فيما وصف بأول جرس إنذار لرئيس الوزراء الروسي القوي فلاديمير بوتين, شهدت روسيا أمس أضخم مظاهرات في تاريخها الحديث شارك فيها عشرات الآلاف من الغاضبين من أقصي الشرق الروسي حتي العاصمة موسكو. و ذلك احتجاجا علي نتائج انتخابات مجلس الدوما. التي جرت الأحد الماضي. وتضاربت التقديرات حول أعداد المتظاهرين في العاصمة, حيث قدرت الشرطة عددهم في موسكو وحدها بنحو20 ألف متظاهر, بينما أكد أحد منظمي المظاهرات أن بنحر40 ألفا شقوا طريقهم في موسكو إلي ميدان بلوتنايا بلوشاد, وذلك فيما وصف بأنه أكبر مظاهرة للمعارضة منذ التسعينيات من القرن الماضي. وحصلت المظاهرة التي شارك في تنظيمها وزير شئون مجلس الوزراء الأسبق بوريس نيمتسوف علي تصريح مسبق بتظاهر30 ألف شخص يطالبون بانتخابات نزيهة بعد رصد انتهاكات في الانتخابات البرلمانية الروسية. وبدأت مظاهرات الأمس التي تمت الدعوة إليها عبر شبكات التواصل الاجتماعي في مدينة فلاديفوستوك, كما احتشد الآلاف في المدن الروسية الأخري عبر سيبيريا, والأورال الطريقة نفسها التي تم بها حشد المتظاهرين في ثورات الربيع العربي. وفي مواجهة الصقيع والحضور الأمني المكثف, طالب المحتجون بالسجن للذين زوروا الانتخابات, وارتدوا شرائط بيضاء كرموز علي إحباطهم من نتائج انتخابات4 ديسمبر, ورددوا شعارات مثل أعلنوا نتائج الانتخابات. واعتقلت الشرطة20 شخصا في مدينة خباروفسكي الحدودية مع الصين بالقرب من ميدان لينين, حيث أمرت الشرطة بعدم التظاهر. كما أكد المنظمون أن نحو3500 شخص احتشدوا في مدينة كراسنويارسك, و1500 في مدينة تومسك التي اشتهرت بأن الحزب الحاكم عاني من هزيمة ساحقة بها. ويري المحتجون أن حزب روسيا الموحدة الحاكم سرق نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في الرابع من ديسمبر الجاري. وقالت وكالةإنترفاكس الروسية للأنباء إن حوالي ألف شخص من أنصار الحزب الشيوعي احتشدوا في مدينة فلاديفوستوك الساحلية المطلة علي المحيط الهادئ, وهتف المتظاهرون لا نريد ثورة.. نريد انتخابات عادلة. وشددت الشرطة من قبضتها الأمنية في أنحاء روسيا, حيث تم نشر50 ألف جندي, وكذلك مئات الشاحنات والأوتوبيسات التابعة لوزارة الداخلية في العاصمة, كما حلقت طائرات الهيليكوبتر في سماء موسكو, وأغلقت قوات الأمن مداخل الميدان الأحمر بالشاحنات, وذلك علي الأرجح منعا لاحتلال المتظاهرين للميدان والاعتصام بداخله علي غرار ميدان التحرير في القاهرة. وأكد الجنرال رشيد نورجالييف وزير الداخلية الروسية أن قوات الشرطة ستضرب بيد من حديد علي كل من يخالف القواعد المفروضة للتظاهر, محذرا من أي تحركات أو مسيرات تعقب المظاهرات التي حددت موسكو الرسمية مساحتها الزمنية بأربع ساعات فقط. وفي سياق متصل, انسحبت صحفيتان روسيتان بارزتان من مجلس الكرملين لحقوق الإنسان احتجاجا علي ما وصفتاه بتزوير الانتخابات البرلمانية. وذكرت وسائل إعلام روسية أن الصحفيتين سفيتلانا سوروكينا وإيرينا ياسينا انتقدتا تصدي الشرطة العنيف لمظاهرات المعارضين للحكومة. ودعا مجلس حقوق الإنسان الروسي في تلك الأثناء إلي إعادة الانتخابات في حالة ثبوت وقائع تزوير. وأعلن رئيس المجلس ميخائيل فيدوتوف أن أعضاء المجلس سيراقبون مظاهرات المعارضة. وذكر المحللون أن علي بوتين أن يختار بين الإصلاح أو تشديد قبضته الأمنية لضمان هيمنته. يأتي ذلك في الوقت الذي يستعد فيه حزب روسيا العادلة للإعلان عن ترشيح زعيمه سيرجي ميرونوف رئيس المجلس الفيدرالي الروسي السابق لخوض الانتخابات الرئاسية. ونقلت وكالة إيتار تاس الروسية عن نيكولاي ليفيتشيف رئيس الحزب أنه بصدد ترشيح ميرونوف خلال مؤتمر للحزب تنطلق أعماله بموسكو خلال ساعات. وذكر ليفيتشيف أن ميرونوف كان يرأس المجلس الأعلي للبرلمان الروسي لنحو عشرة أعوام, وكان ضمن أعضاء مجلس الأمن لروسيا الاتحادية, وسبق له أن التقي شخصيا بالكثير من الزعماء العالميين, كما أنه مطلع علي جميع قرارات السياسة الخارجية والداخلية.