أروع ما في التاريخ الإنساني من تراث وميراث, هو الحب الذي تتجلي فيه جماليات الوجود بكل ما فيها من صفاء ونقاء, فالحب هو الربيع الدائم للقلوب التي إن أحبت سمت إلي سدرة الإدراك, لما في الحياة من إشراقات حانية تفيض علي النفوس بفرح يخلب الألباب والأفئدة, لأنه كما قال الشاعر الذي عرف كنه الحب وهداه حدسه إلي قيمة جوهره الأصيل:( إن نفسا لم يشرق الحب فيها.. هي نفس لم تدر ما معناها).. فالحب حضارة واستنارة وهو مفتاح الكشف, كما يقول المتصوفة, وهم يجعلون من الحب طريقا إلي المعرفة وسبيلا إلي الاطمئنان ومسعي إلي خيال الإلهام. وفي هذا الصدد, يقول الإمام الجنيد, وهو من أئمة المتصوفة:( خلق هذا الكون بالحب ولا يدرك إلا بالحب).. أرأيت حب التوافق والتجاور والتحاور الذي يحيط بالألوان السبعة لقوس قزح التي إن ذابت معا لصارت لونا واحدا هو اللون الأبيض الذي هو أجلي خصائص الحب.. وقديما قال العشاق الذين شفهم الوجد إن كلمة الحب مكونة من حرفين, لأنها لا تكون إلا بين اثنين, لأن قلوب العشاق هي ترجمان لواعج ومباهج الحب. وأجمل ترجمة لذلك ما جاء في القرآن في سورة الروم:( هو الذي خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة...).. فالسكينة هي عماد الإيلاف, والمودة والرحمة هي مناط تزاوج القلوب, وما أجمل الحب حينما يتحول إلي محبة تشرق في بيوت الزوجية وفي العلاقات الإنسانية, وتجعل من القلوب قناديل مضيئة تشع بأرقي ما في الوجدان من إيقان وإيمان بقيمة الحياة الإنسانية. سمير معوض