لأحد ينكر أن الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي أجريت في محافظة القاهرة والإسكندرية ودمياط وبورسعيد وكفر الشيخ والفيوم وأسيوط والأقصر والبحر الأحمر خلال يومي 28 و29 من الشهر الماضي، أثبتت قدره القوات المسلحة ورجال الشرطة على تأمين العملية الانتخابية، وردع من تسول له نفسه للقيام بأعمال بلطجة، وذلك من خلال تأكيد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير محمد حسين طنطاوي على أن عملية التأمين ستكون على أعلى مستوى. ومن خلال تغطيتي للعملية الانتخابية في دائرة الرئيس السابق، لم أرى أيا من عمليات البلطجة أو الاشتباكات أو مصادمات بين أنصار المرشحين التي كنت أشاهدها في الماضي، وهو الحال في جميع الدوائر المختلفة سواء كانت في القاهرة أو المحافظات الأخرى، في الوقت نفسه هناك بعض المخالفات والتجاوزات الفردية التي شابت الانتخابات، من قبل بعض الأحزاب السياسية المختلفة، مثل توزيع مواد دعائية، ووجود بعض الأوراق غير مختومة بختم اللجنة العليا للانتخابات في بعض اللجان، وتأخر بعض القضاة عن عدم الوصول إلى لجانهم في الوقت المحدد في اليوم الأول من العملية الانتخابية. وهذه المخالفات والتجاوزات الفردية لا تقلل من الجهود المبذولة، من قبل المجلس الأعلى للقوات المسلحة واللجنة العليا للانتخابات في التيسير على الناخبين، وتذليل كافة العقبات والصعوبات التي كانت موجود في السابق وتمثل قيدا على سير العملية الانتخابية، أهمها عملية تسويد الكشوف لصالح المرشحين المنتمين للحزب الوطني المنحل، وإدراج أسماء لأشخاص غير موجودين على قيد الحياة "أموات"، فلأول مرة نجد أن الانتخابات تتم بالرقم القومي وأن يكون التصويت على مدي يومان، الأمر الذي ساعد على الإقبال الكثيف من قبل الناخبين. وعلى الرغم من وجود عده سلبيات في هذه المرحلة سيتم تداركها في المراحل المقبلة من قبل اللجنة العليا للانتخابات، إلا أن هناك إيجابيات شهدتها هذه المرحلة لابد من أبرزها، وهي إقبال المرأة للذهاب للتصويت والوقوف في صفوف منذ الصباح الباكر دون تمييز، إلى جانب كبار السن والمرضي الذين حرصوا على المشاركة في صنع مستقبل مصر الحديثة، بالرغم من التحذيرات التي كان تطلقها بعض القوى السياسية والائتلافات عبر وسائل الإعلام المختلفة، بوقوع عنف خلال عمليات التصويت، من اجل تخويف وترهيب المواطنين لعدم مشاركتهم في الانتخابات التي تعد بداية التحول الديمقراطي. فلقد شهدت الجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية خروج أعضاء الحزب الوطني المنحل من خلال "العزل الشعبي"، الذي دعوت إليه في مقالي يوم الثلاثاء الماضي، بسبب تخوف الأحزاب والتحالفات التي تضم مرشحين كانوا ينتمون للحزب الوطني المنحل من صدور قانون العزل السياسي، حيث طالبت فيه بضرورة أتاحه الفرصة "للفلول" في المشاركة في الانتخابات، ويقول الناخب كلمته وهذا ما تحقق فعلا من قبل الناخبين حيث تم الإطاحة بهم. حالة الهدوء التي أجريت خلالها المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية أبهرت العالم، من خلال الإقبال الكثيف من قبل الناخبين على لجان الاقتراع خاصة في الساعات الأولي من صباح يوم الاثنين قبل الماضي، وتؤكد دخول مصر مرحلة جديدة من الديمقراطية وتأسيس الدولة المصرية الحديثة القائمة على القانون والعدل. ولابد هنا من الإشارة إلى أن النتائج الأولية للفرز سجلت تقدما للقوى الإسلامية خاصة حزب "الحرية والعدالة" المنبثق من جماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب حزب "النور" التابع للجماعة السلفية، ثم الكتلة المصرية التي تضم أحزاب المصريين الأحرار والتجمع والمصري الديمقراطي، ثم أحزاب الوسط والوفد والثورة مستمرة وغيرها، إلى جانب حصول بعض الأحزاب التي ولدت من رحم الثورة على أصوات قليلة. وفي النهاية هناك عدة تساؤلات تطرح نفسها بعض نتائج عملية فرز الأصوات وتقدم التيار الإسلامي .. هل ستحدث مفاجأة في المرحلتين الثانية والثالثة من الانتخابات؟ .. أم ستحافظ التيارات الإسلامية على تقدمها من خلال بذل مزيد من الجهد والدعاية الانتخابية؟ .. وهل ستتحالف الأحزاب مع بعضها البعض ضد الأحزاب الإسلامية لكي تستحوذ على نصيب كبير في الجولتين المقبلتين؟ .. لننتظر الإجابة على هذه التساؤلات في الأسابيع المقبلة. [email protected] المزيد من مقالات عماد الدين صابر