تنظيم الحملات الانتخابية في عدد من دول العالم كانت لعبة أمريكية بامتياز لعشرات السنين خاصة في الباحة الخلفية للولايات المتحدة: أمريكا اللاتينية. لكن المعادلة تغيرت منذ نحو7 سنوات فقد سحبت البرازيل البساط من تحت أقدام جارتها الشمالية, وتولي المستشارون البرازيليون تنظيم الحملات الانتخابية في دول الجوار اللاتينية وانتقلوا إلي إفريقيا ويواصلون حاليا الزحف علي أوروبا. والمعروف تاريخيا أن مارك حنا السناتور الجمهوري عن ولاية أوهايو يعتبر أول مدير لحملة انتخابية في الولاياتالمتحدة, فقد أدار ونظم حملة الرئيس الأمريكي الأسبق ويليام ماكينلي لفترتين متتاليتين عامي1896 و.1900 ومنذ هذا التاريخ, استمر المستشارون السياسيون الأمريكيون أصحاب الامتياز في صنع الرؤساء بالمقاييس الأمريكية. ولعل أشهر الأمثلة علي الأمريكيين الذين لعبوا دورا في تنظيم الحملات الانتخابية كان ديفيد ساوير الرائد في هذا المجال والذي عمل مع المرشح الفنزويلي المهزوم لورينزو فيرنانديز خلال السبعينيات, وكذلك نظم جميس كارفيل مستشار الرئيس الأمريكي بيل كلينتون والمذيع الشهير في شبكة سي أن أن حملة فيرناندو هنريك كاردوسو الناجحة حيث فاز برئاسة البرازيل عام1994, وتيد ديفين الخبير الاستراتيجي في حملة ال جور ساعد في فوز مانويل زيلايا برئاسة هندرواس في.2005 لكن في تطور يعكس تراجع نفوذ أقوي دولة في نصف الكرة الغربي وصعود نفوذ دولة أخري فإن المستشارين السياسيين البرازيليين بدأوا التنافس بسهولة مع نظرائهم الأمريكيين وبدأوا في تنظيم الحملات الانتخابية عبر دول أمريكا اللاتينية بل وأبعد من ذلك. ولا يوجد مثال لهذه النقلة النوعية للرياح السياسية التي تهب علي المنطقة أبرز من جواو سانتانا. وخلال العام الماضي, قام سانتانا 60 عاما كاتب الأغاني السابق لفرقة روك محلية. سانتانا الذي تحول من كتابة الأغاني إلي الصحافة ثم أخيرا العمل السياسي, يعتبر الانتخابات معركة دامية. واستطاع تحقيق مكاسب تاريخية خلال عمله حيث أدار ثلاث حملات انتخابية وفاز بها وهي لدنيلو ميدينا في جمهورية الدومينكان وهوجو تشافيز في فنزويلا وجوزيه ادواردو دوس سانتوس في انجولا. ومثل كل الخبراء الاستراتيجيين الذين جاءوا من قبلهم, يعرف سانتانا وكل المستشارين السياسيين البرازيليين أيضا كيف يثيرون الجدل. وبينما كان يجول عبر الأطلنطي لتنظيم الحملات الانتخابية في أمريكا اللاتينية وإفريقيا كان سانتانا يدعم دوره كأكثر المستشارين السياسيين نفوذا في حزب العمال البرازيلي الحاكم.' الوخز بالإبر' نظرية يتبعها هؤلاء المدراء للحملات الانتخابية لإظهار مكامن الضعف في الخصوم. هذه المهارات السياسية ظهرت جلية خلال السباق الانتخابي بين الرئيس الفنزويلي السابق تشافيز الذي توفي منذ أسابيع قليلة متأثرا بمرض السرطان وبين منافسه هنريك كابريلس حيث لجأ الاثنان إلي مستشارين من البرازيل. بعض المعارضين لتشافيز رأوا أن السباق الانتخابي غير عادل حيث كانت أجهزة الدعاية المملوكة للدولة تحت تصرف الرئيس.' الوصفة البرازيلية' لا تبالي ولا تضع في اعتبارها مواصفات المرشح بل المهم في النهاية تحقيق حلم الفوز. سانتانا رد في حوار نادر علي الانتقادات التي توجه إليه حول عمله مع تشافيز قائلا إن صدي الحملة بين الناخبين الفنزويليين تتحدث عن نفسها'. وخلال حملة نيكولاس مادورو خليفة تشافيز أكد سانتانا أنه ساعد بشكل غير مباشر في الحملة وبدون تشكيل فريق لإدارة الحملة في العاصمة كاراكاس. ومن بين ما قام به خلال الحملة الانتخابية لمادورو تسجيل موسيقي لأغنية بعنوان' سوف يولد من جديد', في إشارة لتشافيز. سانتانا وصف السياسات بأنها نشاط يتضمن المسرح والموسيقي وحتي الشعائر الدينية, ويشبه نفسه بطبيب نفسي يساعد الناس في حب السياسة دون ندم. في2005 كانت اللحظة الحاسمة لسانتانا عندما اختاره الرئيس لولا دي سيلفا لقيادة حملة إعادة انتخابه حيث كانت لحظة فارقة أيضا لدي سيلفا الذي كان يعاني من تدهور شعبيته إلي أقل من30% بسبب فضائح فساد. سانتانا عمل تقليص هذه النسبة من خلال إظهار دا سيلفا كرئيس محاصر من النخبة في البرازيل والإدعاء بأن منافسي الرئيس سوف يعيدون إحياء برنامج خصخصة الشركات المملوكة للدولة. وبدفعة من تحسن الاقتصاد نجح دي سيلفا باكتساح. وعلي خطي تشافيز, استعان اولانتا هومالا الرمز العسكري في بيرو بمستشارين برازيليين وبفضلهم فاز بالانتخابات الرئاسية في2011 بعد أن كان قد خسرها في.2006 فاز بعد أن أعاد تقديم نفسه بأنه رجل أعمال معتدل وبتأكيده أن الرئيس دي سيلفا مصدر إلهامه. ومازال صعود المستشارين السياسيين البرازيليين يحمل عوامل أبعد من اتجاه نموذج الحكم في البرازيل والذي تعرض للانتقاد مع محاولات الرئيسة ديلما روسيف إصلاح الاقتصاد المتدهور. وبالمناسبة فان سانتانا تولي إدارة الحملة الانتخابية لروسيف وصنع من الوزيرة السابقة محاورة لبقة علي شاشات التليفزيون.