سيدي.. ترددت كثيرا قبل الكتابة إليكم, ولكن شجعتني رسالة( زوجات الموبايل) لما بالرسالة من تشابه,بل تطابق لحياتي بل وحياة كثيرات من زوجات ضباط الشرطة الشرفاء, الذين لا يعلم عنهم وعن حياتهم شيئا غير أسرهم لما يعانونه من مرارة. فأنا أيضا زوجة لضابط مقدم وأم لولد وبنت وزوجي حفظه الله شخصية أكثر من رائعة بشهادة كل من يتعامل معه, فهو شخصية محترمة وحنونة وهو ممن يطلقون عليهم أنهم يعيشون من أجل الاخرين, ولكي لا أطيل عليكم فهو نعم الأب ونعم الزوج, ونعم الابن البار بوالديه( حفظهما الله ورعاهما ومنحهما الصحة والعافية) لحسن تربيتهما له. تزوجته منذ أن كان نقيبا, وكنا ومازلنا نعاني من المرتب الذي لا يكفي حتي الأكل والشرب, وتعلم سيدي انه ما أسهل الطرق التي يستطيع ضابط الشرطة ان يكسب منها الكثير, ولكن ما أصعب مواجهة الله وعقابه, فهو يتقي الله ويخشي عقابه. عمل زوجي عامين بصعيد مصر, وكنت وطفلتي نعيش بمفردنا في القاهرة, وآه من المأموريات التي كان دائما قبل القيام بها يتصل بي, ليسمع صوتي وصوت ابنته, ودائم القول خلي بالك من نفسك ومن البنت, يا عالم,, وآه من كلمة يا عالم وما تفعله بي من قلق ورعب وخوف حتي تنتهي المأمورية علي خير, وكم من أعياد واجازات نقضيها بمفردنا, تسألني ابنتي وابني دائما لماذا لا يقضي أبي معنا العيد, لماذا لا نسافر مثل أصحابنا؟.. وتؤذيني ابنتي التي لم تبلغ من العمر سوي تسع سنوات ونصف السنة بسؤالها عن ابيها في مقابلة أولياء الأمور في مدرستها, لماذا لا يأتي أبي مثل أصحابي هو مش بيحبني؟ ولا أملك سوي الرد بأنه لا يستطيع ترك عمله والحضور إلينا, هل تعلم الناس أنه في الأعياد والمناسبات التي تجمع الأسرة والأهل والأقارب نكون دائما بمفردنا ولا ننعم مثل غيرنا بأعياد وإجازات؟ هل تعلم الناس انه عند حدوث أي شيء في البلاد تلغي اجازات الضباط, هل يعلم الناس اننا مثلهم بشر نشعر ونتألم ونفرح ونحزن ونحس بالآخرين هل يعلم الناس انني وغيري من زوجات ضباط الشرطة نتحمل المسئولية كاملة, فنحن لأبنائنا الآباء والأمهات, بل هل تعلم وسائل الإعلام اننا بشر؟ معذرة سيدي قرأت لابنتي رسالة( زوجات الموبايل) وعندما علمت بأنني سأكتب لك رسالة صممت ان تكتب هي أيضا رسالة قررت أن ارسلها لك لتقرأها فهي بخط ابنتي وأقسم لك انها كتبتها بمفردها وببراءة الطفولة.. اقرأها سيدي وانشر ما بها حتي يعلم الناس وتعلم وسائل الإعلام ما فعلوه بأطفالنا وبنفسياتهم كم من شتائم في ضباط الشرطة نسمعها واسمعها وأنا في مقر عملي وعندما تنتبه احدي الزميلات بأن ذلك فيه إيذاء لي تعتذر وتقول: معلش إذا كان زوجك راجل محترم فهو وغيره قليلون معلش بقي وأنا ابتسم وأقول ان زوجي تتمني كل امرأة ان يكون زوجا لها, ولكن أشعر بمرارة لعدم قدرتي علي الدفاع الواجب عنه وعن مثله لأخلاقه النبيلة وحنيته وطيبته المفرطة, لا استطيع ان أوصل صوتي لوسائل الإعلام بالعداء الرهيب الذي تكنه لكل ضباط الشرطة ولكن سيدي اسمح لي بسؤال: هل ضباط الشرطة فقط هم الفاسدون في هذا المجتمع, كلنا تأثرنا وتألمنا وبكينا علي كل قلب توجع لفقدان ابن أو اصابته بمكروه, ولكن هل الذين فعلوا هذا بأبنائنا الشهداء وغيرهم, هم كل ضباط الشرطة, هل من أفسدوا وسرقوا ونهبوا هم كل ضباط الشرطة؟ اسمح لي سيدي واعذرني لإطالتي عليك ان أقول لك ان زوجي وهو يخدم في منطقة نائية كان أيام الثورة منذ الصباح الباكر وحتي ساعات الليل المتأخرة في العمل, وأنا أجلس وابنائي في حالة من الرعب والفزع بمفردنا بانتظار عودته, واه من الرعب الذي كنا نشعر به بمفردنا أنا وأبنائي وهو في العمل خوفا من اصابته بمكروه, نظرا للعداء الشديد الذي أصبح بين الشرطة والشعب, وآه من الرعب عند الاتصال به وعدم رده, لو قلت لك سيدي انني كنت أتوسل اليه الا ينزل للعمل خوفا عليه, وكان رده دائما: إن هذا واجبي ووجودي بين الناس حماية لهم حتي لو مت, اسمع كل يوم في عملي كلاما كثيرا عن الشرطة, وانهم لا يعملون وانهم معذرة( سفلة وخونة) وانهم متعمدون لهذه الفوضي وعدم الأمن في البلاد وأتعجب فأنا زوجي بحكم خدمته في منطقة نائية لا يأتي إلينا الا يومفي الاسبوع, وطوال الاسبوع في العمل ما بين مأموريات وعرض متهمين علي النيابة و.. و.. و... وأتعجب ممن يقولون انهم متآمرون علي الشعب بعدم العمل, وبث الفوضي في البلاد, وانهم عندما يأتي اليهم شخص ما بمشكلة لا أحد يسأل فيه,( مش عارفة ازاي) وأنا زوجي ومن معه دائما في العمل وخدمة الناس, وآه يا سيدي من مرارة المسئولية أعني مسئولية الزوجة لكل شيء بمفردها وخاصة لأطفالها, وآه من مرارة كلمة ابني الصغير وهو يقول بابا وحشني أوي ونفسي أشوفه وأنام في حضنه, أقسم لك انني اسمعها مرارا وتكرارا من طفلي كل يوم ومن ابنتي ايضا وخاصة ان يوم الاجازة لأبيهم مقسم ما بين مستشفي الشرطة لصرف العلاج الشهري فهو مريض ضغط عصبي منذ أكثر من عشر سنوات نتيجة ضغط الشغل وما يتعرضون له, وبين زيارة والده المريض.. معذرة سيدي واسفة لإطالتي عليك ولكن ها هي حياة أسرة ضابط شرطة سيدي. وأرجوك ان تسمح لي بأن أطلب منك ثلاثة أشياء راجية الله أن يعينك وتنشرها: أولا: شكري وتقديري لك لاعتذارك لصاحبة رسالة( زوجات الموبايل) لأنني شعرت ان هذا الاعتذار ليس لها وحدها بل لي ولأبنائي وزوجي ولكل من مثلنا ولأنني ولأول مرة منذ أحداث الثورة اسمع كلمة اعتذار لأحد ضباط الشرطة وأسرته. ثانيا: شكري لصاحبة رسالة( زوجات الموبايل) علي شجاعتها بإرسالها الرسالة والتي شجعتني أيضا للكتابة لك, ولتعلم انها ليست بمفردها في هذه المعاناة. ثالثا: أناشد من خلال بابك المسئولين بوزارة الداخلية النظر للشكاوي التي تقدم من الضباط وزوجاتهم والنظر في التظلمات التي تقدم لهم وخاصة أن هناك كثيرا من الضباط الشرفاء يريدون ان يخدموا الوطن بأرواحهم وبأسرهم أيضا بس حد يسمعهم ويريحهم في أماكن عملهم بدلا من تشتيتهم في مناطق بعيدة عن محال سكنهم وينظر لشكواهم وخاصة انني ايضا تقدمت بشكوي وطلب منذ شهور وأخذت وعودا بالرد علي طلبي ولم يرد أحد حتي الان فهل تستجيب؟.