئين والمزغردين. وبالصدفة البحتة.. صادف أحدهم صخرة في الغيط.. قلعها.. ليجد أسفلها كنز الذهب في جرة.. حملها فرحا جاريا إلي الأم التي احتارت في البحث عن الوسيلة للاستفادة بذهب الكنز. واقترح عليها أحدهم أن تشارك بها التاجر الشاطر الشهير في السوق الكبيرة.. حملت الجرة إليه.. ورغبتها في مشاركته في تجارته بذهبها.. لم يستغرق الكثير من الوقت في التفكير لضم الذهب إلي تجارته.. وقال لها: مري علي أول كل شهر لجني الأرباح. وفي أول الشهر التالي أعطاها دينارا كاملا من الذهب.. أخذته فرحة به.. وحولته إلي دنانير فضة وزعتها علي الأبناء.. الذين عرفوا نوم الضحي وجلسة المصطبة وطيب العيش الطري,, حتي جاء الشهر التالي وأعطاها التاجر الدينار الذهبي الثاني.. وفرحت بالدينار لكنها سألته: كيف ياحاج.. أجابها: ولدته دنانيرك!!. واستمر الحال حتي كان اليوم الموعود.. وذهبت إليه لتقبض الدينار الذهب.. لتفاجأ به متجهم الوجه قائلا لها مستنكرا: نعم؟.. ردت: الدينار ياحاج؟.. أجابها: دنانيرك ماتت!!.. ردت: ماتت؟ هو الذهب بيموت؟ أجابها: وهل الذهب يلد؟ كان الدرس قاسيا علي قلب الأم والأبناء.. بعدما اعتادوا الرحرحة.. ونسوا سبب العد الحقيقي بعدما استبدلوا حبيبات لؤلؤ الجبين والسواعد.. بوهم ميلاد الذهب المستحيل.. وهم جلوس علي المصطبة.. كما ظن البعض وهم جلوس وراء شاشات ملونة براقة لشياطين الانترنت من جماعات التجار الشطار الكبار.. البائعين للغني إلي العاطلين في فراغ الهيولي. د. حمزة إبراهيم عامر