رئيس جامعة المنوفية والمحامي العام يناقشان آفاق التعاون المجتمعي    عاجل- مدبولي يتفقد وحدة طب الأسرة بالودي: السعي لإحداث نقلة نوعية في الصحة والتعليم ضمن "حياة كريمة"    عاجل.. ننشر قرار المحكمة بشأن المنحة الاستثنائية لأصحاب المعاشات    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف عدة مناطق في قطاع غزة    "إكسترا نيوز": تحرك شاحنات القافلة ال 100 تمهيدا لدخولها من مصر إلى غزة    الخارجية الروسية: سيتم عقد جولة جديدة من المحادثات مع الولايات المتحدة قريبا    تورم قدم مصطفى محمد يهدد مشاركته أمام جنوب أفريقيا في أمم أفريقيا 2025    عصابات الكتعة.. القبض على 13 متهمًا باستغلال الأطفال بالتسول بالقاهرة    للكشف على قواه العقلية.. محكمة الجنايات تُودِع قاتل شقيق زوجته بمستشفى المعمورة للطب النفسي    ضبط بؤر لتجارة المخدرات بعدة محافظات.. ومصرع 5 عناصر إجرامية بأسوان    بحضور عدد كبير من الشخصيات الفنية والثقافية.......تفاصيل احتفالية "علي أحمد باكثير.. 115 عامًا من التأثير"    فاضل 57 يومًا.. أول أيام شهر رمضان 1447 هجريًا يُحدد فلكيًا    أمريكا ترفع مكافأة الترحيل الذاتي للمهاجرين إلى 3 آلاف دولار    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    بسبب هاتف محمول.. تجديد حبس المتهم بإضرام النيران بسيارة موظف في حدائق القبة    الأرصاد تحذر من انخفاض الحرارة.. وهذه المنطقة الأكثر برودة فى مصر    إحالة مديري مدرسة التربية السمعية الحالية والسابق للمحاكمة لإهمالهما في واقعة اعتداء جنسي على تلميذة من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المدرسة    شاهندا المغربي حكماً للمقاولون والطلائع في كأس عاصمة مصر    روسيا تبارك انتخاب خالد العناني لرئاسة اليونيسكو: فرصة لإعادة الحياد إلى المنظمة    أبطال وصناع "ميد تيرم" ضيوف معكم منى الشاذلي الخميس    وكيل التعليم بأسيوط يتفقد مدارس الغنايم ويشيد بتفعيل البرامج العلاجية والقرائية    لو لقيت فلوس في الشارع تعمل إيه؟.. أمين الفتوى يُجيب    الرعاية الصحية: إدخال أحدث تقنيات الفاكو لعلاج المياه البيضاء ودعم السياحة العلاجية بجنوب سيناء    الصور الأولى لتركيب مركب خوفو بمقرها الجديد في المتحف المصري الكبير    وزير الثقافة يلتقي الفنان خالد الصاوي لبحث إنشاء المركز الدولي للتدريب على فنون المسرح    وزير الأوقاف: «دولة التلاوة» أعاد للقرآن حضوره الجماهيري    هندسة بنها بشبرا تحصل على جائزة الإبداع والتميّز في معرض النقل الذكي والتنقل الكهربائي    محمد صلاح يعادل الصقر ويتخطى أبو جريشة فى قائمة هدافى أمم أفريقيا    مرموش: نحتاج لمثل هذه العقلية في البطولات المجمعة    رئيس الوزراء يجرى حوارا مع المواطنين بمركز طب الأسرة فى قرية الفهميين    الاحتلال الإسرائيلي يواصل خرق اتفاق وقف إطلاق النار بأنحاء متفرقة من غزة    بالفيديو.. رئيس مصلحة الضرائب يوضح خطوات التعامل مع الممولين عبر التسهيلات الضريبية    البابا تواضروس يستقبل الأنبا باخوميوس بالمقر البابوي بوادي النطرون    بعد قليل.. رئيس الوزراء يتفقد عدداً من مشروعات حياة كريمة بالجيزة    وزير الكهرباء يلتقي مع رئيس "نورينكو" لبحث التعاون المشترك في مجالات الاستكشاف والتعدين    كامل الوزير: فائض إنتاج عمان من البولي بروبلين والنحاس قد يلبي احتياجات السوق المصري    ارتفاع حصيلة اشتباكات حلب إلى 4 قتلى و9 جرحى    بالفيديو.. الحمصاني: منظومة التأمين الصحي الشامل وحياة كريمة تمسان الخدمات الأساسية للمواطنين    وزارة التعليم: أحقية المعلمين المحالين للمعاش وباقون في الخدمة بحافز التدريس    وائل القباني: هجوم منتخب مصر الأقوى.. والتكتيك سيتغير أمام جنوب إفريقيا    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    بعد وفاة الطفل يوسف| النيابة تحيل رئيس وأعضاء اتحاد السباحة للمحاكمة الجنائية العاجلة    4 وزراء ومحافظين يشهدون احتفالية انضمام 3 مدن مصرية جديدة لشبكة اليونسكو    قرار جمهوري بتشكيل مجلس إدارة البنك المركزي برئاسة حسن عبد الله    وزير الصحة يشهد توقيع مذكرة تفاهم مع «فياترس» لتطوير مجالات الرعاية الصحية بملف الصحة النفسية    وفاة والد الفنان أحمد عبد الحميد وتشييع جثمانه بعد صلاة العصر    بدء الصمت الانتخابي في إعادة انتخابات النواب بالدوائر ال19 الملغاة    خطوات التصالح في سرقة الكهرباء    نظر محاكمة 89 متهما بخلية هيكل الإخوان.. اليوم    المخرجة إنعام محمد علي تكشف كواليس زواج أم كلثوم والجدل حول تدخينها    الجيش الأمريكي: مقتل شخص في ضربة جديدة لقارب تهريب مخدرات    "بسبب غاز السخان" النيابة تحقق في وفاة عروسين    «المستشفيات التعليمية» تعلن نجاح معهد الرمد والسمع في الحصول على اعتماد «جهار»    أمم إفريقيا - ياسر إبراهيم: أحب اللعب بجانب عبد المجيد.. ونعرف جنوب إفريقيا جيدا    حسام حسن: حدث ما توقعته «صعبنا الأمور على أنفسنا أمام زيمبابوي»    ليفربول يحتفل بأول أهداف محمد صلاح مع منتخب مصر فى كأس أمم أفريقيا    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة لحكام مصر ومعارضيهم

لك الله يا مصر.. علي مدي أكثر من نصف قرن عانيت, بدرجات متفاوتة, من قسوة الحكم وسطوة الحكام, وذاق أبناؤك ألوانا من القهر ومرارة الحياة. قبضوا عليك إرثا وتداولوك إقطاعا
تارة باسم الثورة علي ظلم الحاكم واستبداد الإقطاع وفساد النظام; وتارة باسم الديمقراطية وتحرير الاقتصاد وتحقيق العدل الاجتماعي, ثم تارة ثالثة باسم الاستقرار والتغيير وتفعيل سيادة الشعب ودولة القانون.
وفي الخامس والعشرين من يناير2011, اكتشف المصريون الأكذوبة الكبري, التي ضللتهم والأوهام التي شوهت إرادتهم في مراحل الأنظمة الثلاثة التي سرقت الزمن واغتالت الأمة وتفجرت تراكمات الغضب لدي المصريين ففجروا ما ظنوها ثورة تجسد أحلامهم في التغيير وطموحاتهم في العدالة والحرية والديمقراطية, وتنهي الأكذوبة وتقضي علي الأوهام. وأسقطوا آخر معاقل الدولة العسكرية ومعه سقطت الجمهورية الأولي لتبدأ الثانية في الحادي عشر من فبراير.2011 وتشرذم المصريون وتقاتلوا وتاهت الأهداف العظام, ليكتشف المصريون مرة أخري إعادة للأكذوبة وتفريخا للأوهام, لكن في ثوب جديد.
علي مدي أكثر من عامين, غاص المصريون في مشهد تراجع فيه الأمن وعمت الفوضي وضعفت قبضة الدولة وذهبت هيبتها, وزلزلت سيادتها وشلت مؤسساتها وتعطل الإنتاج وتدنت الخدمات وتهاوي الاقتصاد وعز العيش, وإنطلقنا من إسقاط النظام إلي الاقتراب من إسقاط الدولة, الأمر الذي أحال الحدث كله إلي مجرد انقلاب أزاح نظاما وأتي بصورة مستنسخة منه تلتحف عباءة وظفت الدين توظيفا خاطئا سياسيا وأنحرفت به إلي غير مقاصده.
إن المسئولية عن المشهد المصري اليوم تقع بكاملها علي رؤوس من وصلوا إلي سدة الحكم والنخبة المعارضة سواء بسواء. فالذين جاءوا إلي السلطة قفزا عليها دون ما استعداد لها أو خبرة بها أو دراية بمعطياتها أو إحاطة بأدواتها ووسائلها, أو رشدا في استخداماتها أو إيمانا بمبادئ الحكم الرشيد الذي يرد السلطة للشعب والسيادة للدستور والقانون, ويجعل العدل الاجتماعي والحرية والديمقراطية أسسا مركزية للشرعية, ورضا المحكومين شرطا تأصيليا مسوغا للولاء لها والدفاع عنها واستمرارها. لقد أعادوا تشكيل وصناعة مؤسسات الدولة لأنفسهم وأحاكوا دستورها وقوانينها الحاكمة لخدمة أهدافهم وتحقيق مصالحهم الانقلاب علي الثوابت وإعادة صياغة هوية الدولة وتوجيه مساراتها وتأبيد الحكم أو توريثه لجماعة بعينها.
ومن الغريب حقا تأصيل مشروعية الحكم في مصر علي النتائج التي تأتي بها صناديق الاقتراع, ونحن نعلم جيدا أن هذا النموذج يستلزم شرطا جوهريا مفاده توافر الإرادة الحرة القادرة علي الاختيار والمدركة لأبعاده والمستعصية علي المؤثرات مهما كان نوعها, والتي بدونها تؤسس تلكم الصناديق لصورة مشوهة للشرعية يصيبها عوار الأمية الذي تصل نسبته إلي أكثر من40% من السكان, وعوز الفقر الذي يلتحق به70% من المصريين, وكلها أمراض تصيب الإرادة وتقعدها عن التعبير الحر أو تفقدها الإدراك والتوازن عند المقارنة والتفضيل.. فتلك شماعة لا علاقة لها بتخليق ديمقراطية النظام أو إضفاء شرعية علي الحكم في المجتمعات النامية التي تعاني من تلكم الأمراض الملوثة للإرادة والمفسدة للاختيار, خصوصا بقدر تعلق الأمر باستخدام الدين لتحقيق أهداف سياسية, كما هو شأن الحالة المصرية.
وفيما يتعلق بالنخب المعارضة, فإن مسئوليتها عن حالة التردي لا تقل عن تلك التي تلحق بالنظام الحاكم من حيث تمزقها وتقاتلها وصراعاتها المتمركزة حول المصالح الشخصية في معظمها وإنشغالها بذلك عن استهداف بناء قواعد مؤثرة لها بين الجماهير, فضلا عن فشل كل منهما في صياغة رؤية شاملة ومتكاملة لمصر تعززها أهداف كلية واستراتيجية وسياسات وخطط وبرامج مرحلية تتكامل فيما بينها في تتابع منهجي وزمني بحيث تبدأ كل منها من حيث انتهت سابقتها وتبني عليها. فبعد أكثر من عامين لم يطرح أي من الطرفين رؤياه, واكتفي النظام بالحديث عن شيء هلامي غير معروف وغير محدد, من حيث عناصره وإمكانياته وطرائق تنفيذية والموارد والفترات الزمنية لمراحله, أطلق عليه مشروع النهضة. بالله عليكم أفيدونا عنه أفادكم الله, أم أن هذا سر من أسرار الحكم والجماعة؟ أم أنكم تخشون مواجهة الشعب به والاحتكام إليه بالحوار حوله؟ إذا لم يكن لدي النظام رؤية علمية بمشروع حقيقي قابل للتنفيذ فتلك مصيبة تكفي لنزع الشرعية, وإذا كان المشروع سريا يراد تحصينه وإبعاده عن المشاركة واعتباره شأنا خاصا يحقق رؤية وأهدافا لدي أصحابه, تكون المصيبة أعظم! مرة أخري, أفيدونا, وإلا فإنكم لا تقرأون وإن قرأتم لا تفهمون وإن فهمتهم لا تعقلون وإذا عقلتم لا تعدلون وإن عدلتم فأنتم تميزون. والمحصلة غياب الحكم الرشيد, ومن ثم تآكل الشرعية الذي يؤدي بالضرورة إلي فقدانها.
كما أن النظام مشغول بسفريات رموزه عن التصدي للتحديات التي تواجهها الأمة والدولة المصرية معا, فإن المعارضة منشغلة أيضا بالبيانات عن الوصول إلي القواعد الشعبية, وغابت بين الفريقين مصالح الوطن وتاهت حقوق المواطنين واستهين بسيادة الدستور والقانون ونيل من استقلال وهيبة القضاء وتآكلت مؤسسات الدولة وتدنت هيبتها وبات كيانها مهددا داخليا وخارجيا.. فبأي صوت تتحدث رموز السلطة في سفرياتها ؟ عن مصر التي كانت أم عن الكيان المتردي والاقتصاد الذي أوشك علي الانهيار؟ بأي صوت تتحدث هل بصوت مصر القيمة والقامة التي كانت تذهب الدول والخلائق حيث تذهب؟ أم بصوت متحشرج مجروح مهزوم؟ وهل لهذا الصوت الأخير من آذان تستمع إليه وتتأثر به ؟ أم أنها مقتضيات التغيير ونحن نعلم أننا كمن يؤذن في مالطة؟!
اليوم, فاض الكيل ونريد حلا.. السلطة والمعارضة مطالبون بموقف يتناسب مع اللحظة ويتوافق مع مقتضيات المشهد ويستلهم منه رؤياه وأهدافه وسياساته وخططه وبرامجه.. موقف الإنقاذ علنا نلتقي حول نقاط الخلاف وننهض من جديد ونعيد للمصريين أحلامهم التي توارت وآمالهم التي خبت وثقتهم التي تدنت ووحدتهم التي تمزقت وحقوقهم بعد استهانة واقتصادهم بعد ضعف وتأزم; نسترد للدولة المصرية أمنها الذي تراجع بين غائب أو مهدد, وهيبتها التي شرخت وسيادتها علي أرضها في سيناء, وتسترجع مصر قدراتها علي المبادرة والريادة. تلك مطالب تمثل صرخة أمة يقف لها وأمامها التاريخ إجلالا, وجب علينا أن نعيدها إلي استحقاقها الأكبر بين الأمم. والبديل يستوجب حدثا إنقاذيا بات ضروريا لتجنب كارثة محققة..
لمزيد من مقالات د.عبد الحافظ الكردى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.