ان تكون مسئولا في هذه المرحلة الانتقالية.. فهذا يعني انك تدخل الجحيم بقدميك.. فأنت لا تعرف ما أنت مقدم عليه. أن تكون مسئولا فهذا يعني أنك ستواجه غضبة الناس في الشارع كما لم يواجها مسئول منذ عصر مينا موحد القطرين.. فالغضب قد طفح من القهر والاستغلال والظلم والفساد. أن تكون مسئولا فهذا يعني أن تكون نظيف اليدين.. عف اللسان.. تمتلك أعصابا حديدية.. وتاريخا صحيا عظيما فلا داء السكري ينخر عظامك.. ولا ارتفاع للضغط يدفعك الي الانهيار في وقت الازمات. أن تكون مسئولا هذه الأيام فهذا يعني أن لا طموح لديك للاستمرار في منصبك الوزاري فسوف تتم التضحية بك علي مذبح المصلحة العامة.. فلا قدسية لمسئول أيا كان بعد اليوم.. فقد فضت تلك الغلالة من الاهمية عن المسئول ونزل من عليائه الي الناس في الشارع يتفاوض معهم. أن تكون مسئولا فهذا يعني أن تكون لديك القدرة علي الفعل ولذلك أدهشني أداء رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزوري في قلب الازمة التي نعيشها. في يوم واحد كما قالت إحدي الصحف اليومية انتقل الجنزوري من مكتبه في وزارة التخطيط بعد محاصرته بعدة مظاهرات احتجاجية الي الهيئة العامة للاستثمار. قبل أن ينتقل الي بحث مشكلات الاستثمار اختار 4 من الناشطين في مجال حقوق الانسان للتفاوض مع المعتصمين أمام مجلس الوزراء. استمع الي مطالب عمال شركة موبكو وعمال شركة المنوفية للغزل والنسيج وجابكو وبترويل.. بعضهم فضوا اعتصامهم.. والبعض ما زالوا. التفاوض هو أساس حل المشكلات السياسية والاقتصادية.. لم تعد تصلح عصا الامن المركزي لفض الاعتصامات.. ولقهر الناس وقمعهم. البعض يدين الاحتجاجات الفئوية وفي هذا ظلم عظيم لهؤلاء الذين يئنون في صمت منذ عشرات السنين.. دعوهم يعبرون عن آلامهم.. دعوهم يصرخون فقد ذهب الي غير رجعة زمن القهر. الاحتجاجات الفئوية تعطل العمل هذا صحيح.. لكن التفاوض قادر علي إعادة الامور الي نصابها.. وهذا ما يفعله رئيس الوزراء المتمرس صاحب الخبرة الطويلة باقتصاد مصر. المسئولية تقتضي في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها مصر أن يكون مبادرا خلاقا يسعي الي العمل الجماعي من أجل حل مشكلات الناس وأن يتجرد من ذاته.. فمصر تستحق ذلك وأكثر. المزيد من أعمدة جمال زايدة