مع أن القرارات الوزارية تحظر استيراد الأدوات الجراحية, والأجهزة الطبية المستعملة إلا أن السماسرة لا يكلون ولا يملون من محاولات تهريبها عبر المنافذ المختلفة, مستغلين ضعف الرقابة والانفلات الأمني! وإذا كانت السلطات المصرية تتمكن بين الحين والآخر من احباط عمليات تهريب الأجهزة والأدوات الطبية إلا أن ما خفي من تهريب هذه الأجهزة والتي تشكل خطورة كبيرة علي صحة المرضي كان أعظم! وعمليات التهريب كثيرة ومتعددة, فقبل شهور تمكنت سلطات الأمن بمطار القاهرة الدولي, من احباط عملية لتهريب أجهزة طبية مستعملة قادمة من لندن عبر الإمارات, لمصلحة إحدي شركات الاستيراد والتصدير بالقاهرة, والتي حاولت إدخالها للبلاد بزعم أنها تحتوي علي قطع غيار أجهزة طبية, وقبلها تم ضبط صفقة أخري في ميناء الإسكندرية, حيث قام صاحب إحدي الشركات باستيراد رسالة مستلزمات وأدوات طبية, وأجهزة تعقيم معملي, ومشارط ومقصات جراحية, ومراتب قرحة الفراش, وأجهزة قياس ضغط الدم, وأسرة طبية, وميكروسكوبات غير مطابقة للمواصفات, ومستعملة من انجلترا, وحال إدخالها للبلاد عبر الميناء بعد تزوير أوراق الشحنة لإيهام أجهزة الرقابة بأن المستلزمات الطبية التي قام باستيرادها جديدة علي خلاف الحقيقة. تجارة رائجة وبشكل عام, شهدت تجارة الأجهزة الطبية المستعملة رواجا ملحوظا في أسواق الشرق الأوسط علي مدي السنوات الثلاث الأخيرة, بالرغم من مخاطرها الشديدة علي المرضي, فعلي شبكة الإنترنت راجت تجارة الأدوات والأجهزة الطبية المستعملة, فضلا عن محاولات الالتفاف علي القرارات الوزارية, وتهريبها برغم مخاطرها وهو ما دعا شعبة تجار وموردي المستلزمات الطبية بالغرفة التجارية بالقاهرة للتحذير من أن الإجراءات المعقدة التي تتبعها وزارة الصحة, للسماح باستيراد هذه المستلزمات من الخارج تؤدي إلي زيادة المنتجات المهربة, مما يلحق أضرارا صحية بالمستهلكين المصريين ويؤثر سلبا علي الصناعة المحلية, كما أن إلزام الوزارة للمستوردين بتعقيم المستلزمات الطبية المستوردة من الخارج يتطلب تكاليف باهظة, مما يدفع ضعاف النفوس من المستوردين إلي تهريب هذه المستلزمات. ميكروبات وفيروسات خطيرة القانون لا يسمح باستيراد مناظير مستعملة من الخارج, هكذا بدأ الدكتور إبراهيم عبدالنبي رئيس وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بكلية طب عين شمس, حديثه مضيفا أنه تم حظر دخول الأجهزة والمستلزمات الطبية المستعملة في عهد الدكتور إسماعيل سلام وزير الصحة السابق, ولاشك أن التفاف البعض لاستيراد مقصات, ومراتب قرحة الفراش المستعملة هو أمر ينطوي علي قدر كبير من الخطورة, لاسيما أن هذه الأدوات قد تحمل بعض الفيروسات والميكروبات التي ربما تنتقل من الخارج, وقد يصعب علي الأطباء تشخيصها أو علاجها في مصر. وإذا كانت سلطات مطار القاهرة الدولي ومباحث ميناء الإسكندرية, ورجال الجمارك, كما يقول رئيس وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بكلية طب عين شمس, قد تمكنوا من ضبط الشركات التي حاول صاحبها إدخال رسالة مستلزمات, وأدوات طبية غير مطابقة للمواصفات, ومستعملة للبلاد بالمخالفة للقرارات الوزارية, فإن أكثر ما نخشاه هو أن تتسرب مثل هذه الصفقات إلي المستشفيات, والمستوصفات, التي لا تلتزم بإجراءات التعقيم السليمة, مما يهدد بإصابة مستخدميها من المرضي بأمراض خطيرة, وإذا كانت بعض المستلزمات الطبية قابلة للتعقيم, فهناك مستلزمات كالمراتب, والأسرة لا يمكن تعقيمها, فيتم استيرادها حاملة لمختلف الفيروسات والميكروبات. ولاشك أن التعقيم مسألة مهمة وضرورية لحماية المرضي, حتي لا تتسرب إلي أجسامهم أمراض خطيرة, وهو أمر مفروغ منه في المستشفيات الكبري, والمستشفيات الجامعية, ففيها يتم التعقيم بصورة منتظمة, بعكس مستشفيات الأحياء الشعبية, وهنا يتذكر الدكتور إبراهيم عبدالنبي أنه كان ضمن قافلة طبية, وهناك اطلعت القافلة علي غرفة عمليات داخل شقة, ولا توجد بها أدني اشتراطات الأمان الطبي والصحي, كما أنه لا توجد بها أبسط المستلزمات اللازمة لإجراء الجراحات البسيطة. سماسرة الأجهزة الطبية استيراد المستلزمات الطبية كما يقول الدكتور جمال الزيني عضو لجنة الصحة في مجلس الشعب السابق جريمة بكل المقاييس, فالبعض يلجأ لاستيراد هذه المستلزمات المستعملة لرخص أسعارها, وبالرغم من خطورتها الشديدة علي صحة المواطنين كما انها تنشر التلوث, والأمراض, لأنه لا أحد يضمن ان يتم تعقيم هذه الأدوات والمستلزمات بطريقة سليمة تجعلها آمنة عند استخدامها. وقد ناقشنا هذه القضية أكثر من مرة في لجنة الصحة بالمجلس, وطلبنا من وزير الصحة تشديد الرقابة من خلال الأجهزة المعنية ومن الضروري تكثيف الرقابة علي المنافذ البحرية والبرية, والجوية, حتي لاتتسرب أجهزة المناظير, والسرنجات وقسطرة القلب, المستعملة لخطورتها الشديدة علي صحة المرضي. عقوبات رادعة يتفق معه الدكتور شيرين أحمد فؤاد استشاري الجراحة حيث يؤكد خطورة هذه المستلزمات الطبية المستعملة بالخارج مشيرا الي ضرورة معاقبة كل من تسول له نفسه استيراد مثل هذه المعدات, والمستلزمات مشيرا الي ان المشكلة الحقيقية في الاستيراد تكمن في تعدد اجهزة الرقابة بين وزارات الزراعة والصحة والتجارة والصناعة والمالية وغيرها ولذلك يجب توحيد أجهزة الرقابة في جهاز واحد, وهو ماسيحدث عن إقرار مشروع القانون الخاص بإنشاء هيئة للرقابة علي الغذاء والدواء والموجود حاليا في مجلس الشعب. مصدر للعدوي وقد حظرت وزارة الصحة منذ عهد الوزير الأسبق الدكتور إسماعيل سلام استيراد الآلات والأجهزة الطبية المستعملة لخطورتها في نقل العدوي للمرضي حيث انها قد تكون محملة بالفيروسات التي تنتقل للمرضي عند استخدامها. هكذا قال لنا الدكتور خيري عبد الدايم نقيب الأطباء محذرا من استيراد مثل هذه الأدوات والأجهزة الطبية, مشيرا إلي أن المناظير, والأدوات الجراحية وأجهزة القسطرة القلبية والتنفس الصناعي, والغسيل الكلوي وجميع الأدوات التي تلامس جسم المريض يمكن ان تكون مصدرا للعدوي! ومع ان نقيب الأطباء يؤكد ان ظاهرة استيراد الأجهزة والأدوات الجراحية موجودة برغم حظر استيرادها لكنها تتمكن من دخول البلاد عبر التهريب حيث يجري استيرادها من العديد من الدول التي تعمل في مجال صناعة الأجهزة الطبية مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والمانيا, وفرنسا, وهولندا واليابان كما تقوم بعض المستشفيات بالاستيراد من دول أخري عند تجديد الأجهزة والمعدات الطبية لمستشفياتها بصفة مستمرة, فتتكالب بعض الشركات علي استيرادها وبيعها بغض النظر عن مدي خطورتها علي المرضي مشيرا إلي أن الأجهزة الطبية المستعملة تشكل عبئا في عمليات الصيانة لعدم وجود وكلاء لصيانتها من ناحية, كما أن هذه الأجهزة قد تعرض حياة المريض للخطر اذا تعطلت فجأة الأمر الذي يسلتزم التصدي لعمليات استيراد الأجهزة الطبية والآلات الجراحية لتجنب مخاطرها!!