جهاد كانت الكلمة التي أثارت انتباه المحققين الأمريكيين خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بين أحد الشابين الشيشانيين المتهمين في حادث بوسطن وبين والدتهما زبيدة تسارنيف، حيث قالت الأم تلك الكلمة لابنها خلال المكالمة, بالاضافة الي مكالمة أخري للأم مع أحد الأشخاص في روسيا والذي تضعه المباحث الفيدرالية الأمريكية تحت المراقبة في قضية ليست لها صلة بحادث بوسطن الارهابي. كانت السلطات الروسية قد قامت بتسليم المباحث الفيدرالية الأمريكية تسجيلا للمكالمتين خلال الأيام الماضية رغم أن السلطات الروسية كانت قد سجلت تلك المكالمة في عام2011 فإن مصادر من المباحث الفيدرالية لم تعط تفسيرا لعدم تسليم السلطات الروسية نص المكالمات للأمريكيين منذ ذلك الوقت, وقامت وكالة أنباء الأسوشيتيد برس بنشر المكالمتين يوم السبت27 أبريل الماضي وجاء خلال المكالمة الأولي للأم مع أحد ابنيها تلك الكلمة جهاد والتي يعرفها المحققون بأنها تعني الحرب المقدسة وهو ما أثار انتباه المحققين وأعادوا فتح ملف الشابين الشيشانيين ومراجعة تحذير الحكومة الروسية لنظيرتها الأمريكية في عام2011 من الشاب تامرلان تسارنيف أحد الأخوين المتهمين في الحادث, الذي يعيش في الولاياتالمتحدة, حيث إتهمته بأنه يتبني فكرا متطرفا وأنه أيضا علي صلة ببعض الجماعات المحظورة في روسيا, وقامت وقتها المباحث الفيدرالية الأمريكية باستجواب تسارنيف ووالدته ولكنها لم تتوصل الي وجود أي أدلة علي تورطه في أي نوع من الجرائم. حتي بعد ورود معلومات في يناير2012 عن سفر تسارنيف إلي إقليم داغستان جنوبروسيا وبقائه هناك لمدة ستة أشهر قبل عودته إلي بوسطن رأي المحققون وقتها أنه ليس سببا كافيا لاعادة فتح التحقيق مرة أخري ومعرفة حقيقة ميول تسارنيف أو إن كان يخطط لشيء ما. فقد رأي المحققون والسلطات الأمريكية أنه علي الرغم من تبني بعض الجهاديين في الشيشان لأفكار تنظيم القاعدة فإن المقاتلين الشيشان لم يمثلوا أبدا تهديدا للولايات المتحدة, حيث أن قتالهم كان دائما موجه ضد الروس ومحاولة الحصول علي الاستقلال وأن الغرض من التحذير الروسي ربما لا يتعدي كونه من أجل استقطاب الأمريكيين إلي صف الروس في حربهم ضد الشيشان وهو ما لم يستجب له الأمريكيين في ذلك الوقت. وهو عكس ما صرح به بعض المسئولين الأمريكيون بعد حادث بوسطن وبعد الكشف عن المكالمات الهاتفية حيث صرح مايك روجرز رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب بأن تسارنيف بعد عودته من داغستان عام2012 تحول إلي شخص متطرف, في حين صرح مايكل كول رئيس لجنةالأمن الداخلي في مجلس النواب بأن الأخوين تسارنيف تلقيا بدون شك تدريبا علي ما قاما به مشيرا إلي أن التطور في مستوي العبوتين المستخدمتين في الحادث يؤكد ذلك ولذلك فإن هناك معلومات مازالت خافية علي مكتب التحقيقات الفيدرالي وفي طريقها للكشف حول وجود شخص قام بتدريبهما علي ذلك. في حين لم يشر أحد إلي سبب تأخر الروس في إرسال المكالمتين إلي الأمريكيين وقت تسجيلهما في2011 وإرسالهما فقط منذ أيام حيث صرح روجرز أن جهاز المخابرات الروسي يعتبر جهازا معاديا لجهاز المخابرات الأمريكي مؤكدا أن رسائل الروس للأمريكيين كانت ومازالت غامضة وأنه يجب علي الروس تقديم مزيد من المساعدة وإمداد الطرف الأمريكي بالمعلومات التي لديهم. وتشير الدلالات إلي أن المقاومة الشيشانية كانت تركز في معظم الوقت علي الأهداف الروسية والجيش الروسي ولم تحول مقاومتها قبل ذلك لأهداف أخري وهو ما يشير إلي أن عملية بوسطن قد لايكون لها علاقة بالمقاومة الشيشانية حتي وإن كان منفذوها من أصول شيشانية. وللشيشان نضال تاريخي مع روسيا. فكانت الشيشان جزءا من الاتحاد السوفيتي مثلها مثل بقية الجمهوريات الخمسة عشرة التي إستقلت بعد تفكك الاتحاد السوفيتي عام.1991 ويعود العداء بين الشيشان والروس إلي أوائل القرن الماضي مع بداية الثورة البلشفية عام1917, وعلي الرغم من البداية الطيبة التي بدأت بها العلاقة بين الإثنين والتي أدت إلي انضمام الشيشانيين إلي الجيش الأحمر التابع لروسيا, فإن الوضع تغير تماما عندما بدأ ستالين الزعيم الروسي في سياسة القضاء علي الأديان وقام بهدم المساجد أو تحويلها إلي مكتبات, وهو ما أثار حقد وكراهية الشيشانيين ضد السوفيت وضد ستالين. وخلال الحرب العالمية الثانية قام الطيران الألماني بقصف صناعة النفط في جروزني عاصمة الشيشان, وقام الشيشانيون بمساعدة الألمان في حربهم ضد السوفيت, وبعد سنتين من القتال وفي عام1944 قرر ستالين تهجير الشعب الشيشاني إلي آسيا الوسطي وكازاخستان عقابا لهم علي مساعدة النازيين, وهو القرار الذي ألغي في عام.1957 وبدأت مقاومة مسلحة من جانب تنظيمات مقاومة في الشيشان ضد الجيش الروسي من أجل الاستقلال1991 وكان أبرز رجال المقاومة ضد الروس هو شامل باساييف الذي شارك في الحرب الشيشانية الأولي التي شنتها روسيا علي الشيشان عام1994. ولم يكتف باساييف بمقاومة الجيش الروسي فقط ولكنه قام ببعض العمليات ضد المدنيين ومنها اقتحام نحو50 شيشانيا أحد المسارح في موسكو وإحتجاز850 رهينة داخل المسرح مطالبين بانسحاب القوات الروسية من الشيشان ووقف العمليات العسكرية الدائرة هناك, وهو ما قابلته روسيا بالرفض وإقتحمت المسرح لتخليص الرهائن مما أدي إلي مقتل39 شخصا من منفذي الجريمة ومقتل129 من الرهائن بعد أن استخدمت القوات الرسية غازا ساما, وكذلك العملية الأشهر وهي الهجوم علي مدرسة بيسلان في أوسيتيا الشمالية في روسيا عام2004 واحتجاز نحو1100 رهينة, وفي اليوم الثالث لإحتجاز الرهائن قامت القوات الروسية باقتحام المدرسة وهو ما أدي إلي مقتل320 شخصا بينهم186 طفلا بالإضافة إلي إصابة المئات, وهو ما جعل وسائل الإعلام الأمريكية تصفه بأنه أحد أكثر الإرهابيين المطلوبين في العالم, إلي أن قتل باساييف عام2006 علي أيدي القوات الروسية وهو ما أدي إلي هدوء حدة القتال بين الطرفين.